بعد الزلزال الطبيعي بالأطلس الكبير زلزال حقوقي بالاطلس الصغير بمقالع تيمولاي بإقليم كلميم
بمنطقة وادي إفران بين جماعتي تيمولاي وتغجيجت بإقليم كلميم تنتشر عدد من مقالع الرمال والحجارة واستخراج مواد البناء. مقالع لا تحترم في غالبيتها مقتضيات عقود الاستغلال وتشكل تهديدا خطيرا على المنظومة البيئية لضفتي وادي إفران الاطلس الصغير.
يشتغل داخل هذه المقالع عشرات من العمال المياومين في التنقيب والحفر في جبال ووديان الاطلس الصغير وتنقية الرمال ونقل مواد البناء المستخرجة، عمال يتقاضون رواتب زهيدة ويشتغلون في ظروف صعبة تفتقر لأبسط شروط الكرامة والسلامة المهنية. غالبية هؤلاء الأُجراء لا يتوفرون على عقود للعمل ومنهم غير المصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بل ويتعرضون على مدار السنة لشتى اشكال التهديد والطرد التعسفي. إذ يتم التلاعب بملفاتهم المهنية بتقديم تصريحات كاذبة واستقالات مشبوهة وغير قانونية لاستغلال الطبقة العاملة.
يقول عبد الرحمان أشتغل بمقلع ح. ن. منذ سنة 2017 رفضت التوقيع على وثيقة للاستقالة من العمل وزعها علينا صاحب المقلع، بعد هذا الرفض تعرضت لشتى أنواع الحكرة والتهديد حتى أنني لم أتوصل بأجرتي لمدة سنة كاملة إلى أن تم طردي بطريقة مهينة."
اتصلنا بمدير شركة ح. ن. بتيمولاي لكنه رفض الادلاء بأي تصريح وبنبرة من التحدي أجاب أحد الصحفيين "جري طوالك"
عامل آخر لا يرغب في ذكر اسمه لكي لا يتعرض لمضايقات صاحب المقلع يقول هذا العامل بنبرة من اليأس: تسلمنا وثيقة من مدير المقلع و مفتش الشغل كنت أظن أنها وثيقة لتسوية وضعيتنا بالضمان الاجتماعي لتأمين حقوق أطفالنا، لكن اكتشفنا أنها وثيقة للاستقالة وتصريح بالشرف يحتوي على تاريخ كاذب لالتحاقنا بالعمل اكتشفنا كعمال أننا قد تنازلنا على سنوات من العمل الشاق حتى لا نستفيد من كامل حقوقنا"
شهادات العمال والوثائق التي أدلو بها تؤكد غياب الرقابة في هذا القطاع المعروف أصلا بالمغرب بكونه قطاعا للريع والفساد الإداري واستغلال الطبيعة والمحيط البيئي في مخالفة للقوانين.
فغالبية العمال تم إجبارهم على التوقيع على تصريح بالشرف لتزوير تاريح الالتحاق الفعلي بالعمل وللتهرب من مصاريف التأمين ومستحقات العاملين ولتقديم شهادات وتصاريح كاذبة أمام ملفات الدعوى العمومية في ظل القانون الجنائي للشركات.
فالتصريحات الكاذبة والحصول على توقيعات العمال ولو بإجبارهم أو بتهديدهم بعدم صرف الأجرة او باستغلال عدم إتقان غالبيتهم للقراءة والكتابة هي من الطرق اللاقانونية التي يلجأ إليها أرباب المقالع للتهرب من أداء واجباتهم القانونية.
وفي اتصال مع حاميد حليم الكاتب المحلي لاتحاد النقابات بطانطان المنضوي تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل أكد لنا في تصريح حول الموضوع:
"أن موقف الاتحاد المغربي للشغل هو نصرة قضايا الطبقة العاملة و الدفاع عن مصالحها و مؤازرتها.
و في نازلة هذا الملف فإن ما تعرض له الضحية يمثل خرقا لقانون الشغل دون الحديث عن التفاصيل التي تحيط به من استغلال و ابتزاز و تهديد ناعم و عقاب.
و هذا الملف سيكون اعلانا عن فتح ملف وضعية عمال المقالع بجهة كلميم وادنون و تسليط الضوء عن معاناتهم و ظروف اشتغالهم."
انتهاك لحقوق العمال ينضاف حسب عدد من المصادر إلى تزوير في أرقام ومعطيات الكميات المستخرجة من المقالع وتحديد مبلغ الرسم المفروض عليها.
يضيف عبد الرحمان وهو عامل في آلة لتصفية الرمال داخل المقلع
"تقدمت بشكاية لمفتشية الشغل بطانطان وتم استدعاءنا لجلسة للتصالح لم يحضر فيها المشغل مالك المقلع بعدها توصلت بمقرر للطرد من العمل طرد تعسفي وتهديد وأنا لم أتوصل بأجرة سنة كاملة وفي عيد الاضحى طالبت ولو بجزء بسيط من راتبي لكن للاسف مالك المقلع سافر حينها لأداء مناسك الحج بالسعودية وأحد من عماله بالمغرب جف عرقه ولم يتسلم أجرته."
بعد أن تم طرده بهذه الطريقة اللاقانونية يظهر أن المسألة سهلة للتخلص من أي أجير يطالب بحقوقه، إذ يتم إستدعاء الأجير إلى جلسة استماع تغيب فيها كل الشروط أولها عدم حضور مندوب الاجراء، هي جلسة استماع وتهديد يتبعها التوصل بوثيقة الفصل عن الشغل ليتم طرد الاجير والتنكيل به كعبرة لباقي العمال. بعدها تأتي الإجراءات القانونية محاولة للتصالح في نزاعات الشغل الفردية بمفتشية الشغل بطانطان وهي جلسة التصالح التي لم يحضر إليها المشغل صاحب المقلع .
واليوم يستعد عبد الرحمان لإيصال صوته وملفه الى المحكمة في الاجال المحددة لعل القانون ينصفه بعد أشهر من المعاناة وحسب آخر تصريح له أكد أن الجلسة الأولى في هذه القضية مبرمجة يوم الثلاثاء 17 أكتوبر 2023
تصريحات العمال تؤكد كيف يتم استغلال الطبقة العاملة بالمقلع فأجورهم المصرح بها لدى صندوق الضمان الاجتماعي تصل الى ثلاثة الاف وخمسمائة درهم لكن في الواقع فغالبيتهم لا يتقاضى سوى ألفان وسبعمائة درهم وقد تكون هنا الصلاحية لرب العمل أو لأحد من أبناءه في أن يضيف بعض الدراهم لأجرة العمال فضلا منه ودون رقيب، كما يمكنه الامتناع عن صرف الاجرة لأحد العمال كعقوبة كما حصل مع عبد الرحمان باعتباره نموذجا لعمال المقالع بإقليم كلميم عمال يتعرضون لانتهاكات صارخة في رحلة التنقيب عن الرمال والحجارة.