Partager sur :

‎"فيدرالية تحت المجهر.. تمثيلية باهتة وسط تآكل سوق الورد العطري" .



‎ يمر سوق الورد العطري بقلعة مكونة من مرحلة مرضية تستدعي وتتطلب التشخيص المحكم والحضور الحقيقي للدفاع عن مصالح الفلاحين الصغار وإنقاذ الموسم من براثن المضاربين، اختارت الفيدرالية المهنية المغربية للورد العطري أن تطل على الرأي العام من بوابة “زيارة مهنية” لرواق جهة سوس ماسة ضمن فعاليات المعرض الدولي للفلاحة بمكناس. زيارة تحولت إلى مناسبة دعائية لا تُخفي عمق الأزمة البنيوية التي تعاني منها تمثيلية القطاع، ولا تنقذ الفيدرالية من تساؤلات مشروعة تتعلق بجدوى وجودها وجدّية أدوارها.

‎شارك في الزيارة رئيس الفيدرالية محمد مران، إلى جانب الأعضاء يوسف حفيط ويوسف بوري، ورافقهم طيف من الخطابات العامة عن التعاون الجهوي وآفاق الشراكة بين درعة تافيلالت وسوس ماسة، بينما الواقع يصرخ بأسئلة مؤلمة: أين الفيدرالية من قضايا التسويق العادل؟ من معاناة الفلاح الصغير الذي يئن تحت ضغط الأسعار المهزوزة وغياب شبكات التوزيع؟ من فوضى السماسرة الذين يتربصون كل موسم بأرزاق أهل قلعة مكونة؟

‎ما جرى في مكناس يعكس حالة من التيه المؤسساتي، إذ لم تكن الزيارة سوى حلقة أخرى في مسلسل الفعل الرمزي الذي لا يتعدى أروقة المعارض وصفحات البيانات الرسمية. الفيدرالية على مايبدو فقدت البوصلة، غير قادرة على الإمساك بأدوات الضغط الحقيقي، ولا تمتلك رؤية استراتيجية تليق بمستقبل قطاع يعيش على رائحة الورد العطري الأصيل ولكنه يذبل في صمت.

‎فهل باتت الفدرالية مجرد واجهة شكلية تكرّس تهميش الفلاح الصغير تحت مسمى التمثيل؟ وهل يمكن لزيارة بروتوكولية أن تحل إشكالات التسويق، وهيكلة القطاع، ووضع مخطط مستعجل لمواجهة التلاعبات المتكررة بأسعار الورد الخام؟

‎لا يخفى على أحد أن الموسم الحالي للورد العطري يواجه تحديات معقدة، من تقلبات مناخية إلى ضعف التسويق الداخلي والخارجي، وغياب البنيات اللوجستيكية. وبينما ينتظر الفلاحون تدخلًا عاجلًا من ممثليهم للدفاع عن حقوقهم في وجه المضاربين والمؤسسات المعنية، تُفضّل الفيدرالية استعراض عضلاتها في مناسبات المعارض.

‎وبينما تُسجل جهات مثل سوس ماسة قفزات نوعية في تثمين النباتات العطرية، تبقى منطقة قلعة مكونة رهينة لغياب الإرادة الحقيقية لتطوير القطاع، وافتقار الفاعلين إلى رؤية متكاملة تستثمر في العنصر البشري والتكوين المهني وسلاسل القيمة.

‎إذا كانت الفيدرالية تسعى بالفعل إلى بناء شراكات، فالأولى بها أن تبني جسر ثقة مع قواعدها الفلاحية، وأن تعود إلى الميدان حيث الحاجة إلى صوت قوي، وموقف واضح، وخطط ملموسة. أما ما دون ذلك، فهو مجرد دعاية باردة في قاعة معرض، لا تسمن الفلاح الصغير ولا تغنيه من عطش التغيير.

‎وإلى أن تثبت الفيدرالية أنها في خدمة الفلاح وليس مجرد ناطقة باسمه في صالات مكيفة، فإن تمثيليتها ستبقى تحت المجهر، والشارع الفلاحي سيبقى يتساءل: من يمثلنا حقًا؟ ومن يربح من صمتنا؟

Partager sur :