
جنيف،سويسرا
رد توضيحي من أفراد الجالية المغربية حول استغلال الأطفال القاصرين في المحتوى الرقمي
سيدي المحترم،
بكل احترام وتقدير، أسمح لنفسي بأن أعبر عن رأيي بصيغة قانونية تحفظ مقام المخاطبة، وتُعلي من شأن مصلحة الطفل الفضلى، كما أقرّها الدستور المغربي والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب.
نحن، كأفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، وكمواطنين، نعلن رفضنا القطعي والمبدئي لاستغلال الأطفال القاصرين في المحتوى الرقمي، تحت أي ظرف أو مبرر، ونُدين بشدة كل أشكال الاستغلال، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة، لأغراض تجارية أو لتحقيق أرباح مادية عبر منصات التواصل الاجتماعي بصفة عامة
أولاً:
منذ يوم السبت 10 ماي 2025، بدأ بث مقاطع على قناتكم المعنونة بـ “أسرة مغربية ،، من أجل تفعيلها ، تظهر فيها ابنتكم البالغة السن القانوني “يـسـرى ،، وهي تقدم محتوى يتضمن أبناءكم القاصرين: فاطمة الزهراء، محمد أمين ، و آدم، في لحظات حساسة ومؤثرة مرتبطة بخروجكم من المؤسسة السجنية. ورغم أن المشهد يحمل طابعاً إنسانياً، إلا أنه استُعمل ضمن سياق رقمي موجه للعموم، وتسبب في استدرار التعاطف من أجل جني أرباح مادية مباشرة من المشاهدات
ثانياً:
بتاريخ 11 يناير 2025، تم بث تاني فيديو يظهر فيه الأطفال القاصرون وهم في حالة آلم يبكون لحظة عودتكم إلى البيت . هذا الفعل وإن بدا عاطفياً، يدخل في خانة الاستغلال الرقمي لمآسي و آلم الطفل القاصر ، كما يجرمه القانون المغربي، لا سيما حين يقترن بتحقيق منافع مادية. وعليه، فإن توظيف مآسي الأطفال وآلامهم لأهداف تجارية يعدّ انتهاكاً صريحاً لحقوقهم وكرامتهم الإنسانية
ثالثاً:
رغم ما ورد أعلاه، آثرنا كجالية إعطاء فرصة للتراجع وتدارك الأمر، غير أن سلسلة الفيديوهات التي تلت خروجكم من السجن، والتي تم توثيقها بالكامل، تُظهر استمراراً ممنهجاً في إشراك الأطفال القاصرين في المحتوى، بل شملت أيضاً الطفلة “زينب”. وعليه، لم يعد بالإمكان اعتبار الأمر مجرد “هفوة”، بل أصبح سلوكاً متكرراً يُظهر تعمّداً في ارتكاب الفعل
رابعاً:
الفيديو الذي حمل عنوان: “حقيقة ما وقع على لسان محمد أمين”، تضمن، استخداماً صريحاً له في سياق شهادته ضد والدته، مما يندرج كذلك تحت طائلة التحريض واستغلال النفوذ الأسري على القاصر. فضلاً عن تصوير الأطفال في الحمام في مشهد غير لائق نستنكره جملة وتفصيلا، وبما أن كل ذلك يندرج ضمن محتوى يدرّ أرباحاً مالية، فإننا أمام جريمة مكتملة الأركان
خامساً:
ابنتكم “يسرى” أيضاً قامت بأفعال مماثلة، أبرزها بث فيديو ولادة رضيعها في مشهد غير لائق، يتضمن عرضاً للطفل لحظة ولادته وهو مغطى بمادة بيضاء، ثم تتابعت الفيديوهات التجارية تحت عناوين مثل: “أول عيد لولدي”، “أول حناء لولدي ”، “اول حمام لولدي”… رغم التنبيهات القانونية عبر التعليقات، استمر النشر بطريقة توحي بالتحدي، مما اضطر افراد الجالية المغربية إلى تقديم شكاية رسمية لدى السيد الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بفاس، بناءً على ما توفر من فيديوهات رقمية موثقة، ليتم إحالتها و تسجيلها بتاريخ 25 أبريل 2025 تحت ،، استغلال طفل رضيع في المحتوى الرقمي على منصات التواصل الإجتماعي.
سادساً:
في سلوك يناقض القيم الأخلاقية والضوابط القانونية التي تحكم فضاء النشر الرقمي، أقدمت زوجتكم، السيدة لبنى، على تحريف النشيد الوطني المغربي باستعمال عبارات نابية تُسيء إلى رمز من رموز السيادة الوطنية، مما يشكّل مساساً بثوابت الأمة، وقد تم إبلاغ رئاسة النيابة العامة بالرباط رسمياً بهذه الواقعة الخطيرة.
الأخطر من ذلك، أن السيدة المذكورة قامت بتصوير الطفلة القاصر “زينب” في وضعية عارية تماماً، كما وُلدت ، في مشهد لا يراعي أدنى حقوق الطفولة في الكرامة والخصوصية، ضاربة بعرض الحائط جميع المواثيق الدولية والوطنية ذات الصلة بحماية الطفل، وعلى رأسها اتفاقية حقوق الطفل.
وقد تم نشر ذلك المقطع على منصة الحمراء اليوتيوب التي تديرها زوجتكم، مما سمح بوصوله إلى أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، وتداوله بينهم، ما ألحق أضراراً جسيمة بصورة الأسرة المغربية، ومَسَّ مباشرةً بحق الطفلة في الحماية من الاستغلال والعرض في أوضاع لا تليق ببراءتها.
وعلى إثر موجة غضب واستنكار واسعة من طرف الرأي العام الوطني والدولي، تمت إزالة الجزء المتعلّق بعُري الطفلة من المقطع المنشور، بينما تم الاحتفاظ بالفيديو الأصلي، في ما يبدو أنه سلوك مقصود بهدف تحقيق أرباح مادية مستمرة، عبر المشاهدات الرقمية.
وما يزيد الوضع خطورة، أن عدداً من المتابعين قاموا بتوثيق النسخة الكاملة من الفيديو قبل حذفه، ما جعل من المقطع دليلاً رقمياً قاطعاً على الاستغلال الممنهج للطفلة القاصر في خرق صارخ للقانون.
هل تُدركون خطورة هذا الفعل؟
إنه يشكّل خرقاً جسيماً لمقتضيات الفصل 447 من القانون الجنائي المغربي، المتعلّق بحماية الحياة الخاصة للأفراد، وانتهاكاً مباشراً لروح ومضمون اتفاقية حقوق الطفل، خاصة تلك المتعلقة بحمايته من جميع أشكال الاستغلال والإيذاء البصري والنفسي.
فإلى متى ستظل الجالية المغربية بالخارج، ومعها الضمير المجتمعي، تواجه محتويات مهينة للأسر والطفولة بالمغرب، هدفها الأول والأخير تحقيق الربح المادي؟
ورداً على خرجتكم الإعلامية التي وصفتم فيها ما يحدث بـ”الاستهداف” و”الانتقام”، فإننا نتساءل بكل موضوعية:
ألا ينتابكم شيء من الخجل أمام ما آل إليه المحتوى الذي تقدّمونه؟
ألم تُدرك بعد أن أفراد الجالية المغربية، الذين لطالما تحلّوا بضبط النفس وتغاضوا عن ممارسات سابقة، منحوكم أكثر من فرصة لتدارك الأخطاء والإصلاح، قبل أن تصل الأمور إلى هذا الحد من الانحدار القيمي؟
ألا تشعرون أنكم ساهمتم، عن وعي أو عن جهل، في تشويه صورة الأسرة المغربية المحافظة، وأصبحتم تقدّمون نموذجاً مقلقاً لا يمتّ للواقع المغربي بأية صلة؟
ألم تعلموا أن محتواكم المسيء قد بلغ بقاع العالم، ليُساءل المغاربة أينما حلّوا وارتحلوا: “أهكذا هي الأسر المغربية؟
بل والأدهى من ذلك، أنكم تُسهمون عن غير وعي في تقويض صورة المغرب أمام العالم، في وقتٍ يستعد فيه بلدنا لاحتضان حدث عالمي بوزن مونديال 2030، وهي مناسبة لتقديم المغرب كدولة حضارية بثقافة عائلية متوازنة. فهل هذا هو النموذج الذي ينبغي تصديره؟
ثم نعود لسؤالكم المريب حول “الانتقام”:
هل بينكم وبين الجالية المغربية حساب شخصي لتعتبر النقد الموضوعي انتقاماً؟
وهل أصبحنا نُصنّف كل مطالبة بالمساءلة أو كل دعوة لوقف الانزلاق الأخلاقي ،، بـالانتقام ”كما وصفتم؟
أما يكفيكم هذا الكمّ الهائل من الأدلة الموثّقة ضدكم، والتي تم جمعها وفق الأصول القانونية، وتُشكل في مجملها قرائن قوية على ما نُسب إليكم من أفعال؟
إننا نؤمن بأن القيم لا تُنتَقم، بل تُدافَع عنها، وأن كل مواطن غيور على صورة بلاده من حقه بل من واجبه أن يرفض هذا التردي الإعلامي الذي يمتهن كرامة الطفل، ويُسَوِّق الأسر المغربية في قالب مُشَوَّه لا يمثلها.
سابعاً:
نحيطكم علماً أن هناك قنوات أخرى خضعت بدورها لمراقبة وتبليغات قانونية بسبب محتواها الذي يستغل القاصرين
وبناءً عليه:
نؤكد أن كل من يقوم بتصوير أبنائه القاصرين ونشر تلك الصور والمقاطع ضمن محتوى يدرّ أرباحاً مادية، يُعد وفق القانون الوطني والاتفاقيات الدولية، في خانة منتهكي حقوق الطفل، ونحن كجالية واعية وغيورة على صورة الوطن وكرامة أطفاله، سنظل نمارس حقنا الدستوري في التبليغ والمتابعة، دون كلل أو تهاون، حفاظاً على المصلحة الفضلى للطفل.
نحتفظ بكل الأدلة القانونية الرقمية، ونضعها رهن إشارة الجهات المختصة، مؤكدين أننا لا نستهدف الأشخاص، بل نحمي القيم والمبادئ.