التنمية الثقافية كمحرك للاقتصاد والإبداع في الواحات المغربية
انطلاقا من الأهمية الكبرى التي يوليها المغرب للثقافة المادية واللامادية ولقضايا التنوع الثقافي، ولمختلف المقومات التي تغني الثقافة الوطنية ونظرا للأهمية الكبرى للثقافة في الأوراش الملكية السامية والوضعية الاعتبارية للثقافة في ديباجة الدستور المغربي، بوصفها إحدى مرتكزات التنمية، واعتزازا بالذكرى التاسعة والأربعين للمسيرة الخضراء المظفرة وتخليدا لتلك الملحمة البطولية التي استكمل بها المغرب تحرير أرضه وصحرائه ولنصف قرن من الإنجازات الشامخة في مجال التنمية، المسيرة الخضراء التي يعتبرها مولانا الإمام جلالة الملك دام له النصر مسيرة متجددة ومتواصلة، ولحظة للعمل على ترسيخ مغربية الصحراء، على الصعيد الدولي، وجعلها قاطرة للتنمية، على المستوى الإقليمي والقاري.
في ظل السياقات الثقافية الراهنة التي تعرف فيها الصحراء المغربية أوراشا تنموية كبرى، وفي ظل أثر ذلك على منظومة العيش في الواحات لمواجهة التحديات المختلفة، فإننا نعتز بالشراكة في تنظيم الدورة التاسعة عشرة من مهرجان موسم التمور الذي يعد من الملتقيات الثقافية الرائدة في الجنوب المغربي، والذي ينظم هذه السنة بالموازاة مع احتفالات بلدنا بهذه الملحمة التاريخية التي تجسد عبقرية المغاربة وارتباطهم العميق بصحرائهم، والذي يعكس إيماننا العميق كفاعلين/ات منتخبين/ات ومجلس جماعي بإيلاء الثقافة والخبرات الحية والمعارف التقليدية للمجتمعات الواحية المنزلة الرفيعة في تحقيق التماسك الاجتماعي وإبداع الثروة وخلقها والإسهام في التوازن الإيكولوجي، وهو انخراط في التنمية الترابية، وتفعيل للرهانات الكبرى التي يعرفها المغرب المعاصر في مجالات العدالة المجالية والعدالة الاجتماعية.
إن الانخراط في هذا الورش هو اعتزاز بركيزة ثقافية كبرى من مكونات الثقافة الوطنية في تعددها وتنوعها، وهو أمر بالغ الأهمية في تطوير المهارات القادرة على الاشتغال على اقتصاديات الثقافة والصناعة الثقافية وتسويق المؤهلات الطبيعية والثقافية للواحة، وتعزيز مسارات الصمود في وجه الأزمات.
دأب المجلس الجماعي طيلة سنوات انتدابه، على العمل التشاركي مع مختلف الفاعليين المدنيين والفاعلين الثقافيين والسلطات المحلية والساكنة لما فيه مصلحة فضلى لمستقبل الواحة، وظل طيلة هاته السنوات مؤمنا بالديموقراطية التشاركية وبالذكاءات الجماعية لمختلف المتدخلين في المجال، منصتا ومصغيا لجميع الأصوات الغيورة على الواحة، التي تعد إرثا مشتركا للجميع، وتعد خيراتها وثرواتها حقا للأجيال الحالية والأجيال المستقبلية.
وانطلاقا من أهمية استدامة هاته الثروات المادية واللامادية وحمايتها، وبقدر ما تكتسي الأوراش الكبرى في التعليم والاقتصاد الرقمي والمجتمع والأسرة والتمكين الاقتصادي للنساء والرقمنة وتخليق الحياة العامة ودعم أوراش الشباب والطفولة، فإن العناية بالثقافة والواحات، حجر أساس في مسار تحقيق الازدهار المنشود.
نرحب بجميع الفاعلين المعيينين والمنتخبين وبالمجتمع المدني والفاعلين المدنيين والحقوقيين والمستثمرين والباحثين والفعاليات الإعلامية، نرحب بكل ضيوف هاته الواحة العزيزة، آملين لكم جميعا مقاما طيبا في الواحة، التي لطالما تسعد بضيوفها، كريمة معطاء مع كل من قدم إليها، مع الشكر الجزيل لجميع الشركاء على دعمهم لهذا الحدث الثقافي الذي يسدي خدمات جليلة لمغربنا المعاصر، ويرفع من مكانة واحتنا في المحافل الجهوية والوطنية والدولية.