كلمة السيد عبد اللطيف ميراوي
وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار
الجلسة الافتتاحية لمناظرة الجهة 13 الخاصة بالكفاءات المغربية بالخارج
السبت 29 أكتوبر 2022 –المدرسة المحمدية للمهندسين – الرباط
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين؛
السيد وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات؛
السيد وزير الصناعة والتجارة؛
السيد رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج؛
السيد ممثل الإتحاد العام لمقاولات المغرب؛
السادة رؤساء الجامعات؛
السيدة مديرة المركز الوطني للبحث العلمي والتقني؛
السيدات والسادة العمداء ومديري مؤسسات التعليم العالي؛
السيدات والسادة الخبراء المغاربة بالخارج
السيدات والسادة الأساتذة الباحثين؛
السيدات والسادة ممثلي القطاعات الوزارية؛
السيدات والسادة ممثلي وسائل الإعلام؛
حضرات السيدات والسادة، كل باسمه وصفته؛
إنه لمن دواعي سروري واعتزازي أن أفتتح اليوم فعاليات مناظرة الجهة 13 الخاصة بالكفاءات المغربية بالخارج والتي هي جزء لا يتجزأ من المناظرات المنعقدة سابقا على صعيد كافة جهات المملكة من أجل البناء المشترك للمخطط الوطني لتسريع منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار.
وأود في مستهل هذه المداخلة أن أتقدم بالشكر الجزيل للخبراء المغاربة بالخارج على انخراطهم في هذا الورش التفكيري حول إصلاح منظومة التعليم ومساهمتهم القيمة في إثراء مخرجاته، سواء حضوريا أو عن بعد. ولا يفوتني أن أعرب عن امتناني لمجلس الجالية المغربية بالخارج وللمركز الوطني للبحث العلمي والتقني على الدعم والمساندة في تنظيم هذه المناظرة الهامة. والشكر موصول أيضا لباقي الشركاء على تعبئتهم.
وتشكل هذه المناظرة، التي تندرج ضمن المقاربة التشاركية التي اعتمدتها الوزارة لبلورة المخطط الوطني PACTE ESRI 2030، فرصة للوقوف عن كثب على انتظارات وتطلعات الكفاءات المغربية بالخارج واستشراف السبل الكفيلة بتعبئة مساهمتهم في تعزيز المسار التنموي لبلادنا بصفة عامة، والرفع من جودة ونجاعة منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار على وجه الخصوص.
وتأتي هذه المناظرة تفعيلا للتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس دام له النصر والتمكين، المتضمنة في الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب بتاريخ 20 غشت 2022، والذي أكد فيه جلالته على ضرورة العمل على الإشراك الفعلي للكفاءات المغربية بالخارج في المشاريع التنموية ذات الأولوية لبلادنا، بالنظر إلى ما راكمته هذه الكفاءات من خبرة وتجربة هامين في مجالات عدة، فضلا عن قدرتها على الاضطلاع بدور محوري في انفتاح المغرب على العالم والإسهام في إشعاع صورته سواء داخل بلدان الإقامة أو داخل المحافل الدولية.
حضرات السيدات والسادة؛
كما لا يخفى عليكم، يعد المغرب من بين الدول التي تمكنت من الحفاظ على روابط متينة مع جاليتها بالخارج وذلك بفضل نهج سياسات عمومية لفائدة هذه الجاليات تصبو إلى تعزيز الرابط الاجتماعي والتعريف بالموروث الحضاري الذي يميز الهوية المغربية الغنية بتعدد روافدها الثقافية، خصوصا بالنسبة للأجيال المزدادة ببلد المهجر.
وقد ساهمت هذه السياسات في تعزيز الدور الاقتصادي والاجتماعي للجالية المغربية بالخارج والذي أبان عن أهميته خصوصا خلال الظرفية الصعبة التي عرفها الاقتصاد الوطني على غرار باقي اقتصاديات العالم جراء الأزمة الصحية العالمية كوفيد-19.
وإذا كان ارتباط مغاربة العالم بوطنهم واعتزازهم بهويتهم المغربية حقيقة لا غبار عليها فإن الرفع من إسهامهم في المشاريع التنموية المندرجة ضمن الأولويات الوطنية يشكل أحد الرهانات الكبرى التي يجب على بلادنا كسبها، بالنظر إلى الفرص الواعدة المتاحة في هذا المجال.
ويندرج قطاع التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار في صلب هذه الأولويات بالنظر إلى الدور الهام الذي يضطلع به من أجل تطوير وتثمين الرأسمال البشري لبلادنا، باعتباره رافعة للتنمية الشاملة والمستدامة وركيزة أساسية للارتقاء ببلادنا إلى مصاف الدول الرائدة والمزدهرة تحت القيادة الرشيدة والمتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأيده.
وهو ما يختزله طموح المخطط الوطني لتسريع منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار الذي يهدف إلى إرساء نموذج جديد للجامعة المغربية، يكرس التميز الأكاديمي والعلمي ويساهم في النهوض بدور الجامعة كرافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية ويعزز انفتاحها على المستوى القاري والدولي.
حضرات السيدات والسادة؛
إن تعبئة الكفاءات المغربية بالخارج من أجل إنجاح الأوراش التحولية التي يرتكز عليها المخطط الوطني لتسريع تحول المنظومة يعد خيارا لا محيد عنه، سواء تعلق الأمر بتعزيز قدرات التأطير البيداغوجي داخل المؤسسات الجامعية الوطنية ودعم حركية الطلبة والباحثين على المستوى الدولي أو من خلال إشراك هذه الكفاءات في برامج البحث العلمي وأنشطة الابتكار، خصوصا تلك ذات الصلة بالأمن الصحي والغذائي والطاقي والمائي فضلا عن المجالات المتعلقة بالرقميات والتكنولوجيا الحديثة.
ويستدعي هذا الأمر العمل على خلق إطار تحفيزي كفيل بجذب هذه الكفاءات وتوفير الظروف الملائمة لتمكينها من الإسهام بشكل فعال في تسريع وثيرة تحول منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار والارتقاء بجودتها وأدائها وفق أحسن المعايير الدولية.
ووعيا منها بضرورة كسب هذا الرهان الهام، فقد باشرت الوزارة بإطلاق مجموعة من الإصلاحات تهم الإطار القانوني والتنظيمي، غايتها الرفع من جاذبية مهنة التدريس بالمؤسسات الجامعية وذلك من خلال مراجعة النظام الأساسي للأستاذة الباحثين لجعله أكثر تحفيزا وجذبا للكفاءات، سواء في ما يتعلق بنظام التعويضات أو بإمكانية الولوج لإطار أستاذ التعليم العالي وفق معايير تأخذ بعين الاعتبار سنوات التجربة والخبرة بالخارج.
ويتضمن التوجه الجديد مجموعة من الإجراءات ذات الصلة بتطوير برامج البحث العلمي والابتكار من خلال تعزيز الميزانية المخصصة لهذه البرامج والتعريف بها بشكل أفضل لدى الكفاءات العلمية المغربية بالخارج، مع ما يواكب ذلك من تطوير للشراكات مع الجامعات ومراكز البحث الدولية التي تتواجد بها هاته الكفاءات، فضلا عن استقطاب و تحفيز حاملي المشاريع المبتكرة وتحويلها إلى فرص اقتصادية مذرة للقيمة المضافة ولمناصب شغل ذات جودة.
كما أن الهدف المتوخى من إحداث مراكز وطنية للبحث الموضوعاتي يرتكز من حيث الموارد البشرية المؤهلة على إشراك الكفاءات العلمية بالخارج لما راكمته من خبرة وإشعاع دولي بمقدوره أن يسرع من تطوير هذه المراكز والارتقاء بها إلى مستوى أقطاب إقليمية خصوصا في المجالات الواعدة كالطاقات المتجددة والتكنولوجيا الحيوية والرقميات…
حضرات السيدات والسادة؛
تلكم بعض الخطوط العريضة للتصور الذي تتبناه الوزارة في أفق تعبئة الكفاءات المغربية بالخارج وجعلها فاعلا أساسيا في خدمة المسار التنموي لبلادنا بصفة عامة وركيزة أساسية للارتقاء بجودة منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، بصفة خاصة.
ولدي كامل اليقين أن مخرجات الموائد المستديرة المخصصة لتدارس نتائج جلسات الاستماع والمشاورة التي تم عقدها مع الكفاءات العلمية المغربية من شأنها أن تفضي إلى مقترحات مبتكرة وعملية قادرة على فتح آفاق جديدة من شأنها الرفع من فعالية ونجاعة تعبئة هذه الكفاءات لفائدة الأولويات التنموية لبلادنا.
وفقنا الله جميعا لما فيه خير لبلدنا، تحت القيادة الرشيدة والمتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأيده.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.