Partager sur :

راحة القاضي ضمانة لعدالة المواطن !!!

 

📍جنيف،سويسرا 

 

لا يخفى على أحد أن مهنة القضاء من أنبل وأصعب المهن، باعتبارها العمود الفقري لاستقرار المجتمع وضمان الحقوق والحريات. وهي مسؤولية ثقيلة تتطلب من القاضي صفاء الذهن، وحسن التقدير، والحياد التام، والقدرة على اتخاذ قرارات مصيرية تمس حياة الأفراد والجماعات.

غير أن هذه المهام الجسيمة لا يمكن أن تُؤدى بالجودة المطلوبة إلا إذا توفرت البيئة المهنية الملائمة والظروف النفسية المناسبة التي تمكن القاضي من القيام بواجبه بكل هدوء واطمئنان. فالراحة النفسية للقاضي ليست رفاهية، بل شرط أساسي لتحقيق العدالة. القاضي المرهق أو المثقل بكم هائل من القضايا لا يستطيع أن يمنح كل ملف ما يستحقه من وقت وتأمل وتدقيق.

في هذا السياق، شهدت بلادنا في الآونة الأخيرة خطوة إيجابية تتمثل في رفع الأجور وتحسين الوضعية المادية للقضاة، وهو اعتراف صريح بالدور الجوهري الذي يضطلع به القاضي داخل منظومة العدالة. كما يُعد هذا القرار مساهمة أولى في تحسين مناخ العمل القضائي.

لكن الواقع الميداني لا يزال يفرض علينا جميعاً مواصلة التفكير في سبل تطوير بيئة القضاء من خلال:
    •    توفير العدد الكافي من القضاة بما يخفف الضغط على المحاكم.
    •    دعم الرقمنة لتقليص الزمن القضائي وتسهيل الولوج للعدالة.
    •    خلق مساحات للحوار والتشاور مع السادة القضاة حول معاناتهم اليومية وتطلعاتهم المهنية.

إن رفع الضغط عن القضاة ليس فقط من أجل مصلحتهم الشخصية، بل هو في جوهره من أجل المواطن الذي يستحق قضاء مستقلاً، متمكناً، مرتاحاً، وعادلاً. لا عدالة بدون قضاة في وضعية مريحة نفسياً ومهنياً. فالقاضي، قبل أن يكون صاحب سلطة، هو إنسان.

وفي نهاية المطاف، بناء الثقة في العدالة يمر عبر الاهتمام بكل تفاصيل منظومة القضاء، وفي مقدمتها الاهتمام بالعنصر البشري الذي يُعد صمام أمان الاستقرار والسلم الاجتماعي.

 

{ الجزء الأول : يتبع  }

Partager sur :