
إعداد: ماكلور – قسم الشؤون الحقوقية والإعلامية
لم يكن اختيار اسم مولاي بعمران لثانوية مولاي باعمران التأهيلية بمدينة قلعة مكونة مجرد صدفة، بل استحضارًا لشخصية روحية وعلمية طبعت تاريخ المنطقة. فمولاي بعمران، الملقب بأبي عمران، استقر في ربوع دادس ضمن قيادة قلعة مكونة، قادمًا من سلالة المولى إدريس الأزهر الذي ولاه أخوه محمد بن إدريس على منطقة دادس وأحوازها.
هناك، رفع راية الإسلام، وبنى مسجدًا جعله منارة للعلم والعدل، حيث تولى القضاء والإمامة، ودافع عن أهل دادس ضد الغزاة الطامعين. وبعد وفاته، دُفن بزاويته التي صارت مزارًا يقصده طلاب العلم وحفظة القرآن، ومحطة سنوية لإحياء موسم عاشوراء، وظلت الزاوية شاهدًا على تداخل الدين والعلم والمجتمع في تاريخ القبيلة.
لكن، إن كانت ذاكرة أيت باعمران مشبعة بمآثر أجدادها وعلمائها، فإن حاضرها يواجه اليوم تحديًا من نوع آخر: التشهير الإعلامي.
القضية التي تفجرت مؤخرًا بمدينة قلعة مكونة، والمتعلقة بتدوينة فايسبوكية عن شكاية تقدمت بها سيدة ضد زوجها المسن، سرعان ما تحولت إلى مادة إعلامية مثيرة. بعض المنابر سارعت إلى النشر والبث المباشر، كاشفة عن هوية العائلة وصورها، في خرق صارخ لمقتضيات القانون.
ورغم أن المحكمة الابتدائية بتنغير برّأت العائلة لغياب الأدلة، فإن “محكمة الإعلام” كانت أسرع في إصدار أحكامها الرمزية، متسببة في أضرار معنوية طالت العائلة والقبيلة، بل وحتى مؤسسة القضاء.
القانون واضح… لكن التطبيق غائب
القانون 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر يضع ضوابط صارمة لحماية الأفراد من التشهير:
• المادة 89: تعاقب على نشر الادعاءات الكاذبة التي تمس الشرف.
• المادة 97: تمنع ذكر أسماء أو نشر صور المشتبه فيهم قبل صدور حكم نهائي.
• المادة 98: تعتبر التشهير جريمة وتمنح للمتضرر حق التقاضي.
غير أن غياب تفعيل هذه المقتضيات في قضية أيت باعمران فتح الباب أمام تساؤلات جدية:
• لماذا لم تُتخذ إجراءات ضد وسائل الإعلام المخالفة؟
• هل يُطبق القانون بصرامة على الأفراد ويُتساهل مع المؤسسات الإعلامية؟
ما وقع كشف ممارسات غير مهنية في بعض المنابر الإعلامية:
• المتاجرة بالقصص العائلية الحساسة لتحقيق نسب مشاهدة.
• نشر معطيات شخصية بلا سند قانوني.
• تجاهل قرينة البراءة المكفولة دستورياً.
حقوقيون من المنطقة وصفوا ما وقع بأنه “إهانة لكرامة القبيلة”، ودعوا إلى ضرورة تفعيل القانون بصرامة على وسائل الإعلام التي تنتهك حقوق الأفراد.
تاريخ أيت باعمران المشرق، الممتد من زاوية مولاي بعمران كمنارة للعلم والعدل، يجد نفسه اليوم في مواجهة تحدي الإعلام غير المنضبط. وما بين ماضٍ أسس للكرامة والهوية، وحاضر يشهد على اختراقها بالتشهير، يظل السؤال معلقًا:
هل ستتحرك النيابة العامة والهيئات التنظيمية لإغلاق ثغرات الممارسة الإعلامية، أم سيظل التشهير جرحًا مفتوحًا في جسد الصحافة المغربية؟