Partager sur :

الدعم الفرنسي للسيادة المغربية على صحراءه تعزيز للروابط القائمة بين البلدين

بعد عقود من اعتماد الدبلوماسية الفرنسية سياسة أخذ العصى من الوسط، وبعد سنوات من تحركها في المنطقة الرمادية، ما أدى إلى تباعد بينها وبين المغرب، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، رسميا في رسالة موجهة إلى الملك محمد السادس، أنه “يعتبر أن حاضر ومستقبل الصحراء يندرجان في إطار السيادة المغربية”.

ولأن خطوة التقارب هذه، التي سعى إليها ماكرون ومعه حكومته من أجل «تطبيع» العلاقات بالغة الحساسية والتعقيد بين باريس والرباط، تأتي بعد فترة تردد وبرودة في العلاقات الثنائية. ما شكل نقلة نوعية تطرح علامات استفهام من قبيل: بأي معنى يمكن الحديث عن هذا الموقف الفرنسي؟ وإلى أي حد تجاوزت الدبلوماسية الفرنسية عقدة علاقة المستعمر بالمستعمر؟ وما مكاسب هذا الاعتراف على المستوى الإقليمي والدولي؟

وعن هذه الخطوة، قال إدريس لكريني، أستاذ العلاقات الدولية وإدارة الأزمات في جامعة القاضي عياض: “للموقف الفرنسي أهمية كبرى وستكون له حتما انعكاسات إيجابية على قضية الصحراء المغربية، وهذا القرار لا يمكن قراءته إلا في سياقه الذي يتميز بتنامي الاعتراف بالمبادرة المغربية، والتأييد للموقف المغربي في الدائرة الإفريقية والعربية والأوربية والدولية”.

وأوضح لكريني، في تصريح صحافي لإحدى الجرائد الإلكترونية المغربية ، أن هذا الموقف الفرنسي يأتي “بعد الأزمة الصامتة، التي برزت خلال الأشهر الأخيرة بين المغرب وفرنسا، والتي يمكن ردها إلى عوامل عديدة؛ منها حرص المغرب على إرساء شراكة متوازنة، شراكة غير انتقائية تستحضر مصالح المغرب، بدون استثناء أي بما فيها قضية الصحراء المغربية، إلى جانب الاعتبارات التجارية والاقتصادية والثقافية”.

وأكد الباحث في العلاقات الدولية أن “المغرب استطاع، في سياق مرافعته عن القضية الوطنية، أن يحول هذه الأزمة التي برزت في سياق العلاقات بين البلدين من محنة إلى منحة، مثلما هو الأمر بالنسبة للعلاقة بين المملكة المغربية والإسبانية خلال السنوات الأخيرة، والتي أفضت إلى تعزيز العلاقة بين الجانبين وبروز مظاهر من الثقة. ويبدو أن الموقف الفرنسي الأخير ستكون له تبعات إيجابية على مستوى تمتين العلاقات الثنائية، وعلى مستوى استثمار الإمكانيات المتاحة بين البلدين، في إطار الاحترام المتبادل، واستحضار مختلف مصالح الطرفين”.

وفي السياق ذاته سجل لكريني “أن الموقف الفرنسي لا يمكن النظر إليه كسلوك معزول، على اعتبار أنه يعكس تزايد قناعة المجتمع الدولي بخطورة الأطروحات الانفصالية التي لا تفضي قط إلى التنمية وإلى الديمقراطية؛ وبالتالي فحرص فرنسا على دعم الحكم الذاتي، الذي يعتبر الخيار الأساسي لحل هذا النزاع المفتعل في سياق الوحدة الترابية، والذي طال أمده، ويعد طريقا لإيجاد حل واقعي لهذا المشكل؛ لأنه يقدم مجموعة من الصلاحيات لسكان الصحراء لتدبير شؤونها، بصورة ديمقراطية، وبشكل يعزز تنمية هذه الأقاليم، ويسمح لها باستثمار امكانياتها الطبيعية”.

كما أكد المصرح لنفس الجريدة الالكترونية أن هذا الموقف ستكون له من زاوية أخرى آثار إيجابية على مسار القضية؛ لأن فرنسا دولة أوروبية وعضو بالاتحاد الأوروبي، ومن شأن هذا القرار الذي عبرت عنه باريس أن يكون له صدى داخل القارة الأوروبية التي تضم دولا ما زالت تعيش داخل دائرة التردد، وسيدفع إلى تجاوز بعض المواقف العدائية التي تتبناها بعض المؤسسات، من قبيل البرلمان والمحكمة الأوروبيين، في سياق الضغط على المغرب”.

وختم لكريني التصريح قائلا: “من ناحية أخرى، ففرنسا عضو بمجلس الأمن. لذلك، سيكون لموقفها آثار إيجابية على مواقف وقرارات هذه المؤسسة الدولية، المعنية بحفظ السلم والأمن الدوليين، وتدبير ملف القضية الوطنية، من أجل إرساء مقتضيات أكثر وضوحا وأكثر دعما لمشروع الحكم الذاتي”.

وتعليقا على القرار الفرنسي، أوضح حسن الدرهم، الفاعل السياسي بمدينة العيون، من جانبه، “أن الخطوة تعد تحولا جوهريا ولحظة تاريخية في موقف فرنسا من قضية الصحراء، خاصة أنه تزامن مع الاحتفالات بالذكرى الـ25 لعيد العرش؛ ما يعني أن الجمهورية الفرنسية خرجت من المنطقة الرمادية، بالاعتراف بمغربية الصحراء من خلال اعتبار حاضر ومستقبل الصحراء هو تحت السيادة المغربية”.

وأضاف الدرهم: “يعد هذا القرار القاضي مكسبا حقيقيا ونقطة مفصلية في مسار هذا النزاع المفتعل؛ لأنه يأتي من دولة عظمى ودائمة العضوية في مجلس الأمن. كما ستكون له انعكاسات إيجابية كبيرة على العلاقات بين الرباط وباريس، من خلال الزخم السياسي والاقتصادي والتجاري اللازم بالنظر إلى الروابط الوثيقة بين الشعبين المغربي والفرنسي، مبرزا في السياق ذاته أن الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء يعتبر بداية جدية لفتح صفحة تعاون مشترك بين البلدين سيكون لها الأثر العميق على الشعبين”.

وأشار المتحدث نفسه إلى أن “الموقف الفرنسي هو تجسيد للإرادة والدبلوماسية الملكية التي اضحت اليوم عنوانا بارزا لجل الانتصارات السياسية والدبلوماسية التي تجنيها بلادنا، كما أنها رسالة واضحة لكل بلدان العالم المطالبة اليوم بضرورة الوضوح في مواقفها من مغربية الصحراء ومبادرة الحكم الذاتي”.

 

Partager sur :