Partager sur :

جدري القردة و المثلية

غداة إعلان منظمة الصحة العالمية "جدري القردة" طارئا صحيا عالميا إثر امتداد الموجة الجديدة هذا الفيروس داخل الدول الإفريقية، وبعد إعلان وزارة الصحة والحماية الاجتماعية عن مراقبتها عن كثب الوضع الوبائي لهذا المرض، نبّه خبراء في الشأن الصحي إلى خطورة حصر طرق انتقال هذا الوباء في العلاقات المثلية الجنسية، بعد أن طفت على مواقع التوصل الاجتماعي، مؤخرا، تصورات تشير إلى أن تفشي فيروس "جدري القردة"ما هو إلا نتيجة لهذا الخبث.

وبالتوسل بمعطيات علمية، أوضح الخبراء، الذين تحدثوا لاحدى الجرائد الالكترونية المغربية، أن الاعتقاد بوجود طريقة واحدة لانتقال هذا الوباء ينطوي على “خطأ جسيم” من شأنه أن يضاعف فرص انتشاره، ويغفل كون “السلالة الجديدة من “جدري القردة” تنتشر أكثر بين الأطفال وليس بين الكبار”، مؤكدين على “الحاجة إلى القطع مع التفسيرات غير العلمية، وضرورة استقاء المعطيات العلمية المحينة من الوزارة الوصية”.

خطأ جسيم

الطيب حمضي، الطبيب الباحث في السياسات والنظم الصحية، عّد “الاعتقاد بانتقال سلالة “1 بي” من “جدري القردة”، التي تتفشى حاليا في دول وسط وغرب إفريقيا، عبر العلاقات الجنسية المثلية فقط خطأ جسيما سيؤدي إلى الفهم المغلوط لهذا الوباء ولطرق الوقاية منه، وبالتي يضاعف حظوظ انتشاره”، مؤكدا أن “السلالة “1 بي” تنتقل عبر العلاقات الجنسية كيفما كان نوعها، مثلية أو بين رجل أو امرأة”.

حمضي ذكّر، في تصريح لنفس الجريدة الالكترونية، بوجود طرق أخرى لانتقال المرض، ضمنها “الاحتكاك الجلدي المباشر ومخالطة شخص مصاب ولمس الأسطح الملوثة”، قبل أن يضيف أن “انتقال الفيروس عبر الهواء هو أكثر طرق العدوى التي تؤرق العلماء حاليا، بعد تسجيل نسبة كبيرة من انتشار المرض بين الأطفال بالمدارس والأسر، هم الذين لا يمارسون أي علاقات جنسية”.

وأبرز أن “سلالة “2 بي” من “جدري القردة”، التي تفشت قبل سنتين، هي التي كانت تنتقل أساسا عبر الاتصال الجنسي بين الرجال، مع استثناءات قليلة لحالات انتقلت عبر طرق انتقال العدوى المذكورة”، مشيرا في هذا السياق إلى أن “هذه السلالة أودت سنة 2022 بحياة 140 شخصا من أصل 90 ألف حالة سجلت في أكثر من 110 دول”.

ولفت إلى أن “دول العالم تشهد اليوم انتشار السلالتين معا، إلا أن سلالة “1 بي” الأكثر فتكا تحدث طفرات بشكل أسرع من سلالة “2 بي”، مما يضاعف وتيرة انتشارها، ويقود إلى تطور طرق انتقال العدوى من الشخص المصاب، وهو ما يستدعي مضاعفة إجراءات الوقاية من طرف المواطنين، والحرص على استقاء المعلومات بخصوص مستجدات هذا المرض من الوزارة المختصة”.

تفادي الانتقائية

وفي تعليقه على الموضوع اختار محمد اعريوة، الطبيب العام والكاتب العام للمنظمة الديموقراطية للصحة، أن يؤكد بداية أن “الوضع الوبائي لمرض “جدري القردة” على مستوى المغرب ليس مقلقا”، قبل أن يشدد على “ضرورة القطع من الآن مع التمثلات الثقافية التي تربط انتشار الفيروسات مباشرة بنوع واحد من طرق انتقال العدوى كالاتصال الجنسي بين المثليين، حتى لا يقع المواطن ضحية التخمين أو الذاتية في التفسير، التي قد تؤدي إلى إعماله الانتقائية في طرق الوقاية من المرض”.

وأضاف اعريوة، في تصريح لنفس الجريدة الالكترونية، أن “تجربة “كوفيد- 19” أكدت أن الفيروسات تتحوّر باستمرار، وفي غضون فترات زمنية متقاربة تظهر سلالات جديدة، ومعها تنضاف طرق أخرى لانتقال العدوى بين الأشخاص؛ وبالتالي فإن المواكبة المستمرّة للمعطيات العلمية المحينة، التي ترد في بيانات وزارة الصحة والحماية الاجتماعية وتصريحات خبراء اللجنة العلمية المختصة حول الوضعية الوبائية، تبقى من ألح ما ينبغي على المواطن فعله لتفادي تفشي “جدري القردة” بالبلاد”.

اعريوة انطلق من “حقيقة سبق أن نبّه إليها الفاعلون الصحيون عند ظهور فيروس “كوفيد- 19″، مفادها أن السنوات التي نعيشها هي سنوات أوبئة، حيث يظهر في كل سنة وباء جديد”. ودعا إلى “جعل جائحة “كورونا” تجربة مرجعية، حيث يتم الرجوع عند تفشي أي فيروس جديد إلى التقيّد بجميع الإجراءات الوقائية الشاملة، التي التزم بها المغاربة خلال هذه الجائحة، بصرف النظر عن طرق انتقال الفيروس”.

وأكد أن “التقيد بإجراءات الوقاية يبدأ منذ الآن، ولا يجب التهاون بها بذريعة بعد الدول التي ظهر فيها “جدري القردة” عن حدود البلاد، فهو وصل إلى دول بعيدة عن القارة الإفريقية كالسويد وباكستان، عدا عن أن الفيروسات قادرة على تخطي الحدود وإرباك كافة دول العالم كما حدث خلال فيروس كورونا”.

 

Partager sur :