في قلب جبال سوس وتحديدا بجماعة تيزغران التابعة لإقليم تيزنيت، جددت الساكنة المحلية وعدها السنوي مع أحد أبرز المواسم الروحية في المنطقة، موسم "للا تعزة السملالية"، الذي احتضنته المدرسة العلمية العتيقة يوم الاثنين 22 شتنبر 2025، وسط أجواء خاشعة تعكس عمق التدين الشعبي وتراث التصوف الأمازيغي.
منذ الساعات الأولى الصباح ، توافد الزوار من مختلف قرى سوس، حاملين معهم نية التبرك والدعاء في مقام الوليّة الصالحة "للا تعزة"، التي تحظى بمكانة روحية خاصة في ذاكرة الأهالي، كرمز للورع والصلاح، وحامية للمنطقة برمزيتها الدينية.
وقد انطلقت فعاليات الموسم بتلاوات قرآنية جماعية على طريقة "تاحزابت"، التي تعد من الخصوصيات الدينية للمدارس العتيقة بسوس، حيث صدحت أصوات الطلبة والحفاظ بآيات من الذكر الحكيم داخل المسجد العتيق، في لحظة روحانية استثنائية جمعت بين القِدم والسكينة.
ولم تقتصر التظاهرة على الجانب الديني فحسب، بل كانت أيضا مناسبة لتعزيز الروابط الاجتماعية، حيث شكلت ساحة المدرسة فضاء للقاءات عائلية وجماعية بين الزوار وأبناء المنطقة، في امتداد للوظيفة الاجتماعية للمواسم الدينية.
الحدث حضره وفد رسمي يتقدمه عامل إقليم تيزنيت، مرفوقا بعدد من الشخصيات البارزة، من بينهم رئيس المجلس الاقليمي لتيزنيت و رئيس المجلس العلمي المحلي، ومندوب وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، إضافة إلى منتخبين وفاعلين مدنيين، ما عكس القيمة الرمزية والثقافية التي تحظى بها هذه المناسبة داخل أجندة الإقليم.
ويمثل موسم "للا تعزة السملالية" أكثر من مجرد طقس ديني؛ فهو امتداد لذاكرة جماعية تجسد عمق ارتباط الإنسان الأمازيغي بموروثه الصوفي والديني، ودليل على استمرار دور المدارس العلمية العتيقة في ترسيخ القيم الروحية، وصون الهوية الإسلامية المغربية المبنية على التسامح والاعتدال.