Partager sur :

ديمستورا يقدم "دعوات رسمية" باستئناف المفاوضات إلى أطراف نزاع الصحراء

أفاد مصدر أممي بأن ستيفان ديمستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، عمل من خلال تحركاته الأخيرة بالمنطقة على تقديم دعوات رسمية لإطلاق مسلسل المفاوضات المتوقف منذ مارس 2019.

وأضاف المصدر ذاته، في حديث مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن “المبعوث الأممي قدم خلال زيارته الأخيرة إلى المنطقة دعوات رسمية إلى المغرب وموريتانيا، للجلوس إلى طاولة الحوار التي يتوقع أن تنعقد في حال موافقة الأطراف الأربعة شهر يونيو أو شتنبر القادم على أبعد تقدير”.

وفي رده على استثناء زيارة الوسيط الأممي كلا من الجزائر والبوليساريو أشار المتحدث إلى أن “الطرفين تمت دعوتهما للمشاركة في المحادثات المستقبلية من طرف مساعد وزير الخارجية الأمريكي، جوشوا هاريس، خلال زيارته الأخيرة إلى الجزائر”، لافتا إلى أن “ستيفان ديمستورا سيعقد أيضا لقاءات منفصلة بنيويورك مع كل من السفير عمار بن جامع، الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة بنيويورك، وسيدي محمد عمار، مسؤول جبهة البوليساريو بنيويورك، والمنسق مع بعثة المينورسو”.
 

وأوضح المصدر ذاته أن “المبعوث الأممي مطالب بأخذ تصورات الأطراف المعنية وموافقتهم المبدئية على المشاركة في المفاوضات المباشرة، قبيل تقديم إحاطته أمام أنظار أعضاء مجلس الأمن الدولي في الجلسة المغلقة التي تمت برمجتها في 16 من الشهر الجاري”.

وكان ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أجرى مباحثات مع المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية، ستيفان ديميستورا، في إطار جولة إقليمية لدى الأطراف الواردة في قرار مجلس الأمن 2703، من أجل إعادة إطلاق العملية السياسية للموائد المستديرة بمشاركة المغرب والجزائر وموريتانيا و”البوليساريو”، باعتبارها الإطار الوحيد الذي حددته قرارات مجلس الأمن للتوصل إلى حل سياسي وواقعي وعملي ودائم وقائم على التوافق.

ويتشبث المغرب بمبادرة الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية كخيار وحيد لتسوية النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، بينما تؤكد مواقف جبهة البوليساريو استمرار رفضها هذا الحل، ورفض التفاوض في ظل تمسك المغرب بالشروط المسبقة، والمتمثلة في أن العودة إلى طاولة المفاوضات تقتضي إدراج الجزائر، المحتضن الأول لمخيمات البوليساريو، كطرف مباشر في الصراع.

وتأتي هذه التطورات في وقت تدرج الأمم المتحدة مناقشة ملف الصحراء المغربية ضمن جلسة فريدة مغلقة، باقتراح من مالطا التي تقود مجلس الأمن، في شهر أبريل الجاري، بحيث من المزمع أن يستمع أعضاء مجلس الأمن الدولي، في جلسة ستعقد في الـ 16 من الشهر الجاري، إلى الإحاطة التي سيقدمها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، ستيفان ديميستورا.

ومن المقرر أن يطلع الوسيط الأممي مجلس الأمن الدولي على آخر مستجدات الوضع المتعلق بنزاع الصحراء، وكذا نتائج مشاوراته مع الأطراف المعنية والفاعلين الدوليين في هذا النزاع الإقليمي. كما يرتقب أن يقدم الروسي ألكسندر إيفانكو، الممثل الخاص للأمم المتحدة رئيس بعثة المينورسو، إحاطة تتضمن مستجدات الوضع الميداني على الأرض.

بيان الرباط رسالة تتجاوز ديميستورا

تعليقا على أهداف جولة ستيفان ديمستورا الأخيرة قال إبراهيم بلالي اسويح، عضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، إن “تكثيف وتوسيع مشاورات المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة حول الصحراء مع أطراف النزاع المفتعل لا يمكن فهمها إلا في سياق الظرفية الحالية، سواء تعلق الأمر بالمحيط الإقليمي الذي اتسعت فيه هوة التباين بين الأطراف السياسية المعنية، أو على المستوى العالمي، حيث القوى الفاعلة في مرحلة إعادة ترتيب التموقع والتكتلات”.

وأضاف الخبير السياسي البارز، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “كل هذه المتغيرات لن تخرج عن حسابات نزاع الصحراء المفتعل، والمرتبط جيو-إستراتيجيا بما يجري في غزة وأوكرانيا”، وزاد: “لعل مقاربة الإدارة الأمريكية تجلت من خلال تحركات مسؤوليها في الواجهتين، كما هو الحال بالنسبة للقاءات المكثفة لنائب مساعد وزير الخارجية الأميركي، جوشوا هاريس، في كل من المنطقتين المغاربية والمشرقية”.

“اللافت في اعتقادنا أن ديميستورا لم يأت بجديد إلى حدود الساعة يختلف به عمن سبقوه من المبعوثين الخاصين في هذا الملف، منذ السويسري جوهانس مانس وصولا إلى الألماني هورست كولر، فهؤلاء وسعوا دائرة التشاور مع الأطراف المعنية، فيما تجلت صعوبة المهمة في كون أغلبهم كانوا يكتفون بإدارة المفاوضات دون محددات عملية تتجاوز الجمود، في غياب إعطاء زخم أكبر من لدن مجلس الأمن الدولي لدعم مساعي الوسيط الأممي، من خلال تأطير قرارات مجلس الأمن الدولي، التي كان آخرها القرار رقم 2703 (2023)، الذي دعا الأطراف إلى التفاوض دون شروط مسبقة”، يسجل الباحث في خبايا ملف الصحراء، قبل أن يضيف: “هذا يعني ضمنيا شكل المائدة المستديرة، والتحلي بالواقعية، وهي جوهر أي توافق منشود؛ وهي المهمة التي تجعل من دور ديميستورا متفردا، باستحضار تجارب الرجل في أزمات سابقة في سوريا والعراق وأفغانستان مع أطراف متشابهة. لكن مرور أزيد من سنتين ينبئ بأن الطريق مازالت غير معبدة لمباشرة عملية التفاوض، لعدة اعتبارات، رغم أهمية الإحاطة المنتظرة للمبعوث الشخصي أمام أعضاء مجلس الأمن في السادس عشر من هذا الشهر”.

وأكد الخبير ذاته أن “المفاوضات التي أصبحت الهدف بدل الآلية التي تفضي إلى الحل التوافقي هي الآن بعيدة المنال، على اعتبار أن تحديد الأطراف المعنية بهذا النزاع المفتعل يقابله تعنت جزائري برفض تحمل المسؤولية التاريخية والسياسية وحتى العسكرية، وهو ما يعقد الانخراط الجدي الذي يمكن معه الوصول إلى التسوية”، لافتا إلى أن “خرق جبهة البوليساريو اتفاقية وقف إطلاق النار يزيد من هشاشة مخططات التسوية، ويجعل إدارة المفاوضات التي يسعى إليها المبعوث الشخصي صعبة المنال، وحتى إن تحققت يصعب القول إن ما فشل فيه المبعوثون السابقون نجح فيه ديميستورا مع أطراف النزاع المفتعل”.

وعرج اسويح على الإحاطة المقبلة للوسيط الأممي، قائلا إنها “يقابلها حضور الطرف الرئيسي في النزاع، كعضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي، الذي هو الجزائر، التي ستميل لا محالة إلى خطاب أكثر دبلوماسية في انتظار أن تنضج الشروط لتفعيل دور أكبر لهذه الوساطة”، مردفا بأن “ستيفان ديميستورا بدأ مشاوراته في السابق بشكل محتشم، ورغم توسيعها في الآونة الأخيرة لا يمكن الجزم بأن الرجل أصبح على مقربة من وضع تصور لكيفية تحريك المياه الراكدة وتجنب فشل من سبقوه للعديد من الأسباب والدوافع”.

وأشار الباحث في خبايا ملف الصحراء إلى أن “القضية الصحراوية باتت تعرف تآكلا من الداخل بسبب الحسم المغربي للملف عسكريا ودبلوماسيا”، موضحا أن “تنامي التوجه الدولي الداعم لمغربية الصحراء زاد من تضييق هامش مناورة كل من الجزائر والبوليساريو، اللتين تعتبران أن أي مفاوضات حالية هي رهان خاسر، رغم تبني خطاب التهدئة من طرف الدبلوماسية الجزائرية وتجاوز التصعيد مع الجار الغربي الذي كان سائدا في السابق”.

ولفت المتحدث الانتباه إلى أن “ديميستورا وسع مشاوراته حتى كاد يعصف بدور الوساطة بإقحامه جنوب إفريقيا، المعادية للوحدة الترابية للمغرب، في المشاورات دون سند جغرافي أو تاريخي”، مشيرا إلى أن “القراءة الحالية تجعل من مهمة الوساطة التي يقودها ديميستورا شبه مستحيلة، إذا ما قارناها بوساطة جيمس بيكر أو حتى روس ثم بتر فالسوم، سواء من حيث الظرفية الدولية أو ما يجري على الأرض إقليميا، إذ كانت مؤشرات التقارب المفروضة على الأطراف ممكنة، ومع ذلك أقروا بصعوبة التسوية، فما بالك بالوضع حاليا؛ إذ إن الاستقراء الواقعي يدفع كل طرف إلى خيارات أخرى على حساب التفاوض المرهون شكليا إلى حدود الساعة بإدارة النزاع من لدن القوى العظمى وليس تسويته”.

وختم السويح حديثه لهسبريس بالتأكيد على أن “الخيارات الممكنة عن طريق التفاوض تبقى محدودة أمام الوسيط الأممي الحالي، بحيث تظل المبادرة المغربية للحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية الحل الواقعي الأقرب للطي النهائي لهذا الملف، وهو أمر أدركته الدبلوماسية المغربية من خلال موقفها المعبر عنه في بيان وزارة الخارجية الأخير، الذي حدد القواعد لانخراط المملكة في العملية التفاوضية، وحدد الأطراف المعنية الحقيقية، والمبادرة المغربية كقاعدة للتفاوض”.

Partager sur :