
بقدر ما يعتبر اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية حدث عظيم للملكة المغربية، بنفس القدر يعتبر الأمر " مصاب جلل " للبوليزاريو و الجزائر و من سار في ركبهما. لكن الا يستحق هذا القرار أن نخضعه لقراءة هادئة؟ قراءة تتضمن أيضا- من باب التناسق و التداخل الزمني - مسألة "تطبيع "العلاقة المغربية/ الإسرائيلية.
إخضاع القرارين لقراءة عضوية أو مكانيكية فيه اجحاف لاليات تفكيك و تحليل القرارات الاستراتيجية و السيادية للدول وكذا لابعادها و نتائجها. إذ على سبيل المثال لا الحصر، كان بإمكان الولايات المتحدة كقوة عظمى أن تضغط على المغرب مباشرة او من خلال الحلفاء الاقليمين المشتركين بينهما لتطبيع العلاقة بين المغرب و اسرائيل دون أن تحتاج لاتخاد قرار بحجم الإعتراف بالسيادة المغربية على صحراءه؛ و هي المالكة لسبل الضغط على كل دول العالم. كما أن المغرب- و بحكم قراءته الإستراتيجية تاريخيا- كان بإمكانه إعادة فتح مكاتب الإتصال بين الرباط و تل أبيب ألتي كانت- واغلقت ذات يوم - و بمبررات كثيرة و مقنعة جدا.
لذلك، من إستطاع اختراق الآخر؟ المغرب ام الولايات المتحدة الأمريكية؟، حتما المغرب.
وحتى من يقول من الخصوم- و حتى من الأطراف الداخلية- بأن المغرب خضع للمساومة في هذا الملف، فإنهم يعترفون- عن قصد أو بدونه- بان للمملكة المغربية قادرة على المساومة بالند مع اعظم قوة عالمية لما بعد 1945.
فأن يعود ترامب للنبش في تاريخ مرت عليه أزيد من 240 سنة كي يبرر اعترافه بالصحراء المغربية(اعتراف المغرب بأمريكا سنة 1777 ) , هو اكثر كلفة سياسية و زمانية و حضارية من إمكانية المغرب في العودة فقط ل 30 سنة لإعادة فنح مكاتب الإتصال.
وكما اشرنا في البداية إلى فارق الشعور بالصدمة لذا الخصوم والشعور بالعظمة لدينا، يمكننا أن نذهب بعيدا في " القراءة الهادئة " و نعتبر القرار الأمريكي- من باب علم النفس الاجتماعي- حصة علاجية(thérapeutique )- تسمح للجزائر و البوليزاريو بالدخول في صحوة المصالحة مع الذات, بل يمكن اعتبارها و بمفهوم الانتقاد الشرفي( honorable sauvetage ) ممر للخروج من " من الانقضاض النهائي " دون إهانة تسليم السلاح و إزالة الاحدية " بالمفهوم العسكري.
وضمن الأسئلة المشروعة و السريعة، نجيب بكل سرعة و مشروعية :ماذا لو تراجعت الإدارة الأمريكية المقبلة عن قرار الإعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء؟ تراجع امريكا من عدمه يمس في العمق بمصداقية الولايات المتحدة و قرار المغرب في الدفاع عن وحدته الترابية هو خيار ازلي سابق لقرار ترامب و مستمر معه أو بدونه. لأن القضية هي " قضية وجود و ليست قضية حدود ".
بقلم/عمر العلاوي./الحوز