فاس: مدرسة الفرصة الثانية البطحاء، مجهودات جبارة لإدماج الأطفال في وضعية صعبة
هشام التواتي
بعد تأسيسها سنة 2008، ركزت جمعية المركز الجهوي للتنمية و محاربة الأمية
جهودها للإشتغال على إدماج النساء و الشباب في وضعية صعبة من خلال مركزين: الأول بشراكة مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، يشتغل على إدماج النساء في وضعية صعبة؛ والثاني مدرسة الفرصة الثانية بالبطحاء في إطار شراكة مع وزارة التربية الوطنية، الذي يعمل على استقطاب 160 مستفيد و مستفيدة، من جميع هوامش فاس، تتراوح أعمارهم مابين 13 و 20 سنة ، والذين تم فصلهم من التعليم النظامي، ويوجدون في وضعية وحالات اجتماعية صعبة.
فحسب السيدة عراقي حسيني حليمة،
نائبة رئيس جمعية المركز الجهوي للتنمية و محاربة الامية، فإنه يتم الاستماع الى كل الحالات الوافدة، بمجرد ولوجها إلى المركز، حيث يتم توجيههم على حسب رغباتهم.
وأضافت أنه عند الاستماع إلى هؤلاء الأطفال يتم إحصاء العديد من حالات الإدمان على السجائر، الطابة، الكالة، الحشيش، الكيف، وحتى الأقراص المهلوسة، الشيء الذي يظهر مدى الدور الكبير المنوط بمدرسة الفرصة الثانية من أجل تخليص هؤلاء الأطفال من براثن الإدمان وتجنيب المجتمع مخاطر إدمانهم وانحرافهم.
فمن أجل تأهيل هؤلاء الأطفال، سطرت مدرسة الفرصة الثانية البطحاء
برنامجا رائدا يعتمد على ثلاثة أقطاب:
1- القطب التربوي و يتضمن اللغات، التربية على المواطنة، الرياضيات، العلوم ، التفتح التكنولوجي؛
2- القطب المهني: يكتشف المستفيد المهن المتوفرة داخل المركز و يطلع على ٱفاقها في سوق الشغل و بعد يتعلمها ليؤهل لسوق الشغل.
3- التأهيل الشخصي عبر قطب تطوير المهارات الحياتية عبر دورات تكوينة على : الوعي بالذات و الاخر، كيفية حل المشكلات، التفكير الايجابي، التواصل و العلاقات؛ التفتح الفني و تطوير المهارات: الرياضة، المسرح، الرقص، الانشودة، الرسم، الفنون التشكيلية، الخط العربي.
ويمكن للمستفيد، حسب السن، قضاء سنة أو سنتين داخل المركز ، حتى يؤهل إما لسوق الشغل او لإعادة الإدماج في التعليم النظامي.
وبخصوص المهن المتوفرة بالمركز فهي تتراوح بين الطبخ و الحلويات؛ الخياطة
؛ النجادة؛ التجميل؛ مساعدات الحياة
نجارة الألمينيوم و الإستئناس في الكهرباء المنزلي.
ومن أبرز المعيقات التي تواجه مدرسة الفرصة الثانية بالبطحاء زيادة على الإفتقاد إلى العديد من التجهيزات، نجد الاعتراف بالتكوين المقدم من طرف مدارس الفرصة الثانية، حيث أن كل جمعية تجتهد لايجاد شركاء للإعتراف بالتكوين الذي تقدمه لمستفيديها
فبدون المصادقة المؤسساتية على الشهادات التي تقدمها الجمعيات المسيرة لمدارس الفرصة الثانية، تبقى هاته الشواهد دون قيمة وأثر ملموس على الحياة العملية للمستفيدين لولوج سوق الشغل. فشهادة التعاون الوطني مثلا لا تسمح بالتسجيل في Anapec
إضافة إلى أنه إذا دخل منقطع في الأولى إعدادي و قضى مثلا سنتين بمدرسة الفرصة الثانية ولم يكتب له النجاح في السنة الثالثة إعدادي أحرار فسيبقى مستواه منحصرا في السنة الأولى إعدادي، الشيء الذي يحرمه من ولوج عدة آفاق مخصصة حصريا لتلامذة السنة الثالثة إعدادي، والتي تؤهلهم لولوج بعض شعب التكوين المهني المطلوبة كالميكانيك و الاليكتروميكانيك و الطاقة الشمسية أو الحرس الملكي أو الجيش.
إن مدرسة الفرصة الثانية البطحاء، تقول السيدة عراقي حسيني حليمة، تسعى إلى محاولة الإدماج في التعليم النظامي كل من تلمس فيهم تحسنا في المستوى الدراسي، لكن نسبتهم تبقى ضئيلة. بينما يتم توجيه الأغلبية نحو سوق الشغل ليصطدموا بإشكال حقيقي يبرز خصوصا حينما يكون المستفيد ، الذي قضى سنتين من التكوين لايزال قاصرا، فلا هو يستفيد من معادلة المستوى الثالثة إعدادي ولاسنه سيسمح له بولوج سوق الشغل بشكل مقنن الشيء الذي يدفعهم إلى الإنهيار و إعادة الإرتماء في أحضان الإدمان والإنحراف في ظل الآفاق المسدودة.
من المعيقات أيضا، حسب ماصرحت به نائبة رئيس جمعية المركز الجهوي للتنمية و محاربة الأمية: الوضع الاجتماعي المتردي لعائلات وأسر المستفيدين وقلة الامكانيات وحرمانهم غير المفهوم وغير المبرر من الإستفادة من بطاقة الانخراط في النقل العمومي وعدم استفادتهم من منحة تيسير على غرار تلاميذ التعليم النظامي.
إن مدارس الفرصة الثانية تعتبر فرصة حقيقية لانتشال أطفال المغاربة ذكورا وإناثا، الذين انقطعوا عن الدراسة لسبب من الأسباب، من أجل تكوينهم وتأهيلهم وإعادة إدماجهم ليصبحوا أفرادا نافعين لأسرهم ومجتمعهم ووطنهم.
تجدر الإشارة إلى أن الجمعية تشتغل مع أولياء أمور المستفيدين و تقوم بدورات تحسيسة لهم بمدى أهمية انخراطهم في استفادة أبناءهم من الفرصة الثانية.
إن قضاء اليوم بكامله داخل المؤسسة لا يكفي لإنقاذ الشاب بل من واجب والديه مواكبته خارج ساعات وجوده بالمؤسسة.
لهذا وجب على الجميع، مسؤولين ومقاطعات ومجالس المدينة والجهة والمنظمات المانحة والمحسنين أن يمدوا يد العون والمساعدة إلى هاته المراكز لمساعدتها على تأهيل هؤلاء الأطفال، الذين يوجدون في وضعية صعبة، والذين يتربص بهم شبح الإدمان والإنحراف بكل أشكاله وأنواعه و الإغواء و التفكير و محاولة الهجرة السرية.
إنقاذ المنقطعين والمنقطعات وتأهيلهم و إدماجهم مسؤولية الجميع. اليد فاليد من أجل مستقبل أفضل لأطفال مغرب الغذ.