
"هذا القرار الملكي يأتي في إطار تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، الذي يحرص الملك محمد السادس أن يطبق على جميع المسؤولين مهما بلغت درجاتهم، وكيفما كانت انتماءاتهم"، بهذه العبارة ختم الديوان الملكي بلاغه حول قرار إعفاء الملك لمحمد بوسعيد من مهامه على رأس وزارة الاقتصاد والمالية، ليضع حداً للروايات التي كانت تتناسل بين الفينة والأخرى بشأن وجود وزراء مفضلين لدى القصر أكثر من غيرهم.
وأكد الملك محمد السادس، من خلال قرار إعفاء الوزير المنتمي سياسياً إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، أن مبدأ ريط المسؤولية بالمحاسبة الذي تم إدراجه في وثيقة النظام الدستوري المغربي لن يستثني أحداً مهما كان موقعه السياسي أو لونه الحزبي؛ الأمر الذي خلف ارتياحاً كبيراً لدى كثير من المتتبعين للشأن السياسي بالمغرب.
وكان الملك محمد السادس قد قرر، الأربعاء، إعفاء محمد بوسعيد من مهامه كوزير للاقتصاد والمالية، بعد استشارة رئيس الحكومة، طبقا لأحكام الفصل الـ47 من الدستور.
مصطفى السحيمي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط محلل سياسي، يرى أن تنصيص بلاغ الديوان الملكي على عبارة "مهما بلغت درجاتهم، وكيفما كانت انتماءاتهم"، يؤكد أن المؤسسة الملكية تقف على مسافة واحدة من جميع مسؤولي البلاد، وأن ساعة المحاسبة إن دقت فهي لا تستثني أحداً.
وأورد الباحث في القانون الدستوري، أن بلاغ إقالة بوسعيد يشدد أيضاً على أن مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة يسري على جميع الأحزاب السياسية كيف ما كانت قوتها أو نفوذها، قائلا إن "التحقيقات في مشروع الحسيمة منارة المتوسط كانت قد أطاحت بوزراء ينتمون إلى حزبي التقدم والاشتراكية والحركة الشعبية، واليوم نجد مقصلة المحاسبة تصل إلى وزير قيادي ضمن الصفوف الأولى للتجمع الوطني للأحرار، رغم أنه يشغل منصب وزير الاقتصاد والمالية منذ سنة 2013".
وتوقع الخبير في القانون الدستوري أن يُواصل تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة بالإطاحة بأسماء وزارية أخرى، خصوصا بعد خطاب العرش الأخير الذي وضع النقاط على الحروف حول عدد من البرامج الاستعجالية التي يتوخى تفعيلها في أقرب الآجال.
وقال السحيمي: "إن الطالبي العلمي، وزير الشباب والرياضة، مرشح لمغادرة الحكومة، بسبب طريقة تدبيره لملف ترشح المغرب لمونديال 2026، وأيضاً محمد يتيم، وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية، بعد فشله في إنجاح الحوار الاجتماعي مع المركزيات النقابية".
وكان الملك محمد السادس أكد في خطاب العرش أن "الحوار الاجتماعي واجب ولا بد منه، وينبغي اعتماده بشكل غير منقطع"، قبل أن يدعو الحكومة إلى "أن تجتمع بالنقابات، وتتواصل معها بانتظام، بغض النظر عما يمكن أن يفرزه هذا الحوار من نتائج".
ودفعت إقالة الملك للوزير بوسعيد رئيس الحكومة إلى التراجع عن قرار العطلة الصيفية لجميع وزرائه؛ إذ أكد مصطفى الخلفي، الناطق الرسمي باسم الحكومة، الخميس، أنه "ليست هناك عطلة للحكومة، هناك من الوزراء من سيأخذ أسبوعا أو أسبوعين، لكن العمل الحكومي سيستمر؛ وذلك حتى تكون الحكومة في مستوى تطلعات وطموحات الملك".
وأبرز الخلفي، في ندوة صحافية أعقبت انعقاد مجلس الحكومة الأسبوعي، أنه مع نهاية هذا الشهر، سيعرض مخطط كل قطاع وزاري معين، وسترفع تقارير منتظمة إلى رئاسة الحكومة حول مسار تنزيل هذه المخططات، ومن ثم سترفع إلى الملك عن طريق رئيس الحكومة.