Partager sur :

بدعم مغربي قوي.. جيبوتي تفوز برئاسة مفوضية الاتحاد الإفريقي وتُجهض مشروع الجزائر

الاتحاد الإفريقي، متفوقةً على رئيس الوزراء الكيني السابق، رايلا أودينغا، المعروف بمواقفه المناهضة للوحدة الترابية للمغرب. هذا الفوز يعكس دينامية الدبلوماسية المغربية ونجاحها في تعزيز تحالفاتها داخل القارة الإفريقية، مما يرسخ موقعها كفاعل رئيسي في رسم معالم مستقبل القارة.

الانتخابات: منافسة إقليمية حادة

خلال القمة الـ38 التي عُقدت في أديس أبابا يوم 15 يناير 2025، شهدت الانتخابات تنافسًا سياسيًا شديدًا بين المحاور الإقليمية، حيث عملت كل من جيبوتي وكينيا على حشد الدعم عبر اتصالات مكثفة مع الدول الأعضاء، لا سيما في ظل اشتراط الحصول على أغلبية الثلثين للفوز بالمنصب. في النهاية، حسم محمود علي يوسف، الذي يشغل منصب وزير الخارجية الجيبوتي منذ 20 عامًا، السباق لصالحه، مستفيدًا من دعم مغربي حاسم.

الدعم المغربي: رافعة للنجاح الدبلوماسي

لم يكن هذا الفوز ممكنًا دون دعم دبلوماسي مغربي قوي، حيث عملت الرباط على تأمين تحالفات استراتيجية داخل الاتحاد الإفريقي، ضمنت نجاح مرشح جيبوتي في مواجهة منافسه المدعوم من الجزائر وجنوب إفريقيا. وتُظهر هذه النتيجة فعالية السياسة الخارجية المغربية في بناء الشراكات، وتحقيق أهدافها الجيوسياسية عبر استراتيجيات مدروسة ومتعددة الأبعاد.

 

رد فعل الجزائر: انسحاب غاضب

عقب الإعلان عن النتائج، غادر الوفد الجزائري قاعة الاجتماعات متوجهًا مباشرة إلى مطار أديس أبابا دون التقاط صورة تذكارية مع القادة الأفارقة، في خطوة تُعبر عن استياء دبلوماسية النظام الجزائري من هذا الإخفاق. هذا المشهد يعكس تراجع نفوذ الجزائر داخل الاتحاد الإفريقي، وفشلها في فرض أجندتها السياسية رغم محاولاتها المتكررة.

المنصب المالي: المغرب لم يخسر معركة غير ذات أولوية

أما فيما يتعلق بمنصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي المكلف بالشؤون المالية، فقد ترشحت السيدة لطيفة أخرباش لهذا المنصب، وحصلت على 22 صوتًا مقابل 27 صوتًا لمنافستها. لكن على عكس ما قد يُروج له البعض، لم يكن هذا المنصب أولوية دبلوماسية للمغرب، الذي كان هدفه الاستراتيجي الأول قطع الطريق على رايلا أودينغا – المدعوم من الجزائر – لتولي رئاسة المفوضية.

بالإضافة إلى ذلك، ساهم غياب ست دول صديقة للمغرب (غينيا، الغابون، السودان، بوركينا فاسو، النيجر، مالي) عن التصويت – بسبب عقوبات الاتحاد الإفريقي – في التأثير على النتيجة. ولو شاركت هذه الدول، لكانت النتيجة مختلفة جذريًا، لا سيما مع دعمها التقليدي للمغرب.

الخلاصة الاستراتيجية: انتصار مغربي بامتياز

من يُصور فوز الجزائر بمنصب نائب الرئيس كـ"انتصار" لها على المغرب، فهو يجهل تعقيدات اللعبة الدبلوماسية وحساباتها الاستراتيجية. فالمغرب نجح في تحقيق هدفه الأساسي بإفشال مشروع الجزائر وحلفائها في السيطرة على رئاسة المفوضية، وفرض تحالفه مع جيبوتي كقوة دبلوماسية فاعلة داخل الاتحاد الإفريقي.

وبهذا الفوز، يؤكد المغرب مجددًا دوره القيادي داخل القارة الإفريقية، ويُعزز مكانته كلاعب رئيسي في صناعة القرار الإفريقي، مستفيدًا من شبكة تحالفات قوية ومؤثرة ستظل داعمة لمواقفه في مختلف القضايا الاستراتيجية.

 

Partager sur :