
في ظروف غامضة، لقي شاب مغربي مصرعه داخل زنزانته في السجن الإقليمي ببرن، سويسرا، بتاريخ 5 يناير2025 وبينما وُصفت الحادثة في بعض التقارير بأنها انتحار، فإن الملابسات الحقيقية للوفاة تثير العديد من التساؤلات، خاصة في ظل تضارب الروايات الرسمية والشهادات المتداولة حول القضية.
رحلة البحث عن الاستقرار
وصل الشاب إلى سويسرا بعد تنقل عبر عدة دول أوروبية، بحثًا عن فرصة حياة أفضل، لكنه واجه صعوبات تتعلق بوضعه القانوني، لعدم امتلاكه وثائق هوية رسمية. في محاولة للاستفادة من خدمات الإيواء، قدم معلومات غير دقيقة للسلطات الاجتماعية، مما سمح له بالبقاء في برن لفترة. ومع مرور الوقت، قرر تسوية وضعه القانوني عبر طلب اللجوء، لكن هذا الطلب قوبل بالرفض. كما تبين أنه غير مؤهل لتسوية وضعيته في أي من دول الاتحاد الأوروبي، مما جعله أمام خيار وحيد: مغادرة سويسرا.
ظروف الاحتجاز
أمام استحالة بقائه في أوروبا، تواصل الشاب مع الجمعية التي كان يقيم فيها، طالبًا المساعدة في العودة الطوعية إلى المغرب. استجابت الجمعية ورتبت له موعدًا مع السفارة المغربية في برن، حيث تم أخذ بصماته للتحقق من هويته.
لكن بشكل غير متوقع، وبعد زيارته للسفارة، وصلت سيارة تابعة للشرطة السويسرية برفقة موظف من مكتب الهجرة، وتم اعتقال الشاب واقتياده إلى السجن المحلي ببرن يوم 27 يناير 2025، في انتظار استكمال إجراءات تأكيد هويته. ومنذ تلك اللحظة، انقطعت أخباره عن العالم الخارجي.
روايات متضاربة حول الوفاة
في يوم 7 فبراير 2025، تلقت عائلته اتصالًا من السفارة المغربية يفيد بوفاته داخل زنزانته في السجن الإقليمي ببرن. وفقًا للرواية الرسمية، فقد ألقى زكريا بنفسه من نافذة الزنزانة، لكن هذه الرواية تعارضت مع شهادة إحدى المساعدات الاجتماعيات التي أشرفت على حالته سابقًا، والتي أكدت أن الوفاة وقعت بسبب انتحاره شنقًا داخل زنزانته.
هذا التناقض أثار شكوكًا كبيرة حول ظروف الوفاة، خاصة أن زكريا لم يكن قد أدين بأي جريمة، وكان محتجزًا فقط بسبب التحقق من هويته قبل ترحيله. كما أن وضعه في زنزانة انفرادية يطرح تساؤلات عن مدى مراقبته، وما إذا كان قد تعرض لضغوط أو معاملة قاسية قبل وفاته.
تحركات الجالية المغربية وتساؤلات حول التحقيق
بعد الإعلان عن وفاته، تحركت الجالية المغربية في سويسرا لمحاولة فهم حقيقة ما حدث، والتواصل مع السفارة لمعرفة التفاصيل. ورغم تعهد السلطات السويسرية بتغطية تكاليف نقل الجثمان إلى المغرب، وهو أمر غير مألوف في مثل هذه الحالات، إلا أن أفراد الجالية لاحظوا نوعًا من الغموض في التعاطي مع الملف.
إحدى التساؤلات المطروحة تتعلق بمدى دور السفارة المغربية في متابعة القضية، خاصة أن بعض أفراد العائلة أفادوا بأن موظفين بالسفارة طلبوا منهم عدم نشر الخبر لتجنب تعقيد إجراءات نقل الجثمان. كما أن التقارير الإعلامية السويسرية أشارت إلى الوفاة دون تقديم تفاصيل كافية، مما يعزز الشكوك حول الرواية الرسمية.
أسئلة بحاجة إلى إجابة
- لماذا تم وضع الشاب في زنزانة انفرادية بدلًا من مركز احتجاز إداري؟
- كيف تمكن من الانتحار في بيئة يُفترض أن تكون تحت المراقبة المستمرة؟
- لماذا اختلفت الروايات الرسمية حول طريقة وفاته؟
- هل تعرض لأي نوع من الضغوط التي دفعته إلى هذا القرار؟
- لماذا سارعت السلطات السويسرية إلى التكفل بنقل الجثمان، رغم أن ذلك نادر الحدوث؟
- . هل التزام السلطات السويسرية بتغطية تكاليف ترحيل جثمان المرحوم زكريا يتماشى مع الإجراءات القانونية المعتادة في سويسرا؟ وهل يمكن اعتبار تكفلها مؤشرًا على وجود ملابسات غير معلنة تتعلق بوفاة الشاب؟
- هل وقفت السفارة المغربية بصرامة في قضية هذا الشاب، و هل عاينت الجثمان حتى تتأكد من ان المرحوم لم يتعرض للتعذيب ، فلربما تعرض للتعذيب و الضرب المبرح مما أدى إلى وفاته ؟
- هل السفارة المغربية مسؤولة قانونًا عن التأخير في إصدار وثائق الهوية؟
- هل كان من المفترض أن تتدخل السفارة لتجنب احتجاز الشاب في زنزانة انفرادية؟
- هل كان يجب على السفارة تقديم مساعدة قانونية للشاب في مراحل مبكرة لتجنب تعقيد وضعه القانوني في سويسرا؟
الخاتمة
لا تزال هذه الحادثة تطرح العديد من علامات الاستفهام، مما يستدعي تحقيقًا شفافًا لكشف جميع الملابسات المحيطة بها. وبينما تنتظر العائلة والجالية المغربية في سويسرا إجابات واضحة، يبقى السؤال الأهم: هل ستظهر الحقيقة يومًا ما، أم أن القضية ستُطوى دون كشف كل تفاصيلها؟ تحرياتنا مع زملائنا بسويسرا لازالت متواصلة