جدد الرئيس بوتفليقة تمسك الدولة، بنظام الدعم الاجتماعي، رغم الأزمة المالية التي تتخبط فيها البلاد، لينفي بذلك أية “مزاعم” حول نية الحكومة التخلي عن سياسة “السوسيال” التي أثارت جدلا واسعا على مدار الأيام القليلة الماضية، فيما دعا بالمقابل الأطباء المقيمين والأساتذة الذين يقودون حركة احتجاجية منذ أشهر إلى آداء واجباتهم والتزاماتهم تزامنا مع دفاعهم عن حقوقهم.
دخل الرئيس بوتفليقة على خط التناقضات التي وقعت فيها الحكومة بسبب تصريحات بعض مسؤوليها حول قضية الدعم الاجتماعي والتي أثارت حفيظة أحزاب المعارضة التي دعت الرئيس للتدخل العاجل من أجل وقف الجدل الدائر.
وأكد بوتفليقة في رسالة بمناسبة إحياء الذكرى 24 لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين وتأميم الـمحروقات أمس، قرأها نيابة عنه وزير العدل الطيب لوح من وهران، بقاء الدولة على منهجها من حيث السياسة الاجتماعية والتضامن الوطني، حيث إنها قادرة على ذلك لأنها تملك الـمطلوب من الـمؤهلات والطموح رغم الرهانات الحاسمة التي تواجهها بالنسبة لـمستقبل البلاد بسبب الأزمة الاقتصادية التي هزت أسس الاقتصاد العالـمي وما تولد عنها من تداعيات متعددة الأبعاد، وأضاف “يقتضي اضطراب الأسواق النفطية وتداعياته على التوازنات الكبرى لاقتصادنا أن نخرج اقتصادنا من التبعية لإيرادات النفط ونتوجه إلى تنويع مصادر مداخيلنا من خلال استدرار الثروة”.
ولأول مرة رد الرئيس بوتفليقة على الغليان الذي تشهده الجبهة الاجتماعية والحركات الاحتجاجية التي يقودها الأطباء المقيمون وكذا الأساتذة، وقال “أهيب بالعمال أن يسهروا على أن يقترن دفاعهم الـمشروع واليقظ عن حقوقهم بحرصهم الفعال والـمتواصل على أداء واجباتهم والتزاماتهم في هذه الـمرحلة الحاسمة للغاية من التنمية الوطنية”، وتابع “سنذلل الصعاب ونواصل طريقنا نحو الرقي، ولم أشك أبدا في استعداد الجميع لـمغالبة التحدي هذا”.
ودعا المسؤول الأول في البلاد العمال والعاملات وبالخصوص الشبيبة، إلى التجند أكثر من أي وقت مضى من أجل إنعاش “اقتصادنا وبناء جزائر قوية تؤَمِّنُ لجميع أبنائها العيش الكريم والشغل”، وأضاف أن شساعة التراب الوطني “تملي علينا سياسة تنمية ابتكارية تهتم بالعدالة الاجتماعية التي يتعين علينا تحقيقها في ظروف استثنائية يتطلب فيها تنويع اقتصادنا في حالة الأزمة هذه انتهاج الصرامة وأخلقة الحَوْكَمَة”، مبرزا العناية البالغة التي يوليها لهذه الـمسائل الاستراتيجية.
وكشف بوتفليقة أنه كلف الحكومة بإدراج بعث الاقتصاد بتعبئة القوى الحية للبلاد والاعتماد على طاقتها الشبانية، كما شدد على أن مطلب تنويع الاقتصاد وتنافسيته أصبح أكثر إلحاحا في سياق الأزمة النفطية التي تمر بها البلاد، مشيرا إلى أنه لا ينبغي للشباب الجزائري أن ينظروا من الآن فصاعدا إلى مستقبلهم من زاوية تقلبات أسعار النفط وإنما إلى ضرورة أن “نستخلص ما يجب من العبر ونعيد النظر في الاختلالات الهيكلية لاقتصادنا التي كانت سببا في شدة تأذينا من الأزمة التي اعترت الأسواق النفطية منذ سنة 2014”.
وعاد الرئيس للحديث عن أهمية القطاع العمومي وكذا تشجيع القطاع الخاص وجعله يستفيد من إجراءات التحفيز على الاستثمار والابتكار، لتقليص “من هشاشتنا أمام التقلبات الطارئة للأسواق النفطية ونجعل من الثروة الـمتمثلة في الـمحروقات أداة حقيقية لتنمية بلادنا”، لافتا في ذات السياق إلى أهمية الإشعاع الشمسي العالي المتوفر في البلاد لما يشكله من “تحول طاقوي إرادي واعد”، وكذا ضرورة تنويع الاقتصاد عبر تكثيف النشاطات في مجال التكنولوجيا والنشاطات ذات القيمة الـمضافة العالية واعتماد مبدأ الأفضلية للـمنتوج الوطني أن يحكم الطلبيات العمومية وتشجيع الـمنتوج الوطني على الارتقاء في التنافسية والوصول إلى مرتبة مرموقة في السوق الوطنية والبحث عن منفذ إلى الأسواق الدولية.
وحسب بوتفليقة فإن تعزيز قدرة الاقتصاد الوطني على الـمقاومة جاء بفضل سياسة جريئة لتسديد الـمديونية، حيث تتصدى الدولة للأزمة الاقتصادية بشجاعة وحزم وتابع “نحن مطمئنون على ما لدينا من هامش التحرك الذي يتيح لنا انتهاج خطة عمل فعالة للخروج من الأزمة”.