في لقاء مع مغاربة العالم بباريس، أول أمس الأحد 18 مارس، عرض محمد بنعبد القادر، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، الخطوط العريضة لإصلاح الإدارة في علاقتها بالمواطنين بصفة عامة، وأكد أن مغاربة العالم يوجدون في صلب إصلاح الإدارة الذي جعل منه جلالة الملك أولوية من الأولويات الوطنية الأساسية، مضيفا أن «هناك مدخلا أساسيا لإصلاح الإدارة وهو علاقتها بالمواطنين، وهي علاقة فيها الكثير من التوتر وسوء الفهم، حيث راكمت الإدارة صورة سيئة لدى المواطنين، باختلالات كثيرة وسوء تدبير الخدمات التي تقدمها لمغاربة العالم، سواء كانوا خواصا أو مستثمرين أو مهنيين، وبالمناسبة أهنئ جمعية «الوصل» على هذه المبادرة وهذه الدعوة الطيبة لعقد هذا اللقاء من أجل النقاش مع مغاربة العالم بفرنسا، وخاصة بباريس، لاطلاعهم على الأوراش والتدابير الجارية من أجل إصلاح الإدارة وتقريبها من المواطنين وتقديم خدمة جيدة لمغاربة العالم وتبسيط المساطر لهم، وسأضعهم في الصورة العامة لهذا الإصلاح خاصة التدابير الموجهة إليهم، مثل تحسين فضاءات الاستقبال الموجهة إليهم في القنصليات، وميثاق حسن الاستقبال في الإدارة الذي نشتغل عليه، وقد انطلق هذا الإصلاح اليوم في بعض المواقع التجريبية ببعض الإدارات، وهناك خط خاص أيضا لمغاربة العالم وتطبيقات رقمية لملاحظات مرتفقي الإدارة، والهدف أيضا هو أن نستمع إلى مقترحاتهم». يقول وزير الإدارة العمومية في تصريح للإعلام.
ويأتي هذا النقاش مع محمد بنعبد القادر، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإصلاح الإدارة وبالوظيفة العمومية، في إطار لقاء نظمته جمعية «الوصل» برايس والتي سبق لها أن نظمت لقاءات حول المواطنة، سواء بالرباط أوالدار البيضاء أو بفرنسا تحت عنوان «الإدارة والحكامة الجيدة، أية إدارة عمومية لمغاربة العالم؟»، وذلك من أجل تقريب المواطنين من الإصلاحات التي تعرفها الإدارة المغربية، يقول رئيس الجمعية صلاح الدين المانوزي.
وذكر رئيس الجمعية، بهذه المناسبة، بوجهين من ذاكرة الجمعية ومن المؤسسين لجمعية «الوصل»، وهما يونس نايت سليمان وهو طالب كان ضحية عملية إرهابية بباريس بمحطة «بور رويال» سنة 1994، وكذلك الصحفي والكاتب الراحل محمد الباهي، الذي اقترح اسم جمعية «الوصل» كجمعية تجمع بين الضفتين.
وأضاف صلاح الدين المانوزي في كلمته أن «إصلاح الإدارة هو ورش كبير هدفه هو التبادل حول الإدارة وحول علاقة الإدارة ومغاربة العالم، وعندما نتحدث عن مغاربة العالم فإننا نريد أن نشير إلى خصوصية هؤلاء المواطنين المغاربة الذين يعيشون بالخارج».
من جانبه قال شكيب بوعلو، وهو أستاذ جامعي بباريس،» إن هدف الإصلاحات التي تقوم بها الوزارة هو تغيير الإدارة العمومية أمام الصعوبات التي يتعرض لها مغاربة العالم في الحصول على الخدمات الإدارية والصعوبات البيروقراطية»، وتساءل حول «رقمنة الإدارة وهل يمكنها أن تساهم في تحول الإدارة بشكل إيجابي كما نطمح ونتمنى؟». مضيفا أن هناك قضايا مطروحة لعقلنة تسيير الإدارة والسؤال المطروح هو مدى مساهمة كل الفاعلين في هذا الإصلاح الذي يهم مغاربة العالم بشكل مباشر أو غير مباشر.
وفي كلمته أمام الحضور قال الوزير: «يسرني أن أقتسم معكم بعض الأفكار حول الإجراءات التي اتخذتها الحكومة والوزارة في هذا المجال، هناك نقاش حول الإصلاحات التي تطرحها هذه الوزارة منذ 20 سنة، كما أن هناك تساؤلات حول جدوى هذه الإصلاحات وفعاليتها، و من الضروري الإجابة عن هذه التساؤلات حول المشاكل التي تعرفها الإدارة المغربية وهذه الأمراض التي تعيشها، ولفهم هذه الوضعية لا بد من إعطاء لمحة تاريخية حول تأسيس هذه الإدارة».
وبهذه المناسبة أعطى الوزير نبذة تاريخية عن ظروف تأسيس الإدارة المغربية أثناء الحماية:»الإدارة المغربية تم تأسيسها في كنف نظام الحماية الفرنسية، في الوقت الذي كانت فيه الإدارة التابعة للمخزن محدودة. وإدارة الحماية كان هدفها الأساسي هو مراقبة السكان، ولكن الإدارة الفرنسية لم تطبق حتى نموذج نابليون في الخدمة العمومية. وبعد الاستقلال حافظ المغرب على هذا النموذج الكولونيالي، والذي كان هدفه، ليس خدمة المواطن بل مراقبته، وكان لا بد من انتظار سنة 1999 والرسالة الملكية للموظفين من ولاة وعمال الذين كانوا في اجتماع بالرباط والذي طرحت فيه الرسالة المفهوم الجديد لسلطة، والذي ينص على أن الإدارة عليها خدمة المصلحة العمومية، فالإدارة في المغرب هي السلطة والسلطة هي الإدارة وجلالة الملك محمد السادس في رسالته طرح المفهوم الجديد للسلطة، وهي التي حاولت تحرير الإدارة من المرض الطفولي للسلطوية، وقد كان هذا تحولا كبيرا لأن الإدارة ليست لمراقبة المواطن بل هي من أجل خدمته».
وأضاف الوزير أن «إصلاح الإدارة الذي نقترحه اليوم هو الخروج من دور مراقبة المواطنين إلى دور الخدمة العمومية، والذي أصبح اليوم دستوريا وأصبحت خدمة العموم هدف الإدارة، ومن أجل نجاح هذا الإصلاح كان لا بد من إشراك جميع الفاعلين في هذه العملية للخروج من المركزية واتخاذ القرار الذي كان دائما بالرباط وكان الوزير يقرر في كل شيء وله كل الصلاحيات، لهذا لا بد من اللامركزية، وقد قدمت مشروعا أمام مجلس الحكومة في هذا المجال، بالإضافة إلى إصلاح آخر من أجل رقمنة الإدارة وإدخال الوسائل التقنية الجديدة في الخدمة العمومية وهو الإصلاح الذي سيكون على شبكة الانترنيت وهو وسيلة أيضا لمحاربة الفساد بالإدارة «. مردفا أن «المواطن هو محور هذا الإصلاح وكان لا بد من الاهتمام به، وخاصة الاستقبال بالإدارة والولوج إليها، ونحن نقوم حاليا بتجارب نموذجية في العديد من الإدارات من أجل تجريب هذه الإجراءات الجديدة، وتهم قنصلية بالجزيرة الخضراء، مستشفى بالجديدة، إدارة سجنية بالدار البيضاء، وبعدها سوف نعمم هذا النموذج على 25 موقعا بالمغرب». واسترسل الوزير معلنا عن « تأسيس موقع شكاية من أجل بعث الشكايات والملاحظات إلى الإدارة العمومية والتي تم وضعها من خلال قانون، وهناك أيضا قضية محاربة الرشوة التي يعاني منها مغاربة العالم، وتحسين الاستقبال في القنصليات».
وفي الختام قال الوزير إن « مشروع إصلاح الإدارة وعلاقتها بالمواطنين الذي يشهده المغرب يحظى بتتبع مغاربة العالم، ونحن في حاجة إلى الاستماع إلى مقترحاتهم».
وشارك في هذا اللقاء العديد من الفعاليات والمواطنين من باريس وضواحيها، وبعد عرض الوزير والجمعية المنظمة كانت هناك أسئلة كثيرة حول العلاقة مع الإدارة والإصلاحات الجديدة التي تمت في هذا المجال.
ومن أهم القضايا التي ترددت في النقاش والتي عبر عنها مغاربة العالم قضية المحافظة العقارية وحماية الملكية، إذ أن عددا منهم كانوا ضحية «مافيا العقار» التي تنشط في هذا المجال، كما صرح العديد من المتدخلين بأن العلاقة مع الإدارة محورية وهي مقياس أساسي في علاقة الأجيال الشابة التي ازدادت بالمهجر مع البلد الأصل المغرب، وهو ما عبر عنه بعض الآباء الحاضرين، كما طرحت قضية الثقة واسترجاعها من طرف المواطنين وكذا آليات المتابعة وقضية الاستقبال في الإدارة بشكل يحفظ كرامة المواطن.
وأكد الحاضرون على وجود كفاءات عالية بالهجرة في مجال الإدارة والتدبير والتي بإمكانها إغناء هذا الإصلاح الكبير الذي تقوم به الوزارة في مجال الإدارة العمومية.
يوسف لهلالي