Partager sur :

التغيير في المغرب: بين استثمار الكفاءات ومحاربة الفساد

المغرب بلد غني بالموارد الطبيعية والبشرية، ويزخر بمواهب فذة في مختلف المجالات، سواء في الرياضة أو العلوم أو الفنون. ومع ذلك، يبدو أن هذه الكفاءات غالبًا ما تجد نفسها محبطة ومهمشة، عاجزة عن الوصول إلى مواقع التأثير والمساهمة الحقيقية في بناء الوطن. السبب الرئيسي وراء هذا الوضع المأساوي هو تفشي الفساد والمحسوبية، حيث يعمد البعض إلى احتكار المناصب والمواقع القيادية لسنوات طويلة، دون أن يقدموا ما يبرر وجودهم فيها.

خلفية الأزمة: استياء عام ونتائج مخيبة للآمال

واحدة من الأمثلة البارزة على هذا الوضع هي النتائج المخيبة للآمال في الأولمبياد، حيث لم تتمكن المملكة المغربية من حصد سوى ميدالية ذهبية واحدة في دورة باريس الأخيرة. هذا الفشل الرياضي يعكس بشكل واضح أزمة أكبر، تتعلق بعدم القدرة على استثمار المواهب والقدرات الوطنية بالشكل الأمثل. إنه ليس مجرد إخفاق رياضي، بل هو دليل على فشل السياسات العامة في دعم وتأهيل الكفاءات.

يبدو أن هذه الأزمة تتفاقم بوجود مسؤولين قد "عششوا" في بعض المؤسسات لعقود، دون حسيب أو رقيب، ودون أن يقدموا أي حصيلة تبرر استمرارهم في مواقعهم. هذا الوضع يعكس ضعفًا كبيرًا في منظومة المحاسبة والشفافية، حيث أصبح الفساد والمحسوبية جزءًا من الثقافة المؤسسية، ما أدى إلى تهميش الكفاءات وإحباطها.

كرة القدم: نموذج النجاح الممكن

على الجانب الآخر، نجد كرة القدم، التي تعتبر مثالًا ساطعًا على ما يمكن تحقيقه عندما تُعطى الفرصة للكفاءات لتثبت نفسها. نجاحات المنتخب الوطني المغربي في المحافل الدولية ليست مجرد نتيجة لتدريب جيد، بل هي ثمرة سياسات أكثر انفتاحًا ومرونة في اختيار المواهب، بعيدا عن الفساد والمحسوبية " زعما" . إنها رسالة واضحة بأن الكفاءات المغربية قادرة  على الوصول إلى العالمية إذا ما توافرت لها الظروف الملائمة مغاربة العالم خير دليل.

 

الخيانة الوطنية: من يعرقل التقدم؟

 من الصعب عدم وصف بعض المسؤولين الذين يعرقلون تقدم البلاد بالخيانة الوطنية. فهؤلاء الأفراد، الذين يحتلون المناصب العليا دون مراعاة للمصلحة العامة، ويعملون فقط لتحقيق مصالحهم الشخصية، هم بلا شك جزء من المشكلة. إن استمرار هؤلاء في مواقعهم يشكل عقبة كبيرة أمام أي محاولة للإصلاح أو التغيير.

 

الطريق نحو التغيير: مسؤولية الجميع

لكن السؤال الذي يطرح نفسه: ما الحل؟ هل نستسلم لهذا الوضع المأساوي أم نبحث عن طرق للتغيير؟ الجواب بالطبع هو الخيار الثاني. التغيير يبدأ من كل فرد في المجتمع، من خلال تبني قيم النزاهة والعمل الجاد، والمشاركة في محاربة الفساد بكل أشكاله. على المواطن أن يكون جزءًا من الحل، من خلال المشاركة الفعالة في الحياة السياسية، ودعم المؤسسات والشخصيات التي تتمتع بالنزاهة والكفاءة.

كما يجب على الدولة أن تتخذ إجراءات صارمة لمحاسبة المسؤولين الفاسدين، واستبدالهم بكفاءات شابة ونزيهة قادرة على قيادة البلاد نحو مستقبل أفضل. هذه العملية تتطلب إرادة سياسية قوية، وشجاعة لمواجهة المصالح الضيقة لبعض الفئات التي تسعى للحفاظ على الوضع الراهن.

 

ختامًا: الحاجة إلى تغيير شامل

المغرب بحاجة إلى تغيير شامل يطال كافة مناحي الحياة، يبدأ من إصلاح النظام التعليمي لخلق جيل قادر على التفكير النقدي والإبداع، مرورًا بإصلاح النظام السياسي لضمان التمثيل الحقيقي للكفاءات في مواقع القرار. بدون هذا التغيير، سيظل المغرب يعاني من نفس المشاكل، وستظل الكفاءات الوطنية محبطة وعاجزة عن تحقيق إمكانياتها الكاملة.

إذا أردنا لمستقبل المغرب أن يكون مختلفًا، يجب أن نبدأ اليوم، وكل منا يتحمل جزءًا من المسؤولية في تحقيق هذا التغيير.

 

Arabe
Partager sur :