
-ماكلور.
في زمن أصبحت فيه الحدود شبه منعدمة بين الصحافة الحقيقية وصناعة المحتوى التافه على مواقع التواصل الاجتماعي، يبرز الفارق الجوهري بين منبر إعلامي يسعى إلى تنوير الرأي العام وخدمة المجتمع، وبين من يقتات على الإثارة الرخيصة والتشهير في أعراض الناس، متدثراً بلباس الصحافة أو صفة “المؤثر”.
لقد أصاب الكاتب عبد العزيز الدريج حينما أشار في مقاله بـ”دادس مكون بريس” إلى التحول الخطير الذي يعيشه الإعلام بالجنوب الشرقي، حيث تحولت بعض الصفحات الفيسبوكية إلى فضاءات لتصفية الحسابات والانتقام، بدل أن تكون منصات للنقاش الجاد وكشف الحقائق والنتيجة: ضجيج فارغ يسيء للناس، ويختزل الإعلام في مجرد “البوز” ونشر ”إشاعات”.
الأخطر من ذلك – وهنا جوهر النقد – هو الزج بأسماء قبائل عريقة مثل آيت باعمران في قضايا لا تمتّ إليها بصلة، سوى عبر بعض الوافدين أو العابرين الذين لا يمثلون أخلاقها ولا تاريخها. فآيت باعمران معروفة في الشرق والغرب بأنها أرض الشرفاء الأحرار، ورمز للنبل والكرامة. وأي محاولة لربط اسمها بملفات التشهير أو المحاكمات الأخلاقية ليست سوى إقحام غير بريء يراد به تشويه رمزيتها التاريخية.
إن الإعلام، حين يتحول إلى منصة لنقل الأعراض إلى العلن والتسابق على الفضائح، يفقد رسالته النبيلة، ويسقط معه جوهر المهنة من الصدق والموضوعية. فالمطلوب ليس نقل أحداث قضائية أو نشر أخبار عابرة فحسب – كما في قضية تنغير الأخيرة – بل الكيفية التي يُدار بها الخبر: هل الهدف هو التفسير والبحث عن الحقيقة؟ أم تغذية فضول مريض بفضائح الناس وصناعة البلبلة؟
المؤسف أن كثيراً من “المؤثرين” يختارون الطريق الثاني، لأن سوق التفاهة يضمن لهم المشاهدات والمتابعين، فيما يتنكرون لمسؤولية الكلمة ويزجون بأسماء القبائل الأصيلة في مستنقع يسيء إلى الجميع.
إن الدفاع عن كرامة الناس، وعن تاريخ القبائل النبيل، مثل آيت باعمران، هو في جوهره دفاع عن كرامة الإعلام ذاته. فالإعلام حقيقي هو الذي ينحاز للحق، يفضح الفساد، وينير الدرب أمام المقهورين. أما إعلام الفضائح والتفاهة، فما هو إلا انحدار أخلاقي يهدد صورة المهنة قبل أن يسيء للأفراد.
إذا كان لا بد للإعلام أن يرفع راية، فهي راية النزاهة والصدق والكرامة، لا راية التشهير والزج بالقبائل في معارك لا علاقة لها بها. فآيت باعمران، كما كل قبائل المغرب الأصيل، أكبر وأشرف من أن تُستعمل كغطاء في مسرحيات التفاهة عبر مواقع التواصل الإجتماعي والمجتمعي.