Partager sur :

التقاء الطب الشرعي والتقنيات الفضائية: نموذج تكاملي من بحث الرائد خدومه سعيد النعيمي، خبير إدارة الأدلة الجنائية – القيادة العامة لشرطة أبوظبي

 

السيدة ليلى الزعروري، متخصصة في مجال الطيران، وباحثة في الأدلة الجنائية الفضائية، ومهتمة بالشؤون القانونية والإصلاح القضائي. (جنيف، سويسرا)


📍جنيف،سويسرا

من علم الملابس الجنائي إلى الأدلة الفضائية: بحث علمي للسيد خدومه سعيد النعيمي

مع التطورات المتسارعة التي يشهدها علم الأدلة الجنائية، تزداد الحاجة إلى استكشاف الأدوات غير التقليدية التي يمكن أن تساهم في كشف الحقائق وتحديد المسؤوليات الجنائية، لا سيما في البيئات التي يصعب فيها الحصول على الأدلة المباشرة. ومن أبرز هذه الأدوات المستجدة، تبرز الأقمار الصناعية كوسيلة تحليلية وتوثيقية تفتح آفاقًا جديدة أمام فرق التحقيق والطب الشرعي، خصوصًا في ما يتعلق برصد التغيرات البيئية والجغرافية المرتبطة بالفعل الإجرامي.

وفي هذا الإطار، لا يمكن إغفال الدور المتنامي لما يُعرف بـ علم الملابس الجنائي، وهو أحد الفروع الدقيقة في الطب الشرعي الذي يركز على تحليل ما تحمله الملابس من آثار ودلالات، سواء كانت بُقع دماء، أو ألياف، أو تمزقات، أو غيرها من المؤشرات التي ترتبط بسيناريو الجريمة. وقد قدّم الخبير في الطب الشرعي، الرائد خدومه سعيد النعيمي، من القيادة العامة لشرطة أبوظبي – إدارة الأدلة الجنائية، دولة الإمارات العربية المتحدة، مساهمة علمية نوعية في هذا المجال، من خلال دراسته الموسومة “دلالات في علم الملابس الجنائي: نظرة تحليلية”، والتي نُشرت ضمن العدد السابع من مجلة الأدلة الجنائية (السنة الرابعة، يوليو 2012). وقد أضاء من خلالها على الأبعاد الجنائية والتفسيرية للملابس في مسرح الجريمة، مبرزًا كيف يمكن قراءة ما “تقوله” الأقمشة من تفاصيل تسهم في فك رموز الجريمة.

وتُعد هذه الدراسة من المحاولات الرائدة في تسليط الضوء على الأساليب التحليلية المرتبطة بالأقمشة والملابس ضمن السياق الجنائي، حيث تناول الباحث مجموعة من الحالات العملية التي أظهرت أهمية التوثيق الدقيق والتفسير العلمي للآثار المادية على الملابس. ومن أبرز ما توصّلت إليه الدراسة، أن الملابس قد تحمل دلالات زمنية أو حركية يمكن أن تكشف عن طبيعة الاعتداء أو اتجاه الهجوم أو حتى موقع الجاني والضحية أثناء وقوع الجريمة، وهو ما يعزز من قيمة هذا المجال كأداة إثبات دقيقة في التحليل الجنائي.

الرائد خدومه سعيد النعيمي هو أحد أبرز المتخصصين في الطب الشرعي وإدارة الأدلة الجنائية في دولة الإمارات العربية المتحدة، ويشغل موقعًا فاعلًا ضمن فريق التحقيقات المتقدمة في القيادة العامة لشرطة أبوظبي. وقد ساهم من خلال بحثه الرائد “دلالات في علم الملابس الجنائي: نظرة تحليلية” في ترسيخ مكانة هذا العلم ضمن أدوات الإثبات المعاصرة، مسلطًا الضوء على قيمة التوثيق النسيجي في بناء سيناريوهات الجريمة وفك رموزها.

دراسات

البحث العلمي : نظرة أولى في علم الملابس الجنائي

يفيدنا النظر في الموجودات من حولنا بأن الملابس تشغل حيزاً كبيراً منها، فهي يرتديها جميع الناس في الأحوال الطبيعية. فقد ترى ملابس الشخص قبل وجهه، وهي قد تختلف بين الأشخاص لعدة أسباب منها المستوى الاجتماعي والعمر والجنس والجنسية ونوع العمل والحالة الصحية. وتحمل الملابس معاني مختلفة منها جمالية وثقافية واقتصادية واجتماعية ومهنية ووظيفية واختصاصية. وقد يكون بعضها عليه نقوش وتطريز ورسومات خاصة تجعلها تتميز عن غيرها.

وفي هذا المقال سوف نتناول الملابس من ناحية العلوم الجنائية لبيان الدور الذي تقوم به في حل القضايا الجنائية وخدمة العدالة.

الملابس هي جزء من عالم المنسوجات وهي تضم استخدامات متعددة منها المفارش وأطقم الجلوس، والسجاد والمناشف والبطانيات والحبال، والألعاب والحقائب والشراشف والمفروشات والستائر والأحذية، والأحزمة، وأغلفة الكتب.

بعض الملابس قد تحتوي على مكونات غير نسيجية منها الجلود والفراء والخرز، أو السحاب المعدني أو البلاستيكي، أو الأزرار المصنوعة من الزجاج أو النحاس أو الحديد أو البلاستيك، والفصوص، والبذور، والعملات المختلفة الأنواع والأشكال والمقاسات، ومكونات صناعية أخرى .

ذكر الملابس في القرآن الكريم

وتم ذكر الملابس في القرآن الكريم من عدة جوانب منها قول الله تعالى: «يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سوءاتكم وريشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذلك من آيات الله لَعَلَّهُمْ يَذَكَّرُونَ».

 وقال تعالى «يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتَنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيكُم مِنَ الجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوَءَاتِهِمَا، «سورة الأعراف الآيات 26 - 27. 

ويقول الله تعالى: وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلْبَسْنَا عَلَيْهِمْ ما يلبسون (الأنعام الآية (9).

وقال تعالى: (قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّلْبُ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِن لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصَهُ بَدَمَ كَذب قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تصفون) (سورة يوسف الآيات 17 - 18).


- حاول أخوة يوسف عليه السلام الكذب على أبيهم يعقوب عليه السلام من خلال الادعاء بأن الذئب قد أكل يوسف عليه السلام، ولتقوية حجتهم قاموا بوضع دم ذي مصدر حيواني على قميص يوسف عليه السلام لتمثيله على أنه ناتج عن نزيف دموي من يوسف عليه السلام خلال أكل الذئب له. ولكن لم ينتبهوا إلى عدم وجود تمزقات أو آثار الأنياب الذئب في نسيج القميص مما دفع سيدنا يعقوب عليه السلام إلى التحقق من وجود مكيدة من قبل أخوة يوسف تبرر اختفاءه. كذلك قد يكون شكل توزع التلوثات الدموية على القميص دليلا إضافياً بأن تلك التلوثات وضعت على القميص ولم تنتج من صاحب القميص.

وقال تعالى : ( قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبْلِ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قَدْ مَن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قَدْ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كيدكن إن كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) ( سورة يوسف الآيات 26 - 28).

حيث تبين هذه الآية كيفية استخدام التمزقات التي توجد في الملابس للكشف عن الجريمة ولفك غموضها ولإعادة بناء أحداثها. فكان الجدال في موضوع الآية: هل كان يوسف عليه السلام على حق أم كانت زوجة العزيز على حق؟ ولحل هذا الجدال تم التوصل إلى أنه إذا كانت ملابسه قد تمزقت من الجهة الأمامية فهو دليل إلى أن الشخص كان يحاول الاعتداء على المرأة وهي موضع الدفاع عن نفسها فقامت بتمزيق ملابسه من الأمام لكف أذى الجاني عنها. وإذا كان تمزق قميصه من الخلف يشير هذا إلى أنه كان يحاول أو يبعد بنفسه عن المرأة ولكنها قامت بشد قميصه من الخلف لمنعه من الذهاب والهرب منها. وفي حالة سيدنا يوسف اتضح أن ملابسه تم تمزيقها من الجهة الخلفية مما يدعم إنه بريء مما نسب إليه من قبل امرأة العزيز.

وقال تعالى: «اذْهَبُوا بقميصي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْه أبي يأْت بصيرا» (سورة يوسف آية (93) تدل هذه الآية الكريمة بأن قميص سيدنا يوسف عليه السلام كان يحتوي على شيئ ساعد يعقوب عليه السلام في التعرف على أن ابنه ما زال على قيد الحياة. قال تعالى : ولما فصلت العير قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لأجد ريح يُوسُفَ لَوْلَا أَن تُفَنْدُونِ ( سورة يوسف آية (94) . هذا يدل على أن الشيء الذي ساعد على التعرف على سيدنا يوسف هو رائحة القميص، مما يبين أن الملابس تحتوي على دليل الرائحة والذي قد يساعد على التعرف على صاحب الملابس.

- الملابس في السنة المشرفة

عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم رواه أبو داود والترمزي وقال حديث حسن صحيح.

- الملابس في الشعر

قال الشاعر فاروقي الذي عاش في أواسط آسيا في القرن الحادي عشر الميلادي:

نسجت خيوطه من روحي ومن دمع القصيد
خيوط من بكاء وآهات وحزن مديد

هذا يدل على فهم للشاعر لطريقة صناعة المنسوجات وهي أصل الملابس وأن الخيوط فيها قد تستخدم بأنواع مختلفة في صناعة النسيج أو اللباس الواحد.

- الملابس وعلم الاجتماع

يقول ابن خلدون في مقدمته في فصل صناعة الحياكة والخياطة: «هاتان الصناعتان ضروريتان للعمران لما يحتاج إليه البشر من الرفه، فالأولى لنسيج الغزل من الصوف والكتان والقطن إسداء في الطول وإلحاما في العرض لذلك النسيج بالالتحام الشديد فيتم منها قطع مقدرة فمنها الأكسية من الصوف للاشتمال، ومنها الثياب من القطن والكتان للباس والصناعة الثانية لتقدير المنسوجات على اختلاف الأشكال والعوائد تفصل بالمقراض قطعاً مناسبة للأعضاء البدنية، ثم تلحم تلك القطع بالخياطة المحكمة وصلاً أو تنبيتاً أو تفسحا على حسب نوع الصناعة.

- الملابس كدليل جنائي

يمكن العثور على الملابس أو المنسوجات المختلفة بشكل عام في مسرح الجريمة أو أن يتم إرسالها للمختبر الجنائي للفحص. وتظهر أهمية الملابس من عدة جوانب منها ما يلي:

قد تمثل الملابس نفسها مسرح الجريمة.

قد تكون نفسها دليلاً جنائياً.

قد تحتوي على أدلة جنائية مختلفة.

قد تكون الملابس الدليل المتبقي الوحيد الذي يثبت الجريمة.

قد تحتوي الملابس على أدلة مهمة يتعذر وجودها في مكان آخر.

توزع وجود الأدلة المختلفة على الملابس يساعد على بناء مسرح الجريمة.

قد تكون بعض الأدلة محفوظة بشكل أكبر وهي على الملابس بالمقارنة بمسرح الجريمة.

قد تبقى الأدلة على الملابس لمدد طويلة.
قد تنتقل مخلفات الملابس من ألياف بين المجني عليه والجاني أو من مكان الحادث أو إلى الموجودين في المكان.

- لماذا الفحص الجنائي للملابس ؟

تساعد الملابس في الاستعراف على الأشخاص وربطهم بمسرح الجريمة واستخدام المعلومات في إعادة بناء مسرح الجريمة، ومساعدة جهة التحقيق والقضاء لفهم جوانب القضية من خلال الأدلة الموجودة في الملابس.

- الخبير الفاحص ودليل الملابس

يجب على الخبير معرفة عامة بأنواع الأقمشة والخيوط والألياف الخاصة بالملابس. وهذا سوف يساعد على حسن التعامل معها خلال عملية الفحص. حيث إن بعض الأقمشة تكون سهلة التمزق والإهتراء، مما يتطلب من الخبير الفاحص التعامل معها بحذر لتفادي إحداث تلف أو تمزقات غير مقصودة في اللباس الوارد للفحص.

- أنواع شعيرات وألياف الملابس؟

يمكن تصنيف الأقمشة المصنوع منها الملابس بشكل عام إلى الأقمشة المنسوجة، والأقمشة المحبوكة، والأقمشة غير المنسوجة. ويمكن بيان مصادر تصنيعها إلى ما يلي:

1- الألياف من المصادر الحية ويرجع مصدرها إلى الكائنات الحية ومنها المصادر الحيوانية مثل الشعر والوبر والصوف والحرير، وهي تتكون من مواد بروتينية من حيوانات الماعز والجمال والخرفان ودودة القز. والمصادر النباتية مثل الكتان والقطن والخيزران وهي تتكون من السليلوز.

2- المصادر الجيولوجية: هي خيوط مصنوعة من المواد التي تستخرج من الأرض مثل: الفضة والذهب والنحاس. حيث يتم استخدامها في تطريز الملابس وتزيينها.

3- الألياف الصناعية : وهي الألياف التي قام الإنسان بتصنيعها وهي تنقسم إلى جزئين الألياف المحورة وهي الألياف الطبيعية، سواء من مصادر حيوانية أم نباتية أو جيولوجية تمت معالجتها وتحويلها إلى مواد أخرى مثل: «الرايون» و«الفسكوز. الألياف المصنعة من مواد غير طبيعية وهي مثل: البوليستر ( عديد الإستر) والبوليمايد ( عديد الأميد)، ومشتقات البولي فينيل مثل: «النايلون» و«الأكريلك.

4- الألياف المخلوطة: وهي الشعيرات أو الألياف المصنوعة من مصدر أو أكثر من الأنواع المذكورة أعلاه مثل خلط الصوف مع ألياف النايلون.

ويتم عادة التعرف على المكونات التصنيعية للملابس من خلال قراءة الرقعة أو الملصق أو الطباعة التعريفية على الملابس التي وضعت فيها من قبل جهة التصنيع. ويستفيد الفاحص الجنائي من معرفة تكوين الملابس الصناعي من حسن التعامل معها من ناحية التعريف والرفع والتسجيل والتفسير الجنائي لكل ما يفيد القضية فيها.

- مراحل فحص الملابس

بشكل عام، يتم فحص المنسوجات ومن ضمنها الملابس على أربع مراحل وهي: فحص قطعة اللباس الكاملة، فحص قماش اللباس، فحص خيوط القماش، فحص ألياف الخيوط. وتعتمد طريقة الفحص على نوع القضية ومدى توفر الأدلة المختلفة.

- أنواع الأدلة الجنائية للملابس
يمكن تقسيم الأدلة الجنائية التي يمكن العثور عليها خارج أو داخل الملابس إلى :

- الدليل الوصفي

- الأدلة البيولوجية

وهي الأدلة ذات المصادر الحية آدمية الأصل أو غير آدمية الأصل مثل الدم، والشعر، واللعاب، والعرق، والخلايا الطلائية، والأنسجة الجسمية والحيوانات المنوية، والجلد، والريش، وحبوب اللقاح، وآثار النباتات المختلفة وأجزاء العظام، والحشرات.

ومن أكثر الأدلة الجنائية التي يطلب البحث عنها الحيوانات المنوية حيث يستفاد منها في القضايا الجنسية مثل: الاغتصاب واللواط والزنا. كون الحيوانات المنوية، تخرج بأعداد كبيرة فهي تلتصق بألياف الملابس، ويمكن الكشف عن وجودها والتعرف على صاحبها بواسطة البصمة الوراثية.
أما الدم أو التلوثات الدموية فيعثر عليها في كثير من الأوقات على الملابس سواء تلك الخاصة بالمجني عليه أم الجاني. ويمكن أن يكون الدم ذا مصدر آدمي أو حيواني. وتفحص التلوثات الدموية الآدمية للتعرف على صاحبها.

أما الشعر فهو مركبات بروتينية له شكل الخيوط ويمكن أن يكون من مصادر آدمية أو حيوانية. إذا تبين خلال الفحص أن الشعرة آدمية يتم وصفها شكليا ولونيا، وتقارن مع عينات أخرى إذا وجدت، ومن ثم يتم إجراء فحوص البصمة الوراثية عليها لبيان من هو صاحبها. وإذا كانت الشعرة حيوانية تسجل ويتأكد من نوع الحيوان خلال المقارنة مع عينات شعر مرجعية.

- الأدلة الكيميائية
هي مواد كيميائية ذات أهمية جنائية، وقد تكون ذات مصادر صناعية أو طبيعية وهي تنقسم من خلال علاقتها بالملابس إلى عدة أقسام طبقا لنوع القضية ومنها :

- المواد التركيبية الكيميائية لخيوط الملابس، ويساعد بيانها في عملية المقارنة بين الملابس المختلفة لبيان مدى التشابه والاختلاف فيما بينها. وتبرز الحاجة لهذا الفحص في قضايا الاختطاف والدهس والهروب بعد العثور على ألياف من المجني عليه في سيارة المتهم.

يمكن العثور على المواد المخدرة مثل الهيروين» في عدة حالات في الملابس سواء مخفية في الجيوب أم الأماكن السرية فيها، أو أن تكون ترسبت على السطح الخارجي للملابس.

- يمكن أن تحتوي الملابس كذلك على مواد وترسبات المواد قد تكون سامة في قضايا السموم. السوائل مخاطية أو بولية من الأشخاص المتوفين على الملابس، وقد يتطلب فحصها لبيان ما إذا تم إفرازها من أجسادهم، مواد سامة أو مخدرة.

- مواد مخلفات الإطلاق الناري والبارود، وهي المواد الناتجة عن عملية إطلاق الإسلحة النارية، وقد يتم العثور عليها في حالات إصابات في ملابس المجني عليهم أو ملابس المجني عليه. ويمكن رفع هذا الدليل الكيميائي وفحصه .

- الأدلة الفيزيائية

تنقسم إلى عدة أنواع منها :

التمزقات على الملابس، سواء من خلال التمزق بواسطة الشد أو بسبب أداة حادة. وتتم دراسة هذه القطوع لبيان كيفية حدوثها والأداة التي أحدثتها.

- يعد جانب من علم توزع التلوثات الدموية على الملابس دليلا فيزيائيا وحسابياً، بالرغم من كون الدم نفسة دليلا بيولوجيا. لأن توزع الدم في مكان الحادث وعلى الملابس تحكمه قوانين فيزيائية مثل: طريقة الحركة وزوايا انتقال النقاط الدموية من المصادر المختلفة.

- الوصف الفيزيائي للملابس مثل : الطول واللون والمكونات الخارجية والعلامات الأخرى، والتي تلعب دورا مهما في التعرف على الأشخاص.

فمثلاً عند تغيب شخص عن منزله أو فقدانه خلال الحروب يتم سؤال أهله أو أصدقائه عن الملابس التي كان يرتديها، وكذلك عند قيام شخص بحادث سرقة ما يتم سؤال المبلغ عن وصف ملابس السارق. وقد يستخدم الدليل الوصفي للملابس في عملية مقارنة صور الأشخاص الملتقطة بواسطة أجهزة التصوير المختلفة في مثل قضايا السرقة والاعتداءات الجنائية.

- الأدلة الجيولوجية

الأدلة الجيولوجية من المواد الشائع العثور عليها في الملابس، وهي قد تشمل الرمل والمعادن وحبوب اللقاح القديمة والأحفوريات الدقيقة. ويمكن أن تساعد على ربط الشخص بمكان الحادث حيث إن الرمل والأدلة الجيولوجية سوف تنتقل إلى الملابس عن طريق التلامس والاحتكاك المباشر أو غير المباشر.

- الملابس الذكية

بدأ في الآونة الأخيرة ظهور الملابس الذكية، والتي تدخل في تركيب بعضها أجهزة الكمبيوتر الصغيرة أو الدقيقة الحجم. هذا التطور ناتج عن التقدم التكنولوجي في التصنيع مثل أساليب وطرق علم النانوتيكنولوجي.

تستطيع مثل هذه الملابس القيام بمهام عديدة لا تستطيع الملابس العادية القيام بها. وقد تشمل وظائف الملابس الذكية ما يلي: طرد السوائل أو الأوساخ وعدم تلوثها بها، طرد البكتيريا والمواد العضوية، عدم تجعدها، الحماية من الأشعة فوق البنفسجية، قياس ضغط الدم. وقد تحتوي هذه الملابس الذكية.
كذلك على أزرار إلكترونية لإعطاء الأوامر الإلكترونية مثل: فتح الأبواب أو إجراء عمليات حسابية أو تطبيقات أخرى.
وتساعد الملابس الذكية في عمل الأدلة الجنائية، ولكنها قد تساهم في ضياع الأدلة، مثل عدم إمكانية رفع التلوثات البيولوجية منها لطردها وتكسيرها.
وقد تكون، مثل هذه الملابس من التحديات المستقبلية في علم الملابس الجنائي، والتي يتطلب التعامل معها بطرق مختلفة وحديثة ملائمة.

- تحلل الملابس كدليل جنائي


تسهم عدة عوامل في تحلل الملابس منها الحرارة، والتربة، والرطوبة، والعفن، والضوء، وسوائل التحلل من الجثث، والحشرات. هذا التحلل قد يؤدي إلى اختفاء أو تغير لون الملابس أو أن تختفي كامل الملابس. وقد ستخدم سرعة تحلل الملابس لتقدير وقت الوفاه اعتمادا على ظروف مكان الحادث ونوع الملابس.

- التعامل مع الملابس في مسرح الجريمة

يعتبر مكان مسرح الجريمة المكان الأول الذي تظهر فيه الحاجة لرفع الملابس لفحصها، حيث يمكن تلخيص الإجراءات المطلوب اتباعها في مكان الحادث إلى ما يلي:

• التعرف على الملابس التي لها علاقة بموضوع الحادث.
• تحديد قطع الملابس التي يتطلب رفعها.
• تصوير الملابس قبل رفعها، سواء من مكان الحادث أو من على المجني عليه أو من على المتهم.
• رفع الملابس بحذر لتجنب ضياع الأدلة التي توجد عليها.
• قد تتطلب بعض أنواع القضايا رفع الملابس من على المجني عليه قبل نقل الجثة من مكان الحادث إذا كانت توجد أدلة مهمة قد تتعرض للضياع أو التلف أو التلوث خلال نقل الجثة إلى المشرحة.

- تحريز الملابس
عند رفع الملابس وإرسالها للفحص في المختبر الجنائي يجب مراعاة الآتي:
• تجفيف الملابس بطرق سليمة قبل إرسالها للفحص.
• استخدام الأظرف الورقية لتحريز الملابس لتمتص الرطوبة ولمنع نمو العفن على الملابس.
• تحريز كل قطعة ملابس على حدة.
• تسجل المعلومات اللازمة على ظرف أو كيس أو حاوية التحريز مثل: اسم الدليل، وصف عام للدليل، اسم الشخص الذي يعود إليه، وقت الرفع، اسم الرافع، مكان الرفع، رقم الحرز، أسباب الرفع، نوع الفحص المطلوب.
• يجب مطابقة معلومات الحرز مع المعلومات الموجودة في الكتاب الرسمي.

- التعامل مع الملابس في المشرحة

في المشرحة تتم في كثير من الحالات إزالة ملابس المتوفين، ليتمكن الطبيب الشرعي من فحص الجثة. ويجب قبل وعند رفع الملابس إجراء ما يلي:
• وصف وضعية ونوع الملابس.
• تصوير الملابس قبل رفعها.
• الرفع بدون قطع الملابس بالمقص إذا أمكن.
• مراعاة عدم تلوث الملابس بمواد أخرى على طاولة التشريح التي يمكن أن تؤثر على الفحوص التي سوف تجرى في المختبر.

- التعامل مع الملابس في المختبر

• في المختبر الجنائي يتم التعامل مع الملابس كل على حدة وفحصها بأسلوب منهجي يبدا من خلال وصف وتصوير الحرز، وفض الحرز وتصوير قطعة الملابس في الوضعية التي كانت عليها، وصف قطعة الملابس بشكل عام من ناحية اللون والصفات المميزة، وصف للملصق التجاري، أو أي أرقام أو علامات خاصة، وصف للتلفيات والأضرار والتمزقات في قطعة الملابس، وأخذ القياسات اللازمة، وإجراء الفحوص المخبرية الأولية والتأكيدية، ورفع العينات المهمة.
• قد يتطلب خلال فحص الملابس وجود أكثر من خبير مثل خبير الفحوص البيولوجية وخبير البصمة الوراثية، وخبير المخدرات وخبير آثار الآلات وطبعات الأحذية وخبير الأسلحة النارية. وقد يتواجد كذلك مندوب من التحريات والمباحث الجنائية ليتسنى له الاستفادة من المعلومات الأولية، التي قد تساعد على القبض على المشتبه بهم أو للمساعدة برأيه عند الحاجة عن إي متعلقات أو صفات موجودة في الملابس.

- الصحة والسلامة

• يتوجب على المتعامل مع الملابس الخاصة بالقضايا الجنائية الالتزام بشروط الصحة والسلامة لحماية نفسه من المخاطر الصحية مثل: الأمراض التي يمكن تنتقل إليه من خلال الملابس. ومن شروط الصحة والسلامة لبس أدوات الوقاية والقفازات والكمامات ولباس مسرح الجريمة والمعطف أو سترة العمل المختبري.
• يجب الحذر عند التعامل مع الملابس من ناحية إمكانية احتوائها على أسلحة أو مواد خطرة ومراعاة الطرق السليمة لتجنب مخاطرها.
• قد تحتوي بعض الملابس على رائحة قوية ونفاذة لتحلل الجثث مما يتطلب التعامل معها بصورة خاصة لحماية الفاحص والدليل ومكان العمل والعاملين الآخرين في المكان.
• قد تحتوي بعض الملابس على حشرات سواء من الطائرة أو الخنافس أو يرقاتها المختلفة، مما يتطلب جمع وتسجيل والتعرف على هذه الحشرات ليتم الاستفادة منها في القضية.

- وقاية الملابس من التلوث

الوقاية من تلوث الأدلة العرضي من الأشياء المهمة في المختبرات الجنائية.
ولذلك يتم عند التعامل مع «دليل الملابس» في المراحل المختلفة الحرص على منع تلوثها بمواد غير موجودة بها وقت الحادث. وقد يؤدي هذا التلوث إلى ضياع الأدلة وعدم إمكانية فحص الملابس للوصول للنتائج المطلوبة منها.
فمثلا يجب على المختصين تقليل احتمالية تلوثات الملابس بالدم أو الرمال عند رفع الملابس، أو من خلال ملامستها مع الملابس الأخرى. ويتم رفض الملابس وتستبعد من الفحص إذا تم خلط ملابس المتهم مع ملابس المجني عليه، فبالرغم من هذا، يستبعد حدوثه، وإنما تجب الإشارة إليه للأهمية.

- خاتمة وتوصيات

هذا المقال حاول أن يوضح جوانب بسيطة من علم متشعب ومترامي الأطراف، وهو علمِ الملابس والمنسوجات الجنائي. وسوف تلعب الأبحاث في المستقبل دورا مهما في تقدم هذا العلم. ويتطلب تطوير هذا الأمر بزيادة التعريف بدور الملابس وطرق فحصها كدليل جنائي بين العاملين في مسرح الجريمة والأدلة الجنائية والنظام القضائي.


 

دمج علم الملابس الجنائي مع استخراج الأدلة عبر الأقمار الصناعية

التكامل بين علم الملابس الجنائي وتقنيات الاستشعار الفضائي: إطار جديد لاستخراج الأدلة

تُظهر نتائج هذا البحث أن علم الملابس الجنائي، كما بيّنه الرائد خدومه سعيد النعيمي، الخبير في الأدلة الجنائية والطب الشرعي، في دراسته التحليلية الرائدة، يُعد أداة دقيقة لفهم السياقات المادية المرتبطة بالجريمة، من خلال تحليل الأقمشة والأنسجة وما تحمله من آثار حركية وزمنية.

وفي السياق ذاته، تُسهم السيدة ليلى الزعروري، المتخصصة في مجال الطيران والباحثة في العلوم الجنائية الفضائية، التي تركّز في أبحاثها على استخراج الأدلة الجنائية عبر الأقمار الصناعية ، في فتح آفاق بحثية جديدة تُبرز الدور الحيوي للتقنيات الفضائية الحديثة في توثيق الجرائم ومراقبة مسارحها، خاصة في المناطق النائية أو في الحالات التي تُبذل فيها محاولات ممنهجة لإخفاء الأدلة. وتوضح من خلال أبحاثها كيف يمكن للصور الفضائية عالية الدقة أن توفر مؤشرات مكانية وزمانية دقيقة، تساعد فرق التحقيق في تتبّع بقايا مادية مثل الملابس أو الجثث، تمهيدًا لإجراء التحليلات الجنائية الدقيقة عليها، بما يسهم في توسيع هذا التقاطع النظري والعملي بين علوم النسيج وتحليل المعطيات الفضائية.

ويُبرهن هذا التلاقي بين التحليل النسيجي والمراقبة الفضائية على إمكانات واعدة لتطوير أدوات الكشف والتحقيق، بما يتجاوز الفصل التقليدي بين فروع الطب الشرعي، نحو رؤية تكاملية تعزّز من فعالية استخراج الأدلة ودقة تفسيرها. ومن ثم، فإن الجمع بين ما “تقوله” الأنسجة وما “تُظهره” الأقمار الصناعية يُشكّل نقلة نوعية في مسار العدالة الجنائية، الوطنية والدولية، في مواجهة الجرائم المعقدة والمقنّعة.

 


 

{يتبع}

https://maglor.fr/arabe/dwr-alaqmar-alsnayt-fy-dm-altb-alshry-walthqyqat-aljnayyt


 

Partager sur :