استقبل الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، عبد الله بوصوف، اليوم الخميس بمقر المؤسسة في الرباط، وفدا فرنسيا مكونا من عمدة مدينة سان إتيان، غايل بيردريون، وعدد من المنتخبين، إضافة إلى مسؤولين بمسجد محمد السادس بالمدينة الفرنسية نفسها، من بينهم إمام المسجد؛ العربي مرشيش.
وفي كلمة له خلال هذا اللقاء، قدم بوصوف نبذة عن مجلس الجالية المغربية بالخارج كمؤسسة استشارية واستشرافية تعنى بتقييم السياسات العمومية الموجهة إلى مغاربة العالم، مبرزا أهمية دراسة الجانب الثقافي والديني للجاليات المغربية المستقرة خارج المملكة.
وقال الأمين العام إن "مشروع بناء مركز ثقافي في مدينة سان إتيان الفرنسية، الذي يندرج في برنامج هذه الزيارة، سيشكل فضاء للحوار والتبادل بين كافة مكونات المجتمع الفرنسي، وتشجيع الحوار بين الأديان وتقديم صورة مشرقة عن الدين الإسلامي والثقافة المغربية، مما سيساهم في تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة المنتشرة في أوروبا".
كما تطرق المتحدث إلى بعض الصعوبات التي تواجه تدبير الشأن الديني في فرنسا، معتبرا أنها ترجع في جزء كبير منها إلى السياسات الفرنسية الموجهة إلى المسلمين، مشددا على إمكانية تطويرها وتمكين المواطنين الفرنسيين المسلمين من ممارسة شعائرهم الدينية، في احترام تام للقوانين الفرنسية ولمبدأ العلمانية الذي يضمن حق هذه الممارسة لجميع الديانات، داعيا المغاربة والمسلمين للعب دور الجسر الرابط بين دول الأصل ودول الإقامة من أجل تعزيز الروابط الثقافية والإنسانية، وأيضا الاقتصادية.
وعن الروابط المغربية الفرنسية اعتبر بوصوف أن البلدين تجمعهما علاقات استثنائية، مؤكدا انخراط المغرب في مساعدة الجالية المغربية، والمسلمة عموما، في فرنسا لضمان ممارسة دينية في ظروف جيدة، في احترام للقوانين ومن دون أي تدخل في الشؤون الداخلية لبلد الإقامة، لأن الرهان الحقيقي هو إبعاد المسلمين والإسلام عن التدخلات السياسية، داخلية كانت أو خارجية.
وقدم المسؤول في مجلس الجالية النموذج الديني المغربي وقدرته على تدبير الاختلاف انطلاقا من تجربة التعدد الديني في المملكة، وتعايش المسلمين واليهود تاريخيا في احترام تام وضمان لحرية الممارسة الدينية، وأيضا انطلاقا من العناصر المكونة للنموذج نفسه، وهي المذهب المالكي الذي يتميز بالوسطية والاعتدال والليونة، والعقيدة الأشعرية التي تمنع التكفير، والتصوف السني الذي يزكي العمق الروحي كيفما كانت العقيدة.
من جانبه، نوه عمدة مدينة سانت إتيان، غايل بيردريون، بانخراط الجالية المغربية في الحياة المجتمعية بهذه المدينة، وبالحضور القديم للمسلمين في سان إتيان، وهم الذين جاؤوا مع موجات الهجرة وساهموا في الازدهار الصناعي المحلي، كما أشاد بأهمية مسجد محمد السادس في التعريف بالدين الإسلامي وبشعائر المسلمين، وأيضا كصرح معماري يؤثث الطابع العمراني للمدينة.
وشدد المسؤول السياسي على الدفاع عن مشروع بناء مركز ثقافي مسلم بسانت إتيان ليس فقط باعتباره مشروعا لمسلمي هذه الحاضرة، ولكن أيضا كمشروع موجه إلى جميع سكان المدينة الذين هم في أمسّ الحاجة إليه من أجل فهم أفضل للدين الإسلامي والثقافة المغربية وتقوية حضورها في الفضاء الثقافي، وتقريبها من الفرنسيين ومن الأجيال الجديدة للهجرة المغربية.
وأضاف العمدة الفرنسي أن التعريف بالثقافة المغربية وتوفير المعرفة العلمية عن الإسلام سيمكن من مواجهة الأفكار المتطرفة ومحاصرة النماذج المتشددة، مبرزا أن المغرب طور نموذجا دينيا معتدلا ومنفتحا سيمكن الشباب المسلم من المساهمة الإيجابية في المجتمع الفرنسي.