شهدت زيارة أربعة وعشرين شابا مغربيا إلى إسرائيل "احتفاء إسرائيليا مطولا"، سواء من مسؤولي هذا البلد أو إعلامييه، في وقت شهدت المبادرة تقاطبا في الآراء حولها بالمملكة بين ما إن كان الشباب أصابوا في الزيارة في هذا الوقت أم لا.
ووصل الشباب المغاربة إلى تل أبيب في إطار المبادرة التي تعود في الأساس إلى جمعية “مغرب التعايش”، بتعاون مع مؤسسة “شراكة”، وبتمويل من الحكومة الألمانية، ما لقي وقتها معارضة كبرى من قبل بعض الأطياف بالمغرب، التي ترى نفسها متتبعة للقضية الفلسطينية ورافضة إقامة أي علاقة مع هذا الجانب الذي تعتبره “غير شرعي”.
احدى الجرائد الالكترونية المغربية كانت حصلت على توضيحات من أعضاء الوفد المغربي الذين أكدوا أن هذه الزيارة “تأتي في إطار تطوير العلاقات بين المغرب وإسرائيل، ومساندة هذه الأخيرة التي اعترفت بمغربية الصحراء في محنتها مع حركة حماس”، لافتين إلى أن “معارضة إقامة علاقات طبيعية مع تل أبيب هي معارضة للمصالح الإستراتيجية للمغرب”، وهو ما رد عليه محسوبون على المجتمع المدني المواكب للقضية الفلسطينية باعتبارهم هذه الزيارة “خروجا عن شبه الإجماع المغربي حول حقوق الفلسطينيين”.
وبعدما انتهت هذه الزيارة التي امتدت لأسبوع من الزمن اتضح أن الشباب المغاربة وجدوا أنفسهم “محتفىً بهم” من قبل مسؤولين إسرائيليين قاموا بمرافقتهم في جولة ببعض المؤسسات الإستراتيجية للدولة، لعل أبرزها الكنيست. ويتعلق الأمر بكل من أمير أوحانا، مائير بن شبات، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، فضلا عن وزير شؤون الشتات أميحاي شيكلي.
وأمام الترحيب المؤسساتي بالشباب المغاربة بدا كذلك أن الإعلام الإسرائيلي كان مهتما بتغطية تحركات هؤلاء، وأخذ تصريحاتٍ منهم في هذا الصدد؛ وذلك ما قامت به “جيويش نيوز سانديكايت” التي غطت فعاليات هذه الزيارة، معنونة إحدى موادها في هذ الإطار بـ”وفدٌ مغربيٌ يرى إسرائيل مختلفة بشكل شخصي”.
كما أكد المنبر الإعلامي الإسرائيلي ذاته، الذي غطى زيارة الوفد المغربي إلى متحفٍ بالقدس ولقاءه أميحاي شيكلي، وزير الشتات الإسرائيلي، أن “زيارة هذا الوفد إلى البلاد تأتي لتعزيز السلام مع دخول الحرب ضد حماس في غزة شهرها العاشر”.
وعاد المنبر ليشير إلى أن “الوفد الإسلامي بالأراضي المقدسة الذي نظمته مؤسسة شراكة غير الحكومية يهدف إلى البناء على اتفاق السلام التاريخي الموقع بين البلدين قبل أربع سنوات، والعمل ضد التقارير الإعلامية المعادية لإسرائيل بشدة، التي تبث في جميع أنحاء العالم”.
تقرير “جيويش نيوز سانديكايت” تضمن شهادات بعض الشباب المغاربة المعنيين بزيارة إسرائيل في ظل استمرار احتكاكاتها ضد حماس، الذين أكدوا أن الزيارة “كانت بهدف الحصول على رواية ثانية عوض الرواية الوحيدة التي نحصل عليها بالمغرب، فضلا عن ملامسة حرية المسلمين في التجول بالحرم المقدسي”.
وذهبت تدخلات الشباب المغاربة، حسب المصدر سالف الذكر، صوب التأكيد على “أهمية الأخوة بين الشعبين اليهودي والمسلم”، وكون اليهود “جزءا من الذاكرة والهوية الوطنيتيْن”، في وقت الذي لم ينسوا الإشارة إلى أن “المدنيين الفلسطينيين هم الضحايا تزامنا مع استهداف إسرائيل” حسب تعبيرهم.
وتفاعلا دائما مع الموضوع ودلالات الترحيب الإسرائيلي بالشباب المغاربة وبصواب الزيارة ككل في هذا التوقيت بالذات قال عبد الإله بنعبد السلام، عضو السكرتارية الوطنية للجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، إن “الشعب المغربي كان دائما يتبنى موقفا أصيلا بخصوص القضية الفلسطينية وحقوق الفلسطينيين في تأسيس دولتهم وعاصمتها القدس”.
وأضاف الحقوقي ذاته، في تصريح لإحدى الجرائد الالكترونية المغربية، أنه “لا يمكن الاعتداد ببعض الشباب لغرض قياس مدى تعلق المغاربة بالقضية الفلسطينية، وحتى الكيان الصهيوني يعرف ذلك، إذ لا يمكن الدفاع عن كيان مستعمر ولا يمكن التعايش معه نظير تاريخه الاستعماري المستمر”.
مفصلا في مُبرر التعايش الذي دفع به الزائرون إلى إسرائيل لفت المتحدث إلى أن “المغاربة يطبقون التعايش مع اليهود المتواجدين بالمملكة، الذين يرفض جزء منهم تزكية الاستعمار بالأراضي الفلسطينية”، موردا أن “الدفاع عن حقوق الفلسطينيين دائما ما كان موقفا أصيلا لدى المغاربة الذين كانوا يساندونهم حتى في فترة الاستعمار البريطاني، قبل بداية الاحتلال الذي مازال مستمرا إلى اليوم”.