
في إطار...الثقافة الأدبية الأمازيغية المغربية، يُبرز إبراهيم كونو كفنان واعد في بداية مسيرته الوعدية، مُتخصصًا في فن "تنضامت"، وهو شكل من الشعر والأدب الأمازيغي الأصيل المرتبط بمنطقة سوس الكبرى. يُعرف هذا الفن في الأدب العربي بمصطلح "النقائض"، ويُمثل أسلوبًا إبداعيًا غنيًا بالتعبير عن المشاعر العميقة والأفكار المتباينة. يتميز بتشابه نسبي مع الشعر العمودي، غير أنه ينحصر في النقل الشفهي ويتوارث عبر الأجيال دون إدراجه في المناهج التعليمية المؤسسية. فن "تنضامت" يُعد رمزًا للفن الشعري الأمازيغي السوسي، حيث يُجسد مناظرات أدبية تُعبر عن وجهات نظر متعارضة بين أفراد أو مجموعات في سياقات حوارية حول مواضيع معينة. اكتسب هذا النوع من الفن انتشارًا واسعًا في منطقة سوس الكبرى، الممتدة من مراكش وصولًا إلى الصحراء المغربية، ولا يزال يحظى بشعبية كبيرة ضمن الثقافة الأمازيغية السوسية المعاصرة. يُمكن تعريف هذا الفن بعدة أبعاد: - أولًا، كشعر النقائض، يُبرز "تنضامت" كأحد جوانب الأدب الأمازيغي السوسي الذي يعتمد على تناقل الأفكار المتباينة بأسلوب شعري عميق. - ثانيًا، كحوار أدبي، يُعبر الفن عن مناظرات تجمع بين الأطراف المختلفة في إطار أدبي يُبرز التباين الفكري. - أخيرًا، كعنصر من الثقافة الأمازيغية السوسية، يمثل فن "تنضامت" أحد أبرز مكونات التراث الثقافي في تلك المنطقة. تتجلى أهمية هذا الفن في عدة محاور: - التعبير عن التناقض: يوفر فضاءً للتعبير عن الأفكار المتباينة بأسلوب أدبي وفني. - الحفاظ على التراث: يلعب دورًا جوهريًا في صون اللغة الأمازيغية وثقافة منطقة سوس. - تعزيز الحوار والنقاش: يُحفز على تنشيط التبادل الفكري بنبض إبداعي يُبرز الحيوية الثقافية للمجتمع الأمازيغي. بالرغم من شعبية "تنضامت"، لم تُحدد مصادر واضحة لأسماء شعراء بارزين أو مُكرَّسين في هذا المجال، إلا أن شاعريته تتأسس على قدرة الفنانين على المشاركة في الحوار الشعري وإتقان التعبير عن الأفكار المتباينة ببراعة فنية. أما بالنسبة لإبراهيم كونو، فإن مهاراته وإمكاناته تشير إلى مستقبل مليء بالفرص والإبداع، شريطة أن يواصل مسار التطور ويسعى لتنوع أساليب تعبيره الفني. يتميز بأسلوب شخصي مميز في ممارسة فن "تنضامت"، مع وجود حاجة لاستكشاف أشكال شعرية وموسيقية إضافية تُثري تجربته وتوسع آفاقه الإبداعية. يمتلك إبراهيم ثقافة شاملة ومعرفة عميقة تسهم في تعزيز جودة إنتاجه الفني. يُضاف إلى ذلك أسلوبه اللافت في تقديم أدائه أمام الجمهور وحضوره الكامل، وهو ما يُعزز تأثيره بين محبيه ويُبرز ملامح شخصيته الحيوية. قيمه الأخلاقية وقدرته على التعامل مع التحديات بروح ثابتة تُشكّل دعمًا رئيسيًا له للاستمرار في رحلته الفنية. يسعى إبراهيم إلى الاستفادة من فرص اللقاءات والتفاعل مع فنانين آخرين لتوسيع رؤيته وتطوير خبراته، مما يعكس إطار جيله الذي يسعى إلى بناء هوية فنية مستقلة تختلف عن تلك التي صاغها أسلافه من الفنانين المُخضرمين. تواضعه ومثابرته المستمرة على تحسين أدائه يفتحان أمامه آفاق النجومية المستقبلية، مما يجعله مؤهلًا لأن يكون أحد الأصوات المؤثرة ضمن المشهد الفني لـ"اسايس" في الأيام القادمة.
بقلم: احمد ليديب