شهد الحقل الأكاديمي المغربي حدثًا علميًا لافتًا بتتويج الأستاذ الحسين بكار السباعي بنيل الدكتوراه في موضوع بالغ الحساسية والأهمية، يجمع بين الإعلام والهجرة وحقوق الإنسان، في لحظة تاريخية يتصاعد فيها حضور قضايا الهجرة في النقاش العمومي الدولي، وتتعاظم فيها مسؤولية الإعلام في تشكيل الصور والتمثلات المرتبطة بالمهاجرين.
لم يكن هذا الاختيار العلمي اعتباطيًا، بل جاء نتيجة تجربة تراكمية وما يقارب حياة كاملة من الاحتكاك بالشأن الحقوقي والقانوني، إلى جانب متابعة دقيقة لما ينشر بالفضاءات الإعلامية الأوروبية، خاصة في فرنسا وإسبانيا، حيث تتقاطع السياسات العمومية مع صناعة الرأي العام، وتتشكل صورة المهاجر في الوعي الجماعي عبر خطاب إعلامي لا يخلو من الانحيازات والتمثلات المسبقة.
وقد ركّز الدكتور الحسين بكار السباعي، عبر سنوات البحث، على قراءة وتحليل مضامين وسائل الإعلام الفرنسية والإسبانية التي تتناول قضايا الهجرة، مع اهتمام خاص بما تنشره منصة ماكلور الإلكترونية، بوصفها نافذة إعلامية مهمة نتابع عن قرب محتواها وتحليلاتها، خصوصًا في ما يتعلق بالهجرة وحقوق الإنسان والعلاقات بين الضفتين. هذا التتبع المستمر مكّن من رصد تحولات الخطاب الإعلامي، ومستويات حضوره بين المقاربات الإنسانية والحقوقية، وبين إعادة إنتاج الصور النمطية حول المهاجرين المغاربة.

وقد بيّنت الدراسة أن الإعلام ليس مجرد وسيط ناقل للخبر، بل فاعل مركزي في صناعة الوعي وصياغة التصورات، بما يحمله من قدرة على بناء صورة إيجابية منصفة، أو تكريس تمثلات اختزالية تختزل المهاجر، ولاسيما المرأة المغربية المهاجرة، بين خطاب الضحية أو خطاب الاستثناء، مع تغييب صوتها الذاتي وتهميش تجربتها الإنسانية والحقوقية المعقدة.
وتأتي أهمية هذا العمل العلمي أيضًا من كونه يسائل الضمير الإعلامي والحقوقي معًا، ويعيد طرح سؤال المسؤولية الأخلاقية للإعلام في التعاطي مع قضايا الهجرة، داعيًا إلى تبني خطاب حقوقي عادل، يكرّس الكرامة الإنسانية، ويعترف بالمهاجرين كفاعلين اجتماعيين لا كموضوعات للتمثيل أو الإثارة.

بهذا الإنجاز العلمي الرصين، يساهم الدكتور الحسين بكار السباعي في إغناء النقاش الأكاديمي والإعلامي حول واحدة من أكثر القضايا راهنيةً وتعقيدًا، فاتحًا الباب أمام مقاربة جديدة تقترح قراءة نقدية للإعلام، وتدعو إلى خطاب يعلي قيمة الإنسان فوق كل اعتبار.
هنيئًا للدكتور الحسين بكار السباعي بهذا المنجز العلمي، الذي يشكل إضافة نوعية في مسار البحث الأكاديمي وفي معركة الدفاع عن صورة الإنسان وكرامته.