السجن المحلي بتطوان : ذكرى 8 مارس مناسبة لإدماج المرأة النزيلة في الحياة الاجتماعية

بقلم المراسلة زكية بوقديد / تطوان
شهد السجن المحلي بتطوان يوم الثلاثاء 8 مارس لقاء تواصليا مع النزيلات نظمه السجن المحلي قسم الشؤون الاجتماعية بشراكة مع جمعية بسمة الخير التي ترأسها الفاعلة الجمعوية وفاء البوفراحي. هذا اللقاء الذي سأنقل تفاصيله ليس من موقع مراسلة إعلامية لكن من موقع مؤطرة للقاء، لأتجاوز لغة الصحافة إلى لغة الحكي والسرد المفعم بالمشاعر.
قبل اللقاء انتابتني أسئلة عدة : أي عبارات يمكن اعتمادها في التواصل مع المرأة النزيلة ؟! وأي موضوع يجلب اهتمامها في هذه المناسبة ؟! كيف أستطيع خلق جسر تواصل وتجاوب فعال ؟!...
أسئلة عدة لم تستفزني من قبل حين أتلقى دعوة للمشاركة في لقاء تواصلي ما. فالمناسبة والمكان وطبيعة المستهدفات يفرضون خصوصية تحتاج لرؤية حكيمة في التواصل. ولأن المناسبة شرط تستدعي دائما الحديث عن المكتسبات والتحديات كان الموضوع المقترح: " المرأة والتحديات من أجل بناء المجتمع " . وكان أبرز تحد عندي في البداية هو تجاوز أسئلتي المقلقة التي فعلا سرعان ما تلاشت بالاستقبال الطيب من قبل المشرف الاجتماعي السيد عبد اللطيف زريولي ونائبه المكلف بالأنشطة الرياضية والثقافية والدينية السيد رشيد بلزعر، وكذا بمدى الانسجام وعلاقة الألفة والمحبة التي بدت بين الفاعلة الجمعوية وفاء البوفراحي والنزيلات، إلى جانب الفضاء المفتوح ، جدرانه لا يخدشها قلم ولا وحل ولا وسخ مثل بقية جدران الشوارع و... جير أزرق مفتوح وفناء مغروس بشتائل خضراء، والنزيلات تبدو على ملامح وجوهن معالم الشغف لمعانقة هذا اللقاء... عوامل حفزتني بل جعلتني أن أنطلق في الحديث بانسيابية كان مدخله السؤال التالي :
كيف يمكننا أن نتجاوز النظرة إلى المرأة النزيلة أنها امرأة معاقبة إلى نظرة أنها امرأة توجد في مكان يحميها ويؤهلها لتخرج منه بشخصية أخرى بناءة للمجتمع؟!

مع السؤال المدخل استحضرت قصة ليلي لويس التي عبرت عن فترة سجنها قائلة : ( استعدت حياتي يوم دخلت السجن ) وأن السجن ( جعلني أحب نفسي ) ، بل أكثر من هذا أرسلت رسالة شكر للقاضي الذي حكم عليها بسبع سنوات نافذة تحت عنوان " هدية الوقت " قائلة فيها :( لا يستفيد الكثيرون من السجن ، أما أنا فاستفدت منه ) معربة ( السجن بالنسبة لي كان حماية لأخرج أقوى ).
المدخل الذي أحالني للحديث عن تغيير الرؤية النمطية للسجن أنه مؤسسة عقابية إلى أنه مؤسسة للاصلاح والتقويم وإعادة الإدماج ، مشيرة إلى حقوق المرأة النزيلة على ضوء قانون 98-23، مؤكدة أن تواجدهن بهذه المؤسسة هو فرصة وهدية وقت من أجل مراجعة الذات وإعادة بنائها بتجاوز أخطاء الأمس وطي صفحة الماضي والتفكير بإيجابية في الغد، من خلال الاستفادة والانخراط الجدي في برامج انخرطت فيها المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج والتي تهدف إلى تمكين المرأة وتأهيلها وإعادة إدماجها،وتشمل برنامج محو الأمية، تكوين المرأة على مجموعة الحرف، التشجيع على القراءة والإبداع الأدبي والفني....(وهو ما لاحظته عند زيارتي للجناح البيداغوجي الخاص بالنساء ) .

وأجمل محطة في اللقاء التواصلي تلك التي فتح فيها باب الحوار تطرح من خلاله النزيلات أسئلتهن وما يؤرق بالهن؛ فمنهن من عبرت عن ما يخالجها من هواجس شخصية، ومنهن تقرأ في عيونهن ألف حكاية تقف غصتها في الحلق، ومنهن من جعل من الصمت المبتسم كلام ينطق بالأمل في الغد؛ لكن بين هؤلاء صعدت تاء تأنيث وعلى المنبر علا صوتها الحنون بعبارات فصيحة تباركنا نساء ورجالا ب 8 مارس، لتنطلق في أسئلة عميقة وكأنها تسألني: كيف أحوال المرأة المغربية خارج القضبان؟!
سألتني: أي محطة وصل إليها مبدأ المساواة والمناصفة ؟
كيف نحمي المرأة المعنفة ؟ ماذا عن مراكز الإيواء لحماية المرأة ؟ فطمأنتها أن المرأة المغربية بنضالاتها وبرعاية صاحب الجلالة الملك محمد السادس لحقوقها هي تسير نحو الأمام، فقد صارت تتبوأ مناصب كانت بالأمس حكرا على الرجل.. نحن نسير بخطى نحو ترسيخ مبدأ المساواة والمناصفة، وهناك اشتغال جدي على مستوى استيراتيجية الحكومة للارتقاء بمكانة المرأة... وأخبرتهن بإعلان بروتوكول مراكش الرامي إلى القضاء على العنف ضد النساء الذي تم توقيعه في 8 مارس 2020 خلال حفل ترأسته صاحبة السمو الملكي الأميرة للامريم... والذي يدخل من بين أعماله إحداث مراكز الإيواء لحماية المرأة من العنف.
وتجدر الإشارة أن اللقاء افتتح واختتم بكلمة المشرف الاجتماعي عبد اللطيف زريولي، وأداره المكلف بالأنشطة الثقافية والرياضية والدينية السيد رشيد بلزعر. كما عرف اللقاء كلمة الفاعلة الجمعوية وفاء البوفراحي، التي كانت تحمل الحب والشوق للقاء بصديقاتها وأخواتها كما تحب أن تسميهن، ولم تنس أن توزع عليهن قبل مغادرة المكان ورودا عربون المحبة والتواصل المستمر .
والجدير أيضا بالذكر أن برنامج الاحتفاء بالمرأة النزيلة بالسجن المحلي بتطوان سيمتد طيلة أيام شهر مارس بتنظيم أنشطة ثقافية ودينية ورياضية لفائدة النزيلات.