Partager sur :

الجالية المغربية و المشاركة السياسية بقلم عثمان واسو

تشكل الجالية المغربية المقيمة في مختلف دول المعمور نسبة مهمة من عدد المواطنين المغاربة حيث تبلغ أكثر من خمسة ملايين، بالإضافة للعدد المهم من المغاربة الذين يوجدون خارج البلاد نهار الاستحقاقات الانتخابية سواء من أجل العمل أو الدراسة أو لسبب من الأسباب. لذلك لا يجب حرمان هؤلاء المواطنين من حقهم في التصويت في الانتخابات لأن من الملاحظ أن المغاربة من أشد المواطنين المتعلقين وجدانيا ببلدهم الأم حيث لديهم ثقافة سياسية كبيرة ودراية كبيرة بالحقل السياسي المغربي مقارنة بعدد كبير من مغاربة داخل الوطن، بالإضافة إلى المساهمة المالية على طول السنة عن طريق التحويلات المالية إلى المغرب التي يقومون بها وكذلك المساهمة الاقتصادية بالخصوص في فصل الصيف. وفي الوقت الذي تضررت البلاد والعباد بأزمة كورونا لم يبخل هؤلاء المغتربين في الخارج على أقربائهم عن طريق التحويلات المالية الضخمة نحوهم، إذ لم يكتفوا بإرسال نفس التحويلات بل ازدادت نسبتها وقد عبر عن ذلك الملك محمد السادس في خطابه خلال افتتاح الدورة التشريعية لأكتوبر 2021:

“ورغم تداعيات هذه الأزمة، تتواصل الثقة في بلادنا، وفي دينامية اقتصادنا؛ كما يدل على ذلك ارتفاع الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بما يقارب 16 في المائة؛ وزيادة تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، بحوالي 46 في المائة، إلى غاية شهر غشت الماضي”.

 

إن مساهمة المهاجرين المغاربة في اقتصاد بلدهم يجب أن ينعكس على مساهمتهم في التصويت في الانتخابات إذ من حقهم اختيار من يتخذ القرارات السياسية سواء على مستوى الشأن المحلي من خلال اختيار المنتخبين على مستوى الجماعات والجهات، أو على المستوى الوطني من خلال اختيار نواب الأمة الذين يلعبون دورا هاما في وضع التشريعات التي تنعكس على المواطنين داخل وخارج الوطن.

 

إن الجذور التاريخية للتصويت في الانتخابات من الخارج تعود إلى أكثر من قرن ونصف حيث تم إصدار أول قانون يمكن جنود ولاية ويسكونسن الأمريكية من التصويت، ليكون ذلك بداية الكثير من الديمقراطيات تمكين مواطنيها للتصويت من الخارج والمشاركة في الاستحقاقات الانتخابية.

وإذا كان المغرب الذي بصدد بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون كما جاء في تصدير دستور 2011، هذا الأخير وبالعودة إلى فترة التصويت عليه تم توفير الوسائل اللوجستيكية للجالية المقيمة في مختلف قارات وبلدان العالم، إذ حسب الإحصائيات صوت على الاستفتاء حوالي 269 ألف مواطنة ومواطن مغربي. وبالرجوع إلى هذا الدستور الذي تم الإجماع عليه نجد أنه ينص في فصله السابع عشر على ما يلي:

“يتمتع المغاربة المقيمون في الخارج بحقوق المواطنة كاملة، بما فيها حق التصويت والترشيح في الانتخابات… انطلاقا من بلدان الإقامة.” إلا أن الملاحظ هو أن هؤلاء المغاربة يعتبرون غير مكتملي المواطنة لأن إتاحة إمكانية التصويت من بلدان الإقامة كما هو الشأن حين تم التصويت على استفتاء الدستور وتم تعويضه بالتصويت بالوكالة وهو أمر سلبي حيث أنه ليست هناك أي ضمانة وتأكيد أن الوكيل قد عبر بالفعل عن إرادة الأصيل (الموكل). كما أن عدم التوفر على إحصاء عدد المغاربة الذين لجؤوا إلى التصويت بالوكالة بعد إقراره في القوانين الانتخابية يمنع من إصدار حكم حول نسبة مشاركة المغاربة الموجودين خارج أرض الوطن نهار الاستحقاقات الانتخابية.

 

إن التصويت في الانتخابات انطلاقا من خارج أرض الوطن محصور في خمس طرق، وكل دولة تختار الطريقة المناسبة لها وهي: التصويت الشخصي في الأماكن المخصصة لذلك. التصويت بالبريد، التصويت بالوكالة وهي الطريقة المعتمدة بالمغرب كما رأينا، التصويت الإلكتروني، التصويت بالفاكس. وفي نظرنا تعتبر طريقة التصويت الإلكتروني أفضل الطرق التي يمكن اعتمادها من طرف بلادنا تحقيقا لأكبر مشاركة للجالية المقيمة بالخارج، نظرا لتكلفتها المادية التي تعتبر الأقل لأنه يجب استحضار الجانب المالي لكونه ذا أهمية قصوى، ونظرا كذلك لكون أفراد الجالية لديهم ثقافة تكنولوجية ومستوى ثقافي مهم لأنهم متعلمون وطلبة… ولعل أن تعديل القوانين وبالخصوص مدونة الانتخابات، والمتعلقة بكيفية تصويت مغاربة الخارج واختيار طريقة التصويت الإلكتروني والسهر على طبع أوراق التصويت وإحصائها سيساهم في تغيير الخريطة السياسية لاختيار أصحاب الكفاءة، وكذلك من شأن هذه الطريقة تشجيع مغاربة الخارج على التسجيل في اللوائح الانتخابية والتصويت لأنهم سيشكلون قاعدة انتخابية كبيرة قد تساهم في تغيير معالم التشكيلة المنتخبة على المستوى المحلي والوطني.

إن الالتحاق بركب الدول الديمقراطية التي وصلت إقرار المواطنة الكاملة لمواطنيها من خلال إشراكهم في الانتخابات تصويتا وترشيحا، يتطلب تذليل صعوبات المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة تطبيقا للوثيقة الدستورية بكيفية سهلة ومرنة. وهو الأمر الذي سيساهم في استكمال البناء الديمقراطي لبلدنا والعيش في جو ومناخ ديمقراطي منفتح على جميع المغاربة أينما وجدوا في الوطن والعالم.

Arabe
Partager sur :