Partager sur :

المغرب يهز عرش مجموعة من الإمبراطوريات الإعلامية والمنظمات الدولية وينزع عنها صفات المهنية والمصداقية والحياد

En savoir plus


هشام التواتي

من الصعب أن تنجو من فخ ينصبه فرد واحد من أعدائك بإحكام...فما بالك ببلد يكون ضحية لمؤامرة دولية تتواطأ فيها ضده منظمتان دوليتان واتحاد لسبعة عشر من كبريات المنابر الإعلامية الدولية ذات الصيت والتأثير العابر للحدود والقارات، والقادرة تقاريرها ومقالاتها على إسقاط الرؤساء وتغيير الحكومات، والذين قرروا مجتمعين، النزول للهجوم بشراسة في نفس اليوم والتوقيت، بكل القوة والثقة في النفس، على نفس الهدف، المغرب، متهمين إياه بكونه يتجسس على الحقوقيين والصحفيين والسياسيين داخل وخارج الوطن، بل وبكونه تجسس على الهاتف الشخصي لرئيس دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن، فرنسا، عبر استعمال برنامج للتجسس يدعى بيغاسوس، أنتجته شركة إسرائلية تدعى (NSO).

الخبر القنبلة، دار الكرة الأرضية في أقل من دقيقة، وبالنظر إلى أسماء المنابر الصحفية الدولية الوازنة في المشهد الإعلامي العالمي، (الكارديان البريطانية، الواشنطن بوست الأمريكية ولوموند الفرنسية وهلم جرا..) أضف إليهم اسم المنظمتين الدوليتين أمنيستي وفوربيدن ستوريز. 

يا إلهي!! من هذا الذي يحلم بأن يتجرأ على مجرد التعقيب على سبعة عشر منبرا إعلاميا دوليا مجتمعين في تكثل واحد... فبالأحرى أن يقف في وجهها ندا للند، ويرد عليها بأقوى العبارات، بل وأن يشكك في أخبارها ويسفه تقاريرها ويطالبها بتقديم الدليل؟ دليل واحد ملموس يتبث بأن مخابرات الدولة المغربية متورطة في التجسس باستعمال برنامج بيغاسوس على هواتف حقوقيين وصحفيين وسياسيين ومسؤولين فرنسيين، من بينهم الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون". 

إنه المغرب، الذي استطاع الوقوف في وجه الإعصار الذي كاد أن يسحقه على مرآى ومسمع من العالم.

 نعم، إنها الدولة المغربية التي صمدت في وجه تسونامي الإتهامات المغرضة، وواجهت بتباث كل تلك الإدعاءات. فلم ترتعد أو تتأثر من قوة الصدمة، بل ردت ببلاغ ناري حازم وطالبت بالدليل على تلك الإتهامات.

 فالقاعدة القانونية الكونية تقول: " البينة على من ادعى" وما تم نشره في الإعلام الدولي لم يقدم ولا حجة صغيرة ولا دليلا واحدا ملموسا يدين المغرب بالتجسس عبر استعمال برنامج بيغاسوس.

بالعكس فأدلة النفي لصالح المغرب كانت  مقنعة: فرئيس الحكومة الفرنسي كاسطكس يصرح: " لقد قمنا بتحقيقات ولم نتوصل بنتائج ملموسة".

 بل حتى تصريح لوران ريتشار، مدير منظمة فوربيدن ستوريس، التي تتهم المغرب، بكونه قد تجسس على هاتف الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" كان متذبذا وفضفاضا : " وجدنا أرقام الهواتف هذه، لكننا لم نتمكن من إجراء تحقيق تقني بالطبع  بالنسبة إلى هاتف إيمانويل ماكرون، هذا لايؤكد لنا ما إذا كان الرئيس قد تعرض فعلا للتجسس".

إضافة إلى هذا، فالدولة المغربية نفت بشكل قاطع بأن تكون قد تعاملت يوما ما  مع شركة "NSO " الإسرائيلية صاحبة برنامج التجسس.

 ليخرج بعدها المدير العام لهاته الشركة بتصريحه الحازم والقوي، والذي نفى فيه جملة وتفصيلا بأن يكون المغرب من بين زبنائه الذي اقتنوا هذا البرنامج المثير للجدل.

أمام قوة حجية دفوعات الدولة المغربية وعدم تقديم الأطراف التي تتهم المغرب بالتجسس دليلا واحدا ملموسا يؤيد حجية اتهاماتها على هواتف الرئيس الفرنسي والصحفيين المغاربة والأجانب، بدأ الجميع يستمع لصوت العقل ويعيد ترتيب الأحداث والوقائع ويتساءل: حقا لايوجد أي دليل مادي ملموس يمكن الإستناد إليه لاتهام المغرب بكل هذه التهم الكبيرة والخطيرة.

وهنا، وفي تطور ملحوظ، وتكتيك استراتيجي، انتقل المغرب من الرد والدفاع إلى الهجوم بما يكفله القانون الدولي. فتم فتح تحقيق قضائي في المغرب لمتابعة تطورات هاته القضية، وكلفت الدولة المغربية في شخص سفيرها بفرنسا السيد شكيب بنموسى المحامي الفرنسي(Olivier Baratelli) الذي وضع شكايتين لدى السلطات القضائية الفرنسية يوم الخميس 22 يوليوز 2021 ضد كل من منظمتي فوربيدن ستوريز وأمنستي بتهمة التشهير.

 أكثر من هذا، فقد أمهل محامي الدولة المغربية خصوم المملكة عشرة أيام من أجل تقديم الدلائل الملموسة والحجج البينة للقضاء من أجل إثبات صحة اتهاماتها للمغرب بالتجسس عبر استعمال برنامج بيغاسوس الإسرائيلي.

رفعت الأقلام. وجفت الصحف. لقد استطاع المغرب أن يتبث للعالم أجمع، أنه لايكفي أن يكون اسمك منظمة دولية أو إمبراطوريات إعلامية عابرة للقارات لتكون دائما صادقا وعلى حق وبأن تتهم الآخرين كما تشاء دون حسيب ولا رقيب ولادليل. 

بالعكس، لقد أوقف المغرب عقارب الساعة، واستطاع أن يلقن تجمعا من منظمتين دوليتين  وسبعة عشر منبرا إعلاميا دوليا وازنا درسا بليغا في المهنية  والتثبت من الأخبار والتيقن منها قبل نشرها. 

من الآن فصاعدا، سيفكر الجميع ألف مرة قبل أن يكتب حرفا واحدا مسيئا عن المغرب، الذي أتبث أنه لاعب كبير في المشهد الدولي، وبأنه مضى زمن "الحمية كتغلب السبع".

تحية للمخابرات المغربية ولجميع الأجهزة الأمنية التي سطرت بمداد من الفخر والإعتزاز بأنها رقم صعب وبأنها جدار منيع لحماية الوطن. 

تحية لكل مكونات الشعب المغربي الذين آمنوا بأن بلدهم المغرب لايمكن أن ينزلق بذلك الشكل اللا أخلاقي الذي حاول الخصوم تصويره عليه.  

عاش المغرب موحدا ملكا وشعبا تحت قيادة ملك البلاد صاحب الجلالة محمد السادس نصره الله وأيده.

وفي الختام سنعيد طرح السؤال: هل لاتزال لبعض المنابر الإعلامية الدولية والمنظمات العالمية نفس المصداقية كما في السابق؟ 

Langue
Arabe
Région
Fez - Meknès
Partager sur :