تعتبرصناعة التفاهة بالمغرب قضية معقدة تتداخل فيها العديد من العوامل الاجتماعية والثقافية والإعلامية. تتجلى هذه الظاهرة في الانتشار الواسع للمحتوى التافه على منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام التقليدية، مما يؤثر سلباً على الوعي العام والثقافة المجتمعية. من خلال بحثنا خلصنا إلى عدة عوامل متداخلة فيما بينها أو انسلخت عن قيمها الأساسية و أدت إلى انتشار هذه الظاهرة و ظواهر أخرى عاثت فسادا في البلاد و العباد. من بينها نذكر ثلاث عوامل:
- العامل الأول هو الإعلام: الذي تخلى عن دوره في نشر الحقائق و القيم و تحول إلى إعلام تجاري مؤسس لنشر التفاهة بامتياز، حيث تسعى القنوات والمواقع الإلكترونية إلى تحقيق أعلى نسب مشاهدة وربح مادي من خلال تقديم محتوى ترفيهي سطحي تافه يهدف إلى جذب الجماهير بشكل سريع وسهل. إلى جانب الإعلام التجاري نجد منصات التواصل الاجتماعي التي تساهم بدورها في تعزيزهذه الظاهرة من خلال السماح بنشر المحتوى دون رقابة أو مراجعة. و يسعى العديد من المستخدمين لتحقيق الشهرة السريعة والربح المادي عن طريق تقديم محتوى تافه يلقى رواجا واسعا في وقت وجيز.
- العامل الثاني هو انتشار ثقافة الاستهلاك المتوغلة داخل المجتمع لكل ما هو تافه و بسرعة ومن دون تمييز، حيث
يفضل الجمهور استهلاك المواد القصيرة والمسلية على المواد العميقة والمفيدة. هذه الثقافة تساهم في تعزيز إنتاج واستهلاك المحتوى التافه.
- العامل الثالث يمكن اختزاله في انهيار القيم الأخلاقية للمجتمع من خلال تخلي الأسرة عن دورها في تربية الابناء و مراقبتهم مما أدى إلى ظهور جيل جديد من الشباب لم يعد يعرف للحياء عنوانا.
هذه العوامل و غيرها أدت إلى ظهور أثر صناعة التفاهة على المجتمع المغربي و نذكر منها:
- تدهور الوعي العام والثقافة المجتمعية : حيث يصبح من الصعب على الأفراد الوصول إلى معلومات دقيقة ومفيدة تساهم في تنمية معارفهم.
- إضعاف القيم الثقافية والأخلاقية التي يعمل المحتوى التافه على إضعافها في المجتمع، حيث يتم التركيز على الجوانب السطحية واللا أخلاقية للمحتوى قصد تحقيق البوز.
- تشويه الصورة العامة للإعلام: يؤدي انتشار التفاهة إلى تشويه الصورة العامة للإعلام، حيث يفقد المواطنون الثقة في وسائل الإعلام كمصدر للمعلومات الموثوقة و الموضوعية.
لمحاربة هذه الظواهر الشاذة في المجتمع المغربي و العودة به إلى عصر القيم يلزمنا ان نضع يدا في يد كل من موقعه إعلاميين و أسرة و جمعيات و ذلك:
- عن طريق تعزيز النقد الإعلامي: إذ يجب على المواطنين تبني موقف نقدي تجاه المحتوى الإعلامي، والتمييز بين المحتوى المفيد والتافه. و يتطلب هذا الوعي القدرة على تحليل المحتوى الإعلامي وتقييم جودته. مع الحد من استهلاك كل ما ينشر على منصات التواصل الاجتماعي و قنوات اليوتوب و القطع مع المواقع التي تؤسس و تنشر هذا المحتوى.
يجب على الإعلام تحمل مسؤوليته في تقديم محتوى مفيد وهادف، وعلى المواطنين تبني موقف نقدي وداعم للمحتوى الجيد. من خلال هذه الجهود المشتركة، يمكن تقليل تأثير التفاهة وتعزيز الوعي والثقافة في المجتمع من خلال دعم المحتوى الهادف والمفيد.