بمناسبة الاحتفال بمرور 25 سنة على تربع الملك محمد السادس على العرش، قال عبد الله بوصوف، الخبير في العلوم الإنسانية، إن “رئيس الدولة المغربية حرص، طيلة ربع قرن من برامج العمل والبناء والإصلاح والتجديد، على احترام خصوصية الشخصية المغربية والتقاليد العريقة. لذلك، كان يحرص على التذكير بأدواره الدستورية والشرعية كأمير المؤمنين”.
وأضاف بوصوف، في مقال له بعنوان “الملك محمد السادس..ربع قرن من الأصالة المتجددة والمعاصرة الملتزمة بقيمنا المقدسة”، أنه “بفضل نوع العلاقة التي نسجها الملك محمد السادس مع شعبه منذ اليوم الأول، كان الأخ الأكبر وكبير العائلة الذي ينتظره المغاربة في الطرقات للسلام عليه سواء داخل الوطن أو خارجه”، مشيرا إلى أن “الاحتفال بمرور ربع قرن من حكم الملك محمد السادس هو احتفال بصفحات مضيئة للعهد الجديد وبثورات هادئة قادها بكل عزم”.
نص المقال:
يقال إن المناسبة شرط، والاحتفال بمرور 25 سنة على تربع الملك محمد السادس على عرش البلاد ليس بالمناسبة العادية. كما أن الملك محمدا السادس ليس بالشخصية العادية..
ربع قرن من الشغف والعمل بكل تفانٍ لصالح المواطنين المغاربة الذين وصفهم في أول خطاب العرش في 30 يوليوز من سنة 1999..”كل المغاربة هم إخوة من رحم واحد وأبناء بررة متساوون تشدهم إلينا روابط التعلق والولاء…”
لقد رسم معالم العهد الجديد في أول خطب العرش وثورة الملك والشعب وافتتاح البرلمان وذكرى المسيرة الخضراء وأمام رجال السلطة والمنتخببن بالدار البيضاء سنة 1999.. كما أنتج مصطلحات جديدة…. فهو الموجه والمرشد والناصح الأمين والحكم الذي يعلو فوق كل انتماء حزبي أو نقابي أو سياسي… واختار المغرب ومصالح المواطنين كحزبه الوحيد.. انطلاقا من مفهوم المسؤولية العظمى والأمانة العظمى… وميثاق البيعة الشرعية ماداً يده منذ اليوم الأول لشعبه الوفي قائلا: “مما يقوي فينا العزم على مواصلة البناء يدا في يد وفي تلاحم بيني وبينك سيبلوره العمل المشترك الذي سنحقق به جليل الأهداف وما تتطلع إليه من كبير الآمال…” وهي المقاربة التشاركية التي أنعشها المفهوم الجديد للسلطة وثورات هادئة في الممارسة الديمقراطية والانفراج الحقوقي والاجتماعي والمصالحة الوطنية، وتحديد الصحراء المغربية كأولوية وطنية يليها ملف التربية والتعليم ثم ملفات محاربة البطالة وقضايا مغاربة العالم والجهوية والاستثمار… وغيرها…
فطيلة ربع قرن من برامج العمل والبناء والإصلاح والتجديد، حرص رئيس الدولة المغربية على احترام خصوصية الشخصية المغربية والتقاليد العريقة.. لذلك، فقد كان يحرص على التذكير بأدواره الدستورية والشرعية كأمير المؤمنين… وبالمعادلة الملكية، أي “أصالة متجددة ومعاصرة ملتزمة بقيمنا المقدسـة…”…
لا ينكر إلا جاحد ولئيم الوجه المشرق للمغرب وبصمات الرؤية الملكية المتبصرة في ميادين عديدة جعلت من المواطن المغربي هو مركز كل الإصلاحات والاستراتيجيات، سواء في برامج التغطية الصحية أو التعليم أو الشغل والاستثمارات…
صحيح أن المغرب تعرض لأحداث فرملت من سرعة تطوره ونموه؛ كالضربات الإرهابية، وموجات الجفاف، وتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، والربيع العربي، والكوفيد… خرج منها المغرب منتصرا، بفضل عبقرية وبصيرة الملك محمد السادس والتلاحم بين العرش والشعب… وبفضل نوع العلاقة التي نسجها الملك محمد السادس مع شعبه منذ اليوم الأول.. وطيلة ربع قرن ، فقد كان الأخ الأكبر وكبير العائلة الذي ينتظره المغاربة في الطرقات للسلام عليه، سواء داخل الوطن أو خارجه…
كما أنه رسم صورة “الملك الإنسان” في المخيال المغربي، إذ نزع بكل تواضع الملوك عن شخصه “القداسة” وحرص على إشراك الشعب في حالته الصحية، فشاهده أفراد الشعب بعكاز صحي ومحاطا بأسرته حول سرير طبي وأعلن الديوان الملكي عن إجرائه عملية كبيرة على القلب في زمن الكوفيد…
الملك الإنسان لم يتأخر أبدا عن تقديم التعازي والمساعدة لضحايا الإرهاب والفيضانات وزلزال الحوز ولأسرة الطفل ريان…كان دائم الحضور وسط أفراد شعبه الذين بادلوه الاحترام والتقدير والولاء والإخلاص للبيعة الشرعية…
أعتقد أن الاحتفال بمرور ربع قرن من حكم الملك محمد السادس هو احتفال بصفحات مضيئة للعهد الجديد وبثورات هادئة قادها بكل عزم، من أجل تحقيق معادلات الدولة الاجتماعية ومن أجل التنمية المجالية ومن أجل تحقيق شروط كرامة المواطن وأمنه…
لذلك، فقد عشنا برامج وميثاقات خاصة بالتربية والتعليم وحقوق الإنسان والحريات العامة والإعلام وأخلاقيات المهنة وخلق تعاضدات اجتماعية جديدة ومؤسسات حكامة دستورية وأخرى قانونية في مجالات الأمازيغية وحقوق الإنسان والأسرة والشباب والإعلام ومجلس الجالية والمنافسة والوسيط والمجلس الاقتصادي والاجتماعي….. وعشنا إصدار مدونة جديدة للأسرة سنة 2003 ومراجعتها..
بعد عشرين سنة، عشنا أيضا تقرير الخمسينية ومسلسل الإنصاف والمصالحة ومخاضات النموذج التنموي الجديد وضربات الإرهاب وبرامج المراجعة، وعشنا انتصارات مبادرة الحكم الذاتي للأقاليم الصحراوية المغربية، وعشنا انتصارات مونديال قطر وفرحة إعلان التنظيم المشترك لمونديال 2030…
هذه حقائق واقعية، وليست من أفلام الخيال العلمي أو من إنجاز تطبيقات الذكاء الاصطناعي… هذه إنجازات الذكاء الحقيقي للملك محمد السادس.. إنجازات حقيقية وليست افتراضية، وعلى أرض الواقع وليست بنوايا حسنة…
إنجازات ربع قرن من الجدية والشغف لخدمة الوطن والمواطنين.. تدفع المغاربة الأحرار أينما كانوا إلى الافتخار بالانتماء إلى هذا الوطن، وبالافتخار بملك وبأخ أكبر وبكبير العائلة يتطلع إلى الأفضل، ووعدنا أنه بتلاحمنا ملكا وشعبا سنحقق جليل الأهداف وكثير الآمال…