كشف عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج، أنه قرّر رفع دعوى قضائية في مدريد، باسمه الشخصي، وكذلك باسم المؤسسة، على ما أوردته جريدة "إلموندو" الإسبانية من اتهامات في حقه وضد CCME، ضمن مادة نشرت نهاية الأسبوع الماضي.
وكانت "إلموندو" ذكرت، في مقال بنسختها الورقية وموقعها الإلكتروني، أن المسؤول المغربي وراء تمويلات ذات صلة بأعمال للمديرية العامة للدراسات والمستندات، الشهيرة بتسمية "لادجيد"، والموكولة إليها الأنشطة الاستخباراتية المغربية في الخارج، وأضافت أن "مبالغ مالية مهمة من هذه المخصصات وُجّهت إلى غير الأغراض المحددة لها"، وفق تعبيرها.
عبد الله بوصوف، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، قال إن الاتهامات الواردة في جريدة "إلموندو" الإسبانية مبنية على معطيات غير دقيقة أصلا، وتقوم على نتاج مخيلة كاتب المقال، معبّرا عن "الإدانة الشديدة لهذا الفعل غير المقبول بالمرّة".
كما انتقد الأمين العام لـ"مجلس الجالية" عدم تضمين ما جرى نشره لرأيه، وقال: "كاتب المقال لم يتصل بنا كي يطلب رأينا، عكس ما يدعيه، وأعطى مجلس الجالية المغربية المقيمة في الخارج مهام غير واردة في نصوصه؛ بينها الإشراف على التمويلات الموجهة إلى المغاربة خارج الوطن"، ثم أردف: "أؤكد ألا صلة لنا بأي دعم من هذا النوع، سواء في المجال الديني أو الثقافي، وتقارير المجلس الأعلى للحسابات تشير بكل وضوح إلى الجهات المسؤولة عن ذلك، ويمكن لأي كان أن يرجع إليها".
وشدد عبد الله بوصوف، ضمن تصريحه، على أن "الترويج للمغالطات والأكاذيب جزء من خطة عامة لجزء من الصحافة الإسبانية، خاصة اليمينية، ونتاج مرور اليمين الإسباني من حزمة أزمات؛ بعد خسارة الانتخابات التشريعية لآخر أبريل الماضي والانتخابات الأوروبية نهاية شهر ماي المنصرم، نتيجة فساد ضارب في النخبة اليمينية الإسبانية التي فقدت الشرعية والمشروعية داخل المجتمع الإسباني"، وزاد: "القوى اليمينية الإسبانية مفتقرة إلى مشروع مجتمعي، ولا تعمل حاليا إلا على التخويف من الأجنبي والهجرة والإسلام، وترى أن المغرب يمثل هذه العناصر مجتمعة".
كما يورد المتحدث نفسه: "مجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج المؤسسة المغربية الوحيدة التي تتوفر على نشاط مكثف حول الإسلام والثقافة في إسبانيا. وعلى المستوى الشخصي نشرت كتابين خلال السنة الماضية في إسبانيا حول الإسلام بالقارة الأوروبية، وأشرت إلى الموقف السلبي للحكومة الإسبانية من تدبير الحقل الديني، خاصة بعد الأحداث الإرهابية في برشلونة، وحملت المسؤولية لحكومة مدريد في ما جرى باعتبارها أهملت تدبير الإسلام عبر إيكاله إلى عناصر لا تتوفر على شرعية ميدانية، بإعطاء تمثيليته إلى أحد السوريين وجماعات إسلامية، بينما الإسلام المغربي هو الأكثر انتشارا بقرابة مليون مسلم في إسبانيا، وهذا ما أزعج المعنيين بالاختلال".
كما ذكّر عبد الله بوصوف بأن التحولات العالمية المعروفة؛ وأولها انسحاب المملكة العربية السعودية من تدبير الإسلام بمجموعة من مناطق العالم، بينها إسبانيا، حيث تتوفر على أكبر مركز إسلامي، تجعل البديل الطبيعي لتدبير الشأن الإسلامي هو المغرب، ما يجعل الساسة الإسبان، وفي مقدمتهم اليمينيون، لهم تخوف وهمي من الرباط. واسترسل: "هذا الوضع يؤطّر عددا من التحركات الإعلامية في المنابر اليمينية، التي عرفت هذه السنة نشر مجموعة من الاتهامات المتوهمة التي تروّج لتوزيع المال من أجل استقطاب مخبرين مفترضين، وهو صك الاتهام الموجه إلى كل مغربي يتحرك في إسبانيا".
"هذا ما عشناه مع الراحل محمد علي، المغربي المقيم في ثغر سبتة، الذي كان أحد رواد الشأن الإسلامي في المجتمع الإسباني، وواجه مثل هذه الاتهامات، وأيضا في حالة نور الدين الزياني، الذي طرد من إسبانيا منذ سنوات بعدما واجه هذه الاتهامات قبل اتخاذ القرار ضده دون محاكمة؛ دون إغفال ما طال البرلماني محمد الشايب، الحاصل على انتداب تمثيلي بالبرلمانين الكتالوني والإسباني، حيث هوجم بالتخابر مع المغرب والحصول على المال مقابل ذلك"، يقول الأمين العام لـCCME.
وعاود بوصوف التشديد على عدم دقّة "معطيات إلموندو"، وشجب محاولة ربطها بوجود نظر للقضاء الإسباني في الموضوع، نافيا التوصل بأي إشعار بوجود دعوى من هذا القبيل أو العلم بفتح تحقيق، وذلك رغم تواجده في مواعيد عدّة بإسبانيا، وحضوره الشخصي في أنشطة لمجلس الجالية تتواصل برامجها في المملكة الإيبيرية.
وزاد المسؤول المغربي: "هذه الأكاذيب عملت على الخلط بين جمعيات وشركة، متناولة حسابات مصرفية لإطارات جمعوية قبل العمد إلى توجيه الاتهام إلى شركة رغم عدم وجود علاقة بين الطرفين؛ ذلك أن المعاملات المالية للإطار التجاري، الذي أوقف نشاطه قبل ثلاث سنوات من الآن، يتوفر على تقارير محاسباتية متاحة عند الجهات الرسمية المختصة، وكل معاملاته دارت حول 100 ألف أورو لا مليوني أورو كل عام مثلما قالت El Mundo. أؤكد عدم وجود أي نوع من هذه المعاملات، وإن تم تقديم أي إشارة إلى ذلك نبقى مستعدين للوقوف أمام القضاء المغربي أولا، وأمام القضاء الإسباني أيضا، بلا خوف من الأمر".
كما أضاف عبد الله بوصوف أن ما تم نشره في المنبر الإسباني عينه جرى تقديمه وكأنه يتعلق بمافيا خطيرة جدا تعمل على تبييض الأموال، وعلّق قائلا: "المطّلع على القوانين الأوروبية الصارمة التي صدرت بعد الأحداث الإرهابية يعرف جيدا أن المراقبات المالية المشددة، زيادة على عيون الأجهزة الأمنية، تصعب حتى أداء فاتورة نقدا في كل أوروبا. وتتيح هذه القوانين إغلاق أي حساب بنكي إذا لم يتم احترام التشريعات، لذلك أستغرب الترويج لإمكانية وقوع عكس ذلك".
وختم الأمين العام لمجلس الجالية المغربية المقيمة في الخارج تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية بالتأكيد على أن "إلموندو" تنخرط في حملة للتشويه والتشويش، وتستهدف أنشطة CCME التي تتم بشراكات مع مؤسسات قوية ومؤثرة فوق التراب الإسباني، ببرامج تلقى إقبال مثقفين وأكاديميين في أوروبا، وأضاف: "كل ذلك يزعج اليمينيّين الذين لا يريدون أن تكون للمغرب صورة أخرى غير صورة النمطية المشوهة، ومن تجليات ذلك عمل المنبر الإسباني ذاته، بعد استهداف المجلس، على التطرق إلى قضية الصحراء بكمّ كبير من الزور والبهتان، مثلما عمل على نشر مقالات، في مناسبات كثيرة، كلها كذب على المؤسسة الملكية والبرلمان وعدد من الشخصيات المغربية".