Partager sur :

عبد العالي المصباحي: مسار قضائي رفيع في خدمة العدالة الجنائية المغربية



📍جنيف،سويسرا


 

عبد العالي المصباحي: عقود من العطاء في خدمة العدالة الجنائية المغربية

في زمن تتعاظم فيه التحديات التي تواجه العدالة الجنائية، تبرز أسماء قضائية أسست لفكر قانوني أصيل، وممارسة مهنية راقية، تواكب روح الدستور ومتطلبات الدولة الحديثة. من بين هذه الأسماء، يسطع نجم عبد العالي المصباحي، باعتباره أحد رموز القضاء الجنائي المغربي، وفاعلاً وطنيًا ساهم بشكل فعّال في بناء منظومة قضائية تستجيب لانتظارات المجتمع، وتنهل من مرجعيات دولة الحق والمؤسسات.

 

تجربة مهنية راسخة في النيابة العامة

لأكثر من 34 سنة، راكم الأستاذ المصباحي تجربة متميزة في مجال النيابة العامة، إذ شغل مناصب حساسة من نائب أول لوكيل الملك ومحامٍ عام بمحكمة النقض، إلى توليه مسؤولية وكيل الملك بعدد من المحاكم المغربية. وقد أكسبته هذه المهام فهماً دقيقاً للواقع القضائي، وتقديراً متقدماً لموازين العدالة بين المتابعة والإنصاف.

تتجلى بصمته بشكل خاص في تخصصه في قضايا العنف ضد المرأة والطفل، والأحداث الجانحين، وهي قضايا ذات حساسية اجتماعية بالغة، تطلبت فهماً مركباً للأبعاد القانونية والإنسانية. كما كان من أوائل القضاة الذين ساهموا في تأسيس الغرف المتخصصة في قضايا الصحافة، ما يعكس وعيه بأهمية تكييف العدالة مع مستجدات حرية التعبير والمجتمع الإعلامي.

 

كفاءة علمية في علم الإجرام وصياغة التشريع

لم يكن الحضور القضائي للمصباحي بعيداً عن ميدان البحث الأكاديمي؛ فقد حصل على الماجستير في علم الإجرام، ويواصل دراسته كباحث في سلك الدكتوراه. وهو ما يعكس انخراطه العميق في الدينامية العلمية الرامية إلى تأصيل الممارسة القضائية بمعرفة علمية رصينة. هذا التكامل بين الممارسة والتأصيل جعله فاعلاً في صياغة القوانين والتعليق عليها، ومرجعية في تطوير السياسة الجنائية.

إن مساهماته العلمية، سواء عبر المحاضرات الجامعية، أو الندوات الوطنية والدولية، تجعله من الأصوات النادرة التي تجمع بين الفقه والتطبيق، وبين التنظير والمرافعة.

 

التكوين والتأطير: من خدمة القضاء إلى بناء الأجيال

تميّز عبد العالي المصباحي كذلك بدور محوري في تأطير القضاة وأطر النيابة العامة، سواء من خلال المحاضرات أو المداخلات الموجهة على الصعيدين الوطني والدولي. لقد ألقى عروضًا علمية في بلدان عربية وأوروبية حول مكافحة الجريمة العابرة للحدود، جرائم الإنترنت، غسيل الأموال، حماية القاصرين، والتكفل بالنساء ضحايا العنف، ما جعله سفيرًا للقيم القضائية المغربية في المحافل الدولية.

 

مؤلفات تعكس عمق التجربة ووضوح الرؤية

صدر له عدد من المؤلفات التي تمثل مرجعية في المجال، من بينها:

  • العنف ضد المرأة بين الواقع والقانون
  • نظرات في القانون (في أربعة أجزاء)
  • تدبير المنازعات في المادة المدنية: مسطرة الخبرة نموذجاً
  • مقترحات حول عمل رئاسة النيابة العامة ومحكمة النقض 

وتجمع هذه الإصدارات بين العمق القانوني والطرح النقدي البناء، وتسعى إلى تعزيز الفعالية القضائية والنجاعة المؤسساتية.

 

حضور إعلامي مسؤول ومتنوع

لم يكتف الأستاذ المصباحي بإسهاماته في قاعات المحاكم والمدرجات العلمية، بل حرص على الانفتاح على الرأي العام من خلال المشاركة في برامج إذاعية وتلفزيونية، تطرق فيها لقضايا اجتماعية وقانونية هامة مثل: التحرش الجنسي في أماكن العمل، الجريمة الإلكترونية، استقلال القاضي، عقلنة الاعتقال، فلسفة التشريع، وغيرها.


 إن سيرة القاضي عبد العالي المصباحي هي نموذج للقاضي الذي يُزاوج بين عمق التجربة وصرامة الأخلاق، وبين الحس المهني والبُعد الإنساني. رجل استثمر رصيده العلمي والمهني من أجل عدالة أكثر عدلاً، ومؤسسات أكثر شفافية، ومجتمع أكثر ثقة في قضاءه.

إنه، أحد الأصوات النزيهة والهادئة التي عملت بصمت، ولكن بإصرار، من أجل تطوير الممارسة القضائية المغربية، وجعلها في مستوى ما يطمح إليه المجتمع والدستور معاً.


 


 

Partager sur :