Partager sur :

عوامل اقتصادية وراء هروب الشباب الى الديار الاوربية

تشهد الساحة المغربية تزايدا في النقاش حول الهجرة غير النظامية، خاصة في ظل الأحداث الأخيرة التي عاشتها مدينة الفنيدق المتاخمة لثغر سبتة المحتل.

وفي هذا السياق، توجه أصابع الاتهام نحو العامل الاقتصادي كأحد المحركات الرئيسية وراء رغبة الشباب في مغادرة البلاد.

ويدفع الحديث عن هذا العامل الكثيرين إلى استحضار تقارير رسمية وغير رسمية عديدة؛ منها الرأي الذي أعده المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول فئة “NEET”، التي تضم الشباب الذين لا يعملون ولا يدرسون ولا يتدربون؛ ما يجعلهم، وفق الخبراء، أكثر عرضة للتفكير في الهجرة كخيار للهروب من واقعهم.

محمد جدري، خبير اقتصادي، اعتبر أن العامل الاقتصادي “يلعب دورا حاسما في توجه الشباب نحو الهجرة الجماعية”، مشيرا إلى أن “الإحباط من الواقع المعيشي والبحث عن فرص أفضل في الخارج يدفعان العديد من هؤلاء الشباب إلى المخاطرة بحيواتهم في رحلات هجرة غير نظامية”.

وأضاف جدري، أن الاقتصاد المغربي “يمر بأزمة حادة تتجلى في معدلات البطالة المرتفعة، التي وصلت إلى أكثر من 14 في المائة، خصوصا في المناطق الحضرية”، لافتا إلى أن “ما يزيد الوضع سوءا هو وجود 4.5 ملايين شاب مغربي، تتراوح أعمارهم بين 15 و35 عاما، لا يشتغلون ولا يتلقون أي تدريب، ولا يبحثون عن عمل؛ وهي فئة تواجه تحديات كبيرة في سوق العمل”.

وشدد الخبير الاقتصادي ذاته على أن هناك “حاجة ماسة لسياسات تستهدف هذه الفئة من الشباب؛ من خلال تفعيل برامج ريادة الأعمال، وتشجيع الرياضة والثقافة كوسائل لشغل أوقاتهم، وتوجيههم نحو مسارات مهنية ناجحة، وتيسير الولوج إلى التمويلات البنكية من أجل خلق مشاريع ذاتية”؛ فضلا عن “ضرورة تسليط الضوء على قصص نجاح الشباب الذين تمكنوا من تأسيس مشاريعهم الخاصة في المغرب، سواء عبر المقاولات الذاتية أو التعاونيات أو المقاولات الصغيرة، لتشجيع الآخرين على اتخاذ خطوات مشابهة بدلا من التوجه نحو الهجرة”.

في السياق ذاته، أكد عبد الرزاق الهيري، أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة محمد بن عبد الله بفاس سايس، أن فئة الشباب التي تعاني من وضعية “NEET” “تشكل شريحة مهمة ومهمشة في المجتمع المغربي، حيث يتجاوز عددها 4 ملايين شخص؛ وهي إشكالية طُرحت منذ سنوات في تقرير النموذج التنموي الجديد”.

وأشار الهيري، في حديث لاحدى الجرائد الالكترونية المغربية، إلى أن هذه الفئة “تعاني من مشاكل عديدة؛ من بينها الهدر المدرسي، والفقر، وصعوبة الاندماج في سوق العمل”، معتبرا أن معالجة هذه الظاهرة “تتطلب تدخلا عاجلا؛ من خلال سياسات تهدف إلى تحسين الخدمات العمومية، وتوفير فرص عمل حقيقية للشباب، والتسلح بالموضوعية والواقعية والأمل في التعامل معها”.

وبعد أن أكد أنه لدى المغرب ما يكفي من الإمكانيات للتخفيف من وطأة إشكالية هذه الفئة”، دعا أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة محمد بن عبد الله بفاس سايس إلى “ضرورة الاعتماد على البرامج المتاحة؛ مثل برنامج المقاول الذاتي وبرامج تمويل المشاريع الشبابية، وتفعيل برامج جديدة قادرة على استيعاب هؤلاء الشباب وتحقيق إدماجهم في الحياة الاقتصادية”.

كما أكد المتحدث ذاته كذلك على “أهمية التواصل مع هذه الفئة بشكل مباشر ومنتظم”، مشيرا إلى أن “الكثير من هؤلاء الشباب يعيشون في الأحياء المهمشة ولا تصلهم المبادرات الحكومية بسهولة”، خالصا إلى أن “الوصول إلى هذه الفئة والتفاعل معها بشكل إيجابي يمكن أن يساهم في تعزيز ثقتهم في المستقبل وفي إمكانيات تحقيق النجاح داخل المغرب والاستفادة من طاقتها لما فيه فائدة للاقتصاد الوطني والمجتمع المغربي”.

 

Partager sur :