FR AR
شارك على :

أزمة الدواجن في المغرب… تكاليف الإنتاج تشتعل والمربون على حافة الإفلاس

يعيش قطاع الدواجن في المغرب خلال الأشهر الأخيرة واحدة من أصعب فتراته، في ظل ارتفاع غير مسبوق لتكاليف الإنتاج، وتذبذب الأسعار، وضعف الرقابة والتنظيم داخل السوق. هذا الواقع دفع عددا من المربين إلى دق ناقوس الخطر بشأن مستقبل مهنتهم، محذرين من أن استمرار الوضع الحالي قد يؤدي إلى خروج العديد منهم من السوق، ويهدد استقرار أسعار اللحوم البيضاء التي تعد من أكثر المواد استهلاكا لدى الأسر المغربية.
تعد الأعلاف أكبر عبء على المربين، إذ تمثل حوالي 70% من تكلفة الإنتاج. وقد شهدت هذه المواد ارتفاعات متتالية متأثرة بتقلبات السوق الدولية، ما جعل المربين عاجزين عن التحكم في كلفة الدورة الإنتاجية. وفي الوقت ذاته، سجل سعر الكتكوت ارتفاعا مهولا ليصل في بعض الفترات إلى 12 درهما للقطعة، وهو رقم يعتبره المربون مبالغا فيه ولا يستند لأي مبرر موضوعي، خاصة في غياب آليات ضبط واضحة أو تدخل فعّال من الجهات الوصية.
ولا تتوقف المشكلة عند الأسعار فقط، بل تمتد إلى جودة الأعلاف والكتاكيت التي يصفها عدد من المهنيين بالمتذبذبة، ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى خسائر فادحة نتيجة ضعف النمو وارتفاع نسب النفوق، خصوصا داخل الضيعات الصغيرة التي لا تتوفر على الإمكانيات اللازمة للتعامل مع هذه الاختلالات.
السوق السوداء… وسماسرة يتحكمون في الأسعار
على مستوى التسويق، يواجه مربو الدواجن فوضى حقيقية. فغياب تنظيم فعّال للسوق فتح الباب واسعاً أمام السماسرة والوسطاء الذين يتحكمون في الأسعار، ويجنون أرباحا كبيرة دون أي مجهود إنتاجي، بينما يضطر المربون إلى البيع بهوامش غير كافية لتغطية تكاليفهم. وفي المقابل، يصل المستهلك إلى لحوم بيضاء بأسعار مرتفعة، ما يزيد من حدة الأزمة ويظهر الخلل الواضح في مسار السلسلة من الإنتاج إلى الاستهلاك.
ضعف الرقابة الصحية وخطر الأمراض الموسمية
كما يعاني القطاع من مشاكل مرتبطة بضعف الرقابة الصحية داخل الضيعات، ما يجعل المربين عرضة لانتشار أمراض موسمية قد تأتي على جزء كبير من الإنتاج. وتزداد حدة المخاطر خلال فصل الصيف، حين ترتفع درجات الحرارة بشكل كبير، ما يؤدي إلى ارتفاع معدلات النفوق داخل الضيعات التي تفتقر إلى تجهيزات تبريد وتهوية مناسبة.
المنافسة غير المتكافئة… والصغار أول المتضررين
وتتفاقم الأزمة بفعل المنافسة غير المتوازنة بين الضيعات الكبيرة والصغيرة. ففي حين تستطيع الوحدات الكبرى امتصاص الخسائر بفضل قدراتها المالية وتنظيمها الجيد، يجد المربون الصغار أنفسهم على حافة الإفلاس مع كل دورة إنتاجية، خاصة في ظل غياب الدعم الكافي وحماية السوق.
المربون يطالبون بتدخل عاجل لإعادة التوازن
أمام هذا الواقع المعقد، يطالب مربو الدواجن الجهات المختصة باتخاذ جملة من الإجراءات العاجلة، من بينها:
مراقبة جودة الأعلاف والكتاكيت بشكل صارم.
وضع سقف معقول لأسعار الكتكوت بما يضمن استقرار السوق.
محاربة الوسطاء والحد من السمسرة في حلقات التسويق.
دعم الاستثمار في التجهيزات الحديثة للتهوية والتبريد داخل الضيعات.
تنظيم السوق بما يحمي المنتج والمستهلك على حد سواء.
ويرى مهنيون أن إصلاح قطاع الدواجن لم يعد خيارا، بل ضرورة ملحّة لضمان الأمن الغذائي واستقرار الأسعار، وحماية آلاف المربين الذين يشكلون العمود الفقري لهذا النشاط الحيوي داخل الاقتصاد الوطني.


 

Partager sur :