Partager sur :

محمد بنقاسم : نحو ضرورة إحداث وكالة وطنية أو مديرية عامة لحكامة وتدبير الأزمات ومخاطر الكوارث الطبيعية

يتعامل العالم حاليًا مع مجموعة واسعة من الكوارث والأزمات الطبيعية، بدءًا من الأوبئة وتفشي الأمراض وحتى الظواهر الجوية والمناخية التي خلفت آثارها الوخيمة وخسائر مادية وبشرية جسيمة، كما هو الشأن بالنسبة للمغرب الذي عرف ليلة الجمعة 08 شتنبر 2023 زلزلا بسبع درجات على سلم ريختر هم عدة مدن مغربية، وتضرر على إثره بشكل كبير كل من إقليمي الحوز بجهة مراكش-أسفي، وإقليم تارودانت بجهة سوس ماسة. 

ومن أجل بلوغ هدف الحفاظ على سلامة وأمن المواطنين والممتلكات والبنيات التحتية، تفتح هذه الوضعية أفاق التفكير في بناء نظام فعال لإدارة الكوارث والأزمات والواضح أنه أضحى من الضروري إحداث وكالة وطنية أو مديرية عامة لحكامة وتدبير الأزمات ومخاطر الكوارث الطبيعية كالأوبئة أو الكوارث الطبيعية (الزلازل، الفياضانات، ....) أو الوضع الأمني السلبي ، حيث يتمتع هذا الجهاز بالشخصية المعنوية وبالاستقلال المالي والإداري مع اعتماد تنظيم إداري لامركزي، جهوي ومندمج يتبني سياسات الاستدامة (جهاز يمارس نشاطه على أساس مستدام) والاستباقية والاستعجال والقرب والالتقائية في التدخل بغرض الاستجابة للكوارث في الوقت والمكان المناسبين وبالطرق السليمة والفعالة.

وتناط بالوكالة مهام، أولا، رصد وتقييم الأزمات والمخاطر المحتملة ونشر المعلومات للجمهور (مع التنبيه للأخبار الزائفة) في حالة الطوارئ والإنذار المبكر حتى التعافي وإعادة التأهيل، ثانيا، وضع خطط للتخفيف من آثار الكوارث وذلك بتنسيق الجهود وتوحيد موارد كافة الأطراف المعنية بالتدخل سواء الحكومية  منها وغير الحكومية (المجتمع المدني، القطاع الخاص، ...) على المستوى الترابي و، ثالثا، مراقبة وتتبع تنفيذ الخطط والبرامج لضمان فعاليتها المستمرة وتقييم فعالية السياسات والأساليب المعتمدة في التدخل، رابعا، زيادة قدرة المجتمعات المحلية على الصمود في مواجهة الكوارث الطبيعية عبر برمجة حملات تحسيسية وتوعوية وبرامج التدريب والتعليم لرفع مستوى الوعي بين العموم والحديث هنا عن برامج التربية الصحية والبرامج البيداغوجية الخاصة بالتعرف على المخاطر والإجراءات الوقائية والممارسات الفضلى لمواجهتها، خامسا، دعم مبادرات البحث العلمي والتقني والابتكار والتطوير من أجل إيجاد أساليب جديدة للحد من مخاطر الكوارث الطبيعية في المستقبل، أخيرا، ربط الصلة مع المنظمات الدولية المماثلة أو المعبرة عن رغبتها في تقديم الدعم بمختلف أشكاله.

هذا وينبغي أن يكون تحت تصرف الوكالة الموارد التقنية واللوجيستيكية الضرورية والأطر اللازمة للتعامل مع مجموعة واسعة من الأزمات والكوارث الطبيعية التي تتسم بمظهر دائم التغير، حيث يصعب التنبؤ بشدتها وتكرارها على نحو متزايد، مما يخلق المزيد من التعقيد للحكومات في جميع أنحاء العالم. ولذلك من المهم الإقرار بالحاجة إلى إنشاء وكالة وطنية أو مديرية عامة لغرض صريح هو ضمان حكامة وتدبير الأزمات ومخاطر الكوارث الطبيعية، وكذا تثمين التجارب التي راكمها المغرب تحت القيادة المتبصرة لصاحب الجلالة في مواجهة مثل هكذا أزمات وضمان جودة ودقة وفعالية في جميع استراتيجيات التخفيف من آثار الكوارث في المستقبل ولما لا أن تشكل تجربة نموذجية يحتذى بها على الصعيد الدولي.

 

محمد بنقاسم : باحث في القانون والسياسات العمومية

Partager sur :