FR AR
شارك على :

ريم البنا.. غزالة فلسطين رحلت

صارعت ريم البنا مرض السرطان طيلة سنوات وانتصرت على مخاوفها وآلامها أكثر من مرة فمنحت الأمل لمحبيها كما منحت صوتها لفلسطين ، عاندت «غزالة الناصرة» الموت كما عاندت المحتل ووقفت مقاومة، صلبة وأبية ..رحيلها المفاجئ وانتصار المرض الخبيث على جسدها المتعب صدما عشاقها وأحزنا فلسطين والعرب ..عشية السبت المنقضي لف العلم الفلسطيني جثمان ريم البنا وشيع جنازتها الآلاف، رحل جسدها المتعب وظلت روحها المحبة لأرض الكنان والعاشقة للحرية في أبهى تجلياتها ترافقنا..هي الفلسطينية، التي أحبت تونس وعاشرت أهلها وتطبعت ببعض الملامح من حياتنا، حتى أنها خرجت في شوارعنا وشاركتنا مسيراتنا ومظاهراتنا لأجل حرية وكرامة تربت في كنفهما ريم البنا وتدرك بفطرتها ماهية الحياة في ظل الظلم والقهر والدكتاتورية...

ريم البنا كانت قد فاجأت أبناء «دار الصباح» في إحدى أيام «اعتصام 2012» بزيارة مسائية دعما للحق في صحافة حرة ومستقلة وغنت للمعتصمين مبتسمة مشجعة وفخورة رغم آلامها وأوجاع الوطن، ظلت ريم البنا صامدة على مبدإ واحد يختصر حبها للوطن والحرية والموسيقى..
موسيقاها، التي كانت لفلسطين ونضالات أبنائها وشهدائها ، بتهاليلها التراثية وثقافتها الموسيقية العميقة الممزوجة بإيقاعات العالم فغنت ريم البنا «مرايا الروح» ووجهت مع مغنيات من فلسطين والعراق وإيران والنرويج رسالة موسيقية ضد الحرب إلى الرئيس الأمريكي بوش وأجادت موسيقى «البوب» بأسلوبها كما غنت للأطفال وظلت القدس حاضرة دوما في فنها..هكاذا كانت ريم البنا صاحبة جائزة ابن رشد للفكر الحر وهكذا ستظل «غزالة فلسطين» الحرة المقاومة الأصيلة. ولعّل تصورها للموت ووصفه لأطفالها في رسالتها الأخيرة يغنينا عن كل الكلام لتبقى كلمات ريم البنا بصدقها صامدة: «بالأمس .. كنت أحاول تخفيف وطأة هذه المعاناة القاسية على أولادي..فكان علي أن أخترع سيناريو..فقلت...لا تخافوا.. هذا الجسد كقميص رثّ.. لا يدوم..حين أخلعه..سأهرب خلسة من بين الورد المسجّى في الصندوق..وأترك الجنازة «وخراريف العزاء» عن الطبخ وأوجاع المفاصل والزكام .. مراقبة الأخريات الداخلات .. والروائح المحتقنة...وسأجري كغزالة إلى بيتي..سأطهو وجبة عشاء طيبة ..سأرتب البيت وأشعل الشموع ..وأنتظر عودتكم في الشرفة كالعادة ..أجلس مع فنجان الميرمية ..أرقب مرج ابن عامر..وأقول.. هذه الحياة جميلة والموت كالتاريخ .. فصل مزيّف..».
نجلاء قمّوع من تونس

Partager sur :