تواصل المملكة المغربية حشد الدعم الدولي في قضية وحدتها الترابية، حيث التحقت جمهورية الدومينيكان بالدول التي عبرت عن رغبتها في فتح قنصلية لها بمدينة الداخلة في الأقاليم الجنوبية للمملكة، مجددة “اعترافها المطلق بمغربية الصحراء ودعمها لمقترح الحكم الذاتي” كحل سياسي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، حسب بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج.
البلاغ ذاته أورد أن روبيرتو ألفاريز، وزير العلاقات الخارجية بجمهورية الدومينيكان، أبلغ نظيره المغربي بأن “رئيس الجمهورية أعرب عن رغبته في القيام بزيارة دولة إلى المغرب”، تعزيزا للروابط السياسية والتجارية وعلاقات التعاون التي تربط المملكة المغربية بهذه الدولة الكاريبية.
خطوات يرى فيها محللون تأكيدا لنجاح الاستراتيجية الدبلوماسية المغربية في إحداث اختراقات كبيرة استهدفت “معاقل الأطروحة الانفصالية” في القارة الأمريكية، ولجدية مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب في سنة 2007، والذي أكدت مجموعة من الدول وجاهته وواقعيته، بما في ذلك القرار الأخير لمجلس الأمن الدولي الذي كرس سمو المقترح المغربي لحل هذا النزاع الوهمي.
شادي البراق عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتدبير المخاطر وتحليل الصراع، قال إن “تجديد اعتراف جمهورية الدومينيكان بمغربية الصحراء يمكن النظر إليه من زاويتين: الأولى مرتبطة بنجاح دبلوماسية القنصليات التي تنتهجها المملكة المغربية وفق استراتيجية دبلوماسية متكاملة ترنو لفرض واقع سياسي يتناسب وحجم الإنجازات التنموية الكبرى والأوراش الاجتماعية والاقتصادية العملاقة التي أطلقتها المملكة في الصحراء المغربية”.
الزاوية الثانية، يضيف المتحدث عينه، “ترتبط بنتائج العمل الدقيق والمجهودات الرصينة التي تقوم بها الدبلوماسية المغربية والمصالح الخارجية والدبلوماسية البرلمانية وفق الرؤية الملكية المتبصرة، متسلحة بصواب وعقلانية المقترح المغربي المتمثل في الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية من أجل تحقيق اختراقات دبلوماسية في المعاقل التقليدية للأطروحة الانفصالية، وبشكل خاص في أمريكا اللاتينية التي كانت إلى عهد قريب، بسبب سياقات تاريخية وسياسية وإيديولوجية معينة، أحد أهم المجالات التي تنشط فيها دعاية التضليل الانفصالية”.
وأضاف البراق أن “جمهورية الدومينيكان تعتبر من أهم الدول المؤثرة في منطقة الكاريبي، ولها حضور فاعل في مجموعة من المنظمات الإقليمية كمنظومة التكامل في أمريكا الوسطى (SICA) وبرلمان أمريكا الوسطى (Parlacen) الذي تربطه علاقات متميزة مع البرلمان المغربي، حيث أعلن برلمان أمريكا الوسطى عن قراره الارتقاء بصفة مجلس المستشارين إلى وضعية شريك متقدم اعترافا بالدور المحوري الذي تضطلع به المملكة المغربية في تعزيز التعاون جنوب-جنوب”.
وشدد الخبير في إدارة الأزمات وتدبير المخاطر وتحليل الصراع على أن “المغرب لديه استراتيجية دبلوماسية في أمريكا اللاتينية تهم تطوير العلاقات مع دول المنطقة على جميع المستويات، وكمثال كولومبيا التي وقعت معها الرباط، في أبريل الماضي، أربع اتفاقيات شملت إعفاء مواطني البلدين من التأشيرة، والتعاون الأمني في مجال مكافحة المخدرات، وإقامة علاقة تعاون بين وكالة التعاون الدولي المغربية والوكالة الرئاسية الكولومبية للتعاون الدولي، في إطار التعاون جنوب-جنوب، من خلال إطلاق مبادرات للتعاون الأكاديمي والثقافي والعلمي والفني”.
وخلص البراق إلى أن “المملكة تقود منذ سنوات عملية سياسة ودبلوماسية كبرى بهدف التطويق الاستراتيجي ومطاردة ميليشيا تندوف ليس في المحافل الدولية والمؤسسات القارية التقليدية فحسب، بل أيضا في نقط الارتكاز الكلاسيكية التي يعتمدون عليها للترويج لأطروحاتهم، خاصة في الدول التي تعرف تعاطفا كبيرا للأطروحات اليسارية كفنزويلا والمكسيك”.
من جهته، علق سعيد بركنان، محلل سياسي، بأن “اعتراف جمهورية الدومينيكان بمغربية الصحراء هو تأكيد على جدية الدبلوماسية المغربية للمضي نحو إقناع دول العالم وإخراج أغلب الدول من المنطقة الرمادية المحايدة لصالح تأييد الطرح المغربي، المتمثل في الحكم الذاتي باعتباره الحل الأكثر واقعية وديمومة لهذا النزاع المفتعل”.
وأضاف المحلل السياسي عينه، في تصريح لإحدى الجرائد الإلكترونية المغربية، أن “عزم جمهورية الدومينيكان فتح قنصلية لها في مدينة الداخلة في الأقاليم الجنوبية للمملكة، يعد كذلك تتويجا للجهود الدبلوماسية للمغرب التي أثمرت اعتراف مجموعة من الدول بسيادة المغرب على صحرائه، على غرار كل من إسبانيا وألمانيا ودول أخرى”.
وحول دور هذه الخطوة الدومينيكية في دفع بعض الدول الأمريكية إلى مراجعة مواقفها تجاه المغرب، شدد بركنان على أن “العامل الوحيد الثابت في السياسة هو الجغرافيا، أما المواقف فيمكن أن تتغير. وبالتالي، فإن الثابت هو أن المغرب في صحرائه، أما مواقف هذه الدول فأكيد أنها ستتغير كلما تغيرت الأسباب التي تؤسسها، ذلك أن ما يؤسسها إلى حد الآن هو المواقف الأيديولوجية بالإضافة إلى ملايين الدولارات التي تصرفها الجزائر لحشد الدعم للبوليساريو”.
وخلص بركنان إلى أن “انتصارات الدبلوماسية المغربية وصلت إلى القارة الأمريكية وأصبحت تضيق الخناق على أسباب الدعم الذي تحظى به أطروحة البوليساريو هناك”، مبرزا أن “الرباط منذ إعلان اعتراف واشنطن بمغربية الصحراء نهجت سياسة تجفيف الحقول الدبلوماسية الرطبة التي تزرع فيها البوليساريو وصنيعتها الجزائر عداوتهما للوحدة الترابية للمملكة، ونجحت في إقناع المنتظم الدولي بقوة مقترح الحكم الذاتي الذي ترجمه توالي عدد الدول التي خرجت من هذه المناطق الرخوة دبلوماسيا وسجلت مواقف صريحة لصالح المغرب مقابل تضييق الخناق على رعاة أطروحة الانفصال”.