في إطار تعزيز آليات اليقظة الإقليمية وتفعيل التدابير الاستباقية الرامية إلى حماية الأرواح والممتلكات من المخاطر المناخية، ترأس السيد محمد الزهر، عامل عمالة إنزكان أيت ملول، صباح يوم الثلاثاء 02 دجنبر 2025 بمقر العمالة، الاجتماع الأول للجنة الإقليمية لليقظة لتدبير وتتبع أحداث الفيضانات، وذلك بحضور السيد الكاتب العام للعمالة، والسيد نائب القائد المنتدب للحامية العسكرية، والسادة رؤساء الجماعات الترابية، إلى جانب رؤساء المصالح الخارجية والأمنية المختصة.
وفي كلمته الافتتاحية، أكد السيد العامل أن هذا الاجتماع يأتي في سياق وطني يقتضي تعزيز الجاهزية وتعبئة جميع الوسائل لمواجهة المخاطر الطبيعية، ولا سيما الفيضانات التي تفاقمت بفعل التغيرات المناخية. وأوضح أن التعامل مع هذه الظواهر لم يعد يقتصر على التدخل عند وقوعها، بل يستلزم اعتماد منهجية استباقية تقوم على التحليل العلمي ومتابعة المؤشرات المناخية، مع تقوية قدرات التدخل الوقائي لضمان حماية الأرواح والممتلكات واستمرارية المرافق الحيوية.
وأشار السيد العامل إلى أن اللجنة الإقليمية لليقظة تضطلع بمجموعة من المهام الأساسية، من بينها تتبع النشرات التحذيرية الصادرة عن المديرية العامة للأرصاد الجوية ووكالة الحوض المائي، والمساهمة في عمليات الإنذار والإخبار وتحسيس الساكنة بحدوث الفيضانات، واتخاذ التدابير الوقائية لتفادي وقوع الأضرار، بالإضافة إلى التنسيق بين المتدخلين خلال عمليات الإنقاذ، وضمان العودة السريعة إلى الحالة الطبيعية للمرافق الحيوية، وتجميع المعلومات والمعطيات التقنية المرتبطة بالفيضانات.
كما شدد على ضرورة وضع آليات فعالة لتبادل المعلومات والإنذارات بشكل فوري بين مختلف القطاعات، واعتماد أنظمة متطورة للتوقع والإنذار بالحاملات على مستوى مجاري المياه، مع تكثيف جهود التحسيس والتوعية لفائدة الساكنة، وتعزيز التنسيق بين الجماعات الترابية والمصالح التقنية المختصة لضمان أعلى درجات الجاهزية والتأهب لمواجهة مختلف السيناريوهات المحتملة.
وخلال الاجتماع، قدم ممثلو وكالة الحوض المائي لسوس ماسة والمديرية الإقليمية للتجهيز والنقل واللوجستيك والماء والمديرية الجهوية للأرصاد الجوية عروضاً تقنية مستفيضة، تناولت التدابير الاستباقية المعتمدة للحد من مخاطر التقلبات المناخية، مع استعراض المعطيات المرتبطة بالمجاري المائية، والمنشآت الطرقية، وشبكات الصرف الصحي، وبيان النقاط التي تتطلب تدخلاً عاجلاً أو برمجة مشاريع هيكلية لتعزيز الحماية من الفيضانات.
كما شكلت هذه العروض أرضية لفتح نقاش موسع بين مختلف المتدخلين، حيث تم استعراض الإكراهات المتعلقة ببعض النقاط السوداء التي تشهد تجمعات مائية موسمية، والتحديات المرتبطة بتأهيل المنشآت المائية المتقادمة، والحاجة للإسراع باستكمال الدراسات التقنية الخاصة بالمشاريع الموضوعاتية لحماية المناطق المهددة. وقد أكد أعضاء اللجنة انخراطهم الكامل في إطار مقاربة تشاركية تهدف إلى وضع خطة عمل استباقية وواقعية تعزز فعالية التدخلات وتضمن حماية الساكنة.
وفي هذا الإطار، أعطى السيد العامل توجيهاته العملية لجميع المصالح والإدارات المعنية، مشدداً على ضرورة تكثيف الجهود واعتماد مقاربة استباقية في كل التدخلات، وذلك عبر تكليف المصالح التقنية للمديرية الإقليمية للتجهيز والنقل واللوجستيك والماء اشتوكة – إنزكان بتشكيل لجنة خبرة متخصصة لإجراء دراسة تقنية معمقة حول ظاهرة السيول التي تعرفها الطريق الوطنية رقم 10 الرابطة بين مطار أكادير المسيرة وجماعة أيت ملول، بهدف تشخيص الإكراهات القائمة وتحديد التدخلات الهيكلية الكفيلة بالحد من مخاطر الفيضانات على طول هذا المحور الحيوي بشكل استعجالي. كما شدّد على ضرورة التنسيق المحكم بين المصالح التقنية للمديرية الإقليمية ونظيرتها بالجماعة الترابية أيت ملول بخصوص مشروع تأهيل قنطرة مولاي عبد الله، بما يضمن تسريع وتيرة الأشغال وتحسين انسيابية حركة المرور، ودعا المصالح التقنية لوكالة الحوض المائي سوس ماسة إلى الإسراع بإتمام الدراسات المتعلقة بمشروع إحداث قناة لتصريف المياه وحماية جماعة أولاد دحو من مخاطر الفيضانات على مستوى دوار أولاد علي، بالنظر إلى الطابع الاستعجالي لهذا الورش الحيوي. وفي نفس السياق، حثّ مصالح المديرية الإقليمية للشركة الجهوية متعددة الخدمات بالدشيرة الجهادية على الشروع الفوري في إعادة تهيئة وتشكيل المجرى الخاص بتصريف مياه الأمطار بمنطقة تراست، لضمان رفع قدرته الاستيعابية والحد من آثار التساقطات الاستثنائية، وتسريع وتيرة أشغال تنقية البالوعات على مستوى مدارة مولاي رشيد، مع التأكيد على إعطاء الأولوية لعمليات تنظيف مناطق الصرف الصحي (Curage des zones d’assainissement) لضمان انسيابية المياه والحد من تجمعها، خاصة بالمدارة التي تفصل بين الجماعتين الدشيرة الجهادية وإنزكان.
واختتم السيد العامل كلمته بالتأكيد على ضرورة التحلي بروح المسؤولية من لدن جميع المتدخلين، والسهر على حماية أرواح وممتلكات رعايا صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، باعتبار ذلك أولوية قصوى تستلزم يقظة دائمة وتعبئة متواصلة، مشدداً على أهمية اعتماد مقاربة استباقية في التعامل مع الأحداث الطبيعية والتقلبات المناخية التي قد تشكل تهديداً مباشراً على صحة وسلامة وممتلكات المواطنين، واتخاذ التدابير الوقائية الكفيلة بالحد من أي مخاطر محتملة، وتعزيز قدرة العمالة على مواجهة مختلف الظواهر المناخية الطارئة.