في خضم الأحداث المتسارعة التي تعرفها الساحة الإسلامية بسبب نشر الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه و سلم، والتصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي، إيمانويلماكرون، و ما ترتب على ذلك من دعوات لمقاطعة فرنسا اقتصاديا، كان لنا حوار مع السيد عمر المرابط، مهندس وباحث في العلوم السياسية، ونائب عمدة مدينة أتيس-مونس السابق، حول بعض القضايا التي أثيرت في هذه الأزمة
أولا ما هو موقفكم من جريمة قتل الأستاذ الفرنسي
جريمة قتل الأستاذ وقطع رأسه إرهاب جريمة شنيعة لا يمكن تبريرها بأي شكل من الأشكال، جوابنا نحن كمسلمين لا يمكن أن يكون بالإرهاب أو بالتطرف أو بالرضوخ إلى تطرف آخر ، وهذا ما يحاول بعض المتطرفين اليمينيين جرنا إليه ليس في فرنسا فقط و لكن في العديد م
الدول الغربية، لذلك لا يمكننا أن ننجر إلى هذا المستنقع، و ندين بشدة جريمة قتل ذلك الأستاذ
كيف تنظرون إلى مسألة حرية التعبير في فرنسا في خضم الأحداث التي وقعت مؤخرا؟
أما عن حرية التعبير لا بد أن نرجع إلى تاريخ فرنسا خاصة قصة الكاريكاتير، فليست هذه أول مرة يرسم و يساء إلى دين من الأديان عبر الكاريكاتير فقد أسيء إلى البروتستانت و إلى ملوك حكموا فرنسا حتى وصل الحد بأحدهم إلى منع ذلك بل وصلت الإساءة إلى المسيح بمكانته الخاصة عند المسيحيين، و نعرف كيف يتحدثون عنه، رغم ذلك هناك رسم كاريكاتيري يبن المسيح عليه السلام و هو يسحل و يضرب.
لكن عندما إلى السنوات الأخيرة نجد أن هذه الرسوم تستهدف خاصة فئة معينة من المجتمع الفرنسي، و هي فئة المسلمين، فلو كانت هذه الرسوم تستهدف اليهود و المسيحيين و البوذيين وغيرهم من الديانات، لكان الأمر مفهوما، ويمكن حينها أن نقول أن الأمر يتعلق فعلا بحرية تعبير و أن جميع الأديان مستهدفة من طرف هؤلاء، الذين عليهم أيضا أن يستهدفوا العلمانية التي تتيح لهم الإساءة للأديان.
كلنا مع حرية التعبير، لكن لسنا مع حرية تعبير لا تفيد بأي شيء، فما معنى أن يكون الاستهزاء بالمسلمين وضرب رموزهم هو عنوانها الوحيد، فهل هذه هي الطريقة الأسلم للحديث عن حرية التعبير، و المشكل في كل هذا هو أن عددا من الفرنسيين يعتقدون أن هذه هي حرية التعبير، لأنهم يجهلون الموروث الثقافي الإسلامي، ومكانة الرسول صلى الله عليه و سلم عند المسلمين، و الذي وقع أنه تم تحوير النقاش و بدأ الحديث عن الإسلام السياسي وغيره من النقاشات البعيدة عن جوهر الموضوع.
لكن ألا يمكن القول أن هناك تطرف إسلامي موجود فعلا على ارض الواقع؟
يمكن أن نقول أن التطرف الإسلاموي موجود، لكني شخصيا لست متفقا مع المصطلحات التي يستعملها الساسة الفرنسيون، ولست أتحدث عن جميع الساسيين الفرنسيين، لأن هناك من يتحدث عن التطرف الإسلامي، وهنا يجب أن نفرق بين الإسلام السياسي و الإسلام المتطرف، ما معنى الإسلام السياسي، هذه الكلمة التي استوردت جاهزة من بعض الأنظمة العربية القمعية، و التي نظر لها أحد المستشرقين الفرنسيين المعروفين.
فالحديث عن الإسلام السياسي و كأنك تقول للمسلمين لا تخوضوا في السياسة، وهذا كما لو أنك تطلب من الشخص أن ينسى انتماءه إلى دين معين عند دخوله إلى معترك السياسة، وهذا غير صحيح حتى عند الفرنسيين، فنحن نعرف أنه حتى في أوروبا، هناك ما يسمى بالأحزاب المسيحية الديمقراطية، و أن كان ذلك غير موجود في فرنسا بهذه القوة لكنه موجود.
ألا تعتقدون أن السلطات الفرنسية تقوم تعاقب المسلمين بشكل جماعي
نعم هناك تجاوزات والأمثلة كثيرة، فعوض أن يتوجهوا إلى الشخص المسؤول عن الأخطاء أو التجاوزات التي يمكن اعتبارها متطرفة أو مشيدة بالإرهاب، الذي يجب أن يحاكم و يعاقب كشخص مسؤول عما بدر منه، يتم غلق المساجد الذي يصلي فيه ذلك الشخص، بينما لا يتم غلق الكنائس عندما يكتشف قساوستها تورطوا في جرائم اغتصاب الأطفال، لماذا يتم فقط محاكمة القساوسة دون إغلاق هذه الكنائس، لذلك يجب أن نفرق بين الإنسان والمكان.
ما هي الأدوار التي تقومون بها كمسلمين فرنسيين في مثل هذه الأزمات؟
دورنا كمسلمين هو محاولة توضيح الموقف الصحيح لنا كمسلمين و نبين الصورة المشرقة للإسلام، التي تسيء إليها بعض التصرفات الرعناء لبعض المسلمين، هي التي تجعل الإسلام لديه هذه الصورة السيئة، و منها طبعا هذه الاعتداءات التي يوم بها ناس لا يعرفون في الإسلام أي شيء، و يمكن أن نلاحظ ذلك في بعض المساجد، حيث نجد بعض الشباب جاؤوا إلى الدين حمية وليس تدينا
كل الديانات لها علاقات خارج الوطن الفرنسي حيث نعلم أن رجال الدين المسيحيين يعينون في روما و اليهود لديهم ارتباطات مع إسرائيل، فقط المسلمين من يتم معارضة ارتباطهم بالبلدان الإسلامية، على الرغم من أن هذا الارتباط ليس ارتباط ولاء، بل هو ارتبط تعاون، فالأديان ليست لها حدود سياسية، بل حتى في السياسية هناك ما يسمى بالأممية الاشتراكية.
فرنسا تخطئ عندما تقول أن هذه الدول يجب أن نقطع معها حتى محرد التعاون، لكني أعتقد أنه فعلا يجب على المسلمين أن يكونوا أئمتهم و خطباءهم هنا، لكن الإشكال أن الذين لهم المواد المالية المهمة مرتبطون بدول خليجية سلفية، و نحن نعرف ذلك التدين المتطرف الذي جاء من هذا الدول، لذلك نعتقد أن التعاون بصفة عامة مع دول المغرب هو مصدر اعتدال و توازن و وسطية عكس ما يقال.