
الرباط - 5 فبراير 2025
شهدت مختلف القطاعات في المغرب، يومه الأربعاء، إضرابًا عامًا إنذاريًا دعا إليه كل من الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، المنظمة الديمقراطية للشغل، وفيدرالية النقابات الديمقراطية. وأسفر الإضراب عن نسبة مشاركة عامة بلغت 84.9%، مع تسجيل نسب مشاركة كاملة في بعض القطاعات الحيوية، ما يعكس حجم الغضب العمالي من السياسات الحكومية الحالية.
تراوحت نسب الاستجابة للإضراب بين 56% و100% في مختلف القطاعات، حيث يرى محللون إقتصاديون كونها حضيت بمشاركة واسعة ورأت قطاعات مشلولة حيث بلغت في معملي “رونو داسيا” بطنجة و”سيتروين بيجو” بالقنيطرة 100%، ما أدى إلى شلل كامل في خطوط الإنتاج بهذين المصنعين اللذين يشغلان معًا أكثر من 18 ألف عامل. كما شهد قطاع الموانئ نسبة استجابة بلغت 95%، فيما تجاوزت النسبة 90% في قطاع المناجم والمحافظة العقارية ووزارة الفلاحة والمكتب الشريف للفوسفاط.
وفي القطاعات الاجتماعية، سجلت نسبة الإضراب في قطاع التعليم 82%، و70% في قطاعي الصحة والتفتيش العمالي، فيما بلغ الإضراب في قطاع التعليم العالي 56%، وفي المؤسسات البنكية 65%.
في بيان مشترك، أشادت المركزيات النقابية بنجاح الإضراب، معتبرة الإضراب الأول هذا مجرد “إنذارا” وتلوّح بالتصعيد مؤكدةً أنه يعكس حالة الرفض الشعبي لسياسات الحكومة الاقتصادية والاجتماعية، لا سيما في ظل ارتفاع الأسعار وكذا تدهور القدرة الشرائية، مع محاولات فرض قانون تنظيمي لتقنين الإضراب دون توافق مع الفرقاء الاجتماعيين.
واعتبرت النقابات إصرار الحكومة على تمرير هذا القانون بمثابة “إعلان مواجهة” مع الطبقة العاملة، منددةً بما وصفته بـ”التضييق على الحق في الإضراب والحريات النقابية”.
كما دعت المركزيات النقابية الحكومة إلى التراجع عن “كل القرارات والقوانين التي تستهدف المكتسبات الاجتماعية”، محذرةً من أن تجاهل مطالب العمال سيدفعها إلى تصعيد أشكالها الاحتجاجية خلال المرحلة المقبلة، عبر إضرابات قطاعية أكثر حدة، ومسيرات وطنية.
يضع هذا الإضراب حكومة عزيز أخنوش أمام تحدٍّ كبير واختبار اجتماعي صعب، خاصة مع تصاعد الاحتقان الاجتماعي في ظل استمرار ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية.
ويأتي هذا التصعيد في وقت تواجه فيه الحكومة انتقادات واسعة من المعارضة والنقابات بسبب ما يعتبره المحتجون “تعنتًا حكوميًا في فتح حوار اجتماعي جاد”، وسط دعوات لتوسيع قاعدة التفاوض بغية التوصل إلى اتفاق يحقق التوازن بين مصالح العمال والاقتصاد الوطني.
بعد نجاح هذا الإضراب بنسبة 84.9%، يظل السؤال المطروح .. هل تتجه البلاد نحو موجة إضرابات جديدة؟ هل ستبادر الحكومة إلى فتح حوار جدي مع النقابات؟ أم أن البلاد مقبلة على تصعيد اجتماعي أكبر قد يشمل إضرابات أكثر اتساعًا في المستقبل القريب؟