📍جنيف، سويسرا
إلى السيد الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء
من أفراد الجالية المغربية بسويسرا
الموضوع: طلب تدخل عاجل بشأن ظاهرة الاستغلال الرقمي للأطفال والاتجار بالرضّع
سلام تام بوجود مولانا الإمام المؤيد بالله،
وبعد،
ظاهرة الاستغلال الرقمي للأطفال والاتجار بالرضّع: جريمة عابرة للقارات بصبغة جديدة
في عصر الرقمنة المتسارع، لم تعد أشكال الاتجار بالبشر مقتصرة على صورها التقليدية، بل تفاقمت لتكتسب أبعادًا رقمية أكثر تعقيدًا وخطورة. وتبرز اليوم، كإحدى أخطر هذه الظواهر، ممارسات الاستغلال الرقمي للأطفال والاتجار بالرضّع.
هذه الأفعال تمسّ في الصميم براءة الطفولة، وتستغل هشاشة الأسر وضعف الوعي، لتُغذي سوقًا مظلمًا يدرّ أرباحًا طائلة عبر منصّات التواصل الاجتماعي.
وفي هذا السياق، تبرز ظاهرة مقلقة تتمثل في قيام بعض صانعي المحتوى، خصوصًا على منصة “يوتيوب”، ببثّ مشاهد خاصة وحميمية من حياة الرضّع والأطفال القاصرين، بدءًا من لحظات الولادة وحتى تفاصيل الحياة اليومية الدقيقة، وذلك لأغراض تجارية بحتة.
هذا السلوك، الذي بات يُعرف بـ “الاتجار الرقمي بالرضّع”، يُحوّل الطفل إلى مجرّد أداة رقمية لجني الأرباح، مما يشكل انتهاكًا صارخًا لحقوقه النفسية والإنسانية، ويُجرّمه القانون.
تجريم الاستغلال الرقمي للطفولة: مقاربة قانونية و دستورية لحماية حقوق في الفضاء الرقمي
إن هذه الممارسات المتنامية، التي تتسم بالتنظيم والمنهجية، حيث يُقدَّم الطفل كمحتوى تسويقي متكامل، تُعدّ مخالفة صريحة للمبادئ الدستورية ولأحكام اتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها المغرب. كما تشكل هذه الأفعال خرقًا واضحًا لمقتضيات القانون الجنائي المغربي، لاسيّما تلك المتعلقة بمكافحة الاتجار بالبشر وحماية الطفولة، وتستدعي تدخلاً قضائيًا حازمًا لمواجهة هذه الجرائم المستجدة.
وعليه، يتشرّف أفراد من الجالية المغربية المقيمين بجنيف، عاصمة المنظمات الدولية، بأن يرفعوا إلى سيادتكم هذا الطلب العاجل للتدخّل والتحقيق في هذه الظاهرة الخطيرة، التي انطلقت من مدينة فاس، وبدأت تستأثر باهتمام دولي واسع.
كما تُعد هذه الأفعال الإجرامية، التي تنطلق أساسًا من المملكة المغربية، الواقعة في القارة الإفريقية، وتنتشر عبر شبكة منظمة تنشط على المنصات الرقمية، ما يجعلها جريمة عابرة للقارات، إذ تنتقل آثارها من إفريقيا إلى أوروبا، في خرق واضح لمبدأ الحصر الترابي للاختصاص القضائي. ولا تقتصر تبعاتها على التراب الوطني، بل تمتد لتطال أفراد الجالية المغربية المقيمين بالقارة الأوروبية، مُسيئةً لصورة المغرب ومُخالفةً لما تقره القوانين الوطنية والدولية من ضمانات لحماية حقوق الطفولة.
وإننا إذ نعبّر عن ثقتنا الكبيرة في القضاء المغربي، فإننا نتوجه بخالص التقدير إلى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، لما عهدناه فيها من حزم واستقلالية في التعاطي مع الملفات الحساسة، وقدرتها على التصدي للجرائم ذات البعد الوطني بكل مهنية وصرامة، وهي الجهود التي تجاوز صداها حدود الوطن وبلغت بقاع العالم.
السيد الوكيل العام المحترم، نحيطكم علمًا بأننا قد قمنا بإرسال تبليغنا إلى البريد الإلكتروني الرسمي الخاص بكم، والمُدرج ضمن البوابة الإلكترونية الرسمية لرئاسة النيابة العامة، وذلك احترامًا للمساطر القانونية الجاري بها العمل، وعملاً بمبادئ التواصل المؤسسي وتكريس الإدارة الرقمية.
وبناءً على ما سبق، نلتمس من سيادتكم اتخاذ الإجراءات العاجلة والضرورية، من خلال فتح تحقيق معمّق واتخاذ التدابير القانونية المناسبة، بما يضمن حماية الأطفال وصون كرامتهم، وردع كل من تسوّل له نفسه استغلالهم تحت غطاء المحتوى الرقمي.
وتفضّلوا، السيد الوكيل العام المحترم، بقبول فائق التقدير والاحترام.
عن أفراد من الجالية المغربية بجنيف سويسرا