Partager sur :

كلية الحقوق بفاس: الدكتوراه بميزة مشرف جدا مع التوصية بالطبع للطالب الباحث محمد عزوزي عن أطروحته: السياسة الجنائية في مواجهة الجرائم الإنتخابية-دراسة مقارنة

En savoir plus


هشام التواتي

بحصوله يوم الاثنين 12 يوليوز 2021 على شهادة الدكتوراه في القانون الخاص بميزة مشرف جدا مع التوصية بالنشر، وإشادة وتنويه اللجنة العلمية بأطروحته المعنونة بالسياسة الجنائية في مواجهة الجرائم الإنتخابية، دراسة مقارنة، تحت إشراف عميد كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية الأستاذ محمد بوزلافة، يكون الطالب الباحث محمد عزوزي قد خطا الخطوة الأولى في مجال البحث  الأكاديمي الجاد وذي القيمة العلمية، بالنظر لكونه كان سباقا، في البحث والتحليل، في موضوع يكتسي أهمية كبرى ليس فقط بالنسبة للظرفية التي تم خلالها مناقشته، والتي جاءت قبيل انطلاق مسلسل انتخابي مهم ستشهده بلادنا خلال الأسابيع القليلة المقبلة، بل أيضا لكونه يناقش الحماية الزجرية التي تقرها المنظومة التشريعية للحق في الانتخاب، باعتباره إحدى أهم الحقوق السياسية للمواطن ومظهر من مظاهر المواطنة والانتماء للوطن، لأنه السبيل الوحيد لاختيار ممثلي الشعب في كل المجالس المنتخبة لتدبير شؤونهم العامة، سواء تعلق الأمر بمجالس الجماعات الترابية أو مجالس العمالات والأقاليم أو مجالس الجهات أو بمجلسي البرلمان.

وقد تكونت لجنة المناقشة من السادة:
د. محمد بوزلافة أستاذ التعليم العالي، كلية الحقوق بفاس رئيسا ومشرفا.
د. عسو منصور  أستاذ التعليم العالي، كلية الحقوق بفاس  عضوا.
دة. سعاد التيالي أستاذة التعليم العالي، كلية الحقوق بفاس  عضوا.
د. أمين أعزان  أستاذ التعليم العالي، كلية الحقوق بطنجة  عضوا.
د. كريم متقي  أستاذ مؤهل، كلية الحقوق بفاس  عضوا.

وقد أشار الباحث إلى أن المشرع المغربي عمل على إدخال تعديلات مهمة على الترسانة التشريعية المتعلقة بالانتخابات بالمغرب حتى تساير مستجدات دستور 2011، شملت القانون رقم 57.11 المتعلق باللوائح الانتخابية العامة واستعمال وسائل الاتصال السمعي البصري العمومية خلال الحملات الانتخابية والاستفتائية، وأيضا القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب والقانون التنظيمي رقم 28.11 المتعلق بمجلس المستشارين ثم أخيرا القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية.

كما نبه إلى أن المشرع المغربي استهدف من خلال وضعه لهذه التشريعات الانتخابية، توفير الحماية القانونية اللازمة لضمان سلامة العملية الانتخابية عن طريق إحاطتها بمجموعة من الضوابط والإجراءات القانونية، بدءا من التقسيم الانتخابي والقيد في اللوائح الانتخابية وإيداع الترشيحات ثم الحملة الانتخابية وانتهاء بعملية التصويت والفرز وإعلان النتائج النهائية.

وقد أشار الباحث إلى أن هذه الترسانة القانونية تضمنت أحكاما مشتركة وأخرى خاصة تتوخى وضع منظومة تشريعية موحدة وعصرية تضمنت مقتضيات دقيقة تنظم العملية الانتخابية من بدايتها إلى نهايتها في إطار توزيع عقلاني للمسؤولية في ميدان الانتخابات بين الدولة والأطراف المعنية تحت المراقبة الدائمة للقضاء، كما تضمنت أحكاما صارمة تتعلق بتحديد وزجر المخالفات المرتكبة بمناسبة الانتخابات.

وفي نفس السياق أكد الباحث أن من سياقات هذا الموضوع الاستجابة لمضامين العديد من الخطب الملكية السامية الحافلة بمبادئ الحكامة والنزاهة الانتخابية، والتي ما فتئ  جلالة الملك محمد السادس نصره الله يدعو من خلالها إلى ضرورة العمل على التجسيد الحقيقي لانتخابات خالية من كافة الشوائب و محاربة كل أوجه الفساد الانتخابي وذكر من بينها:

خطاب 20 غشت 2007 ، الذي أكد من خلاله جلالة الملك على دور القضاء في صيانة حرمة الاقتراع ومحاربة كافة أشكال الفساد التي قد يتعرض لها والذي جاء فيه: "كما نؤكد على الدور الحاسم للقضاء في صيانة حرمة الاقتراع ومحاربة الفساد بكل أنواعه والبت في صحة الانتخاب في كل مراحله، بتنسيق بين كافة السلطات العمومية التي أناط بها القانون مسؤولية تنظيم الانتخاب ومراقبة نزاهته"

ووفقا لهذا المنظور ذكر الباحث أن المشرع المغربي جعل كل مكونات السلطة القضائية - كل من موقعه وفي نطاق ما يخوله القانون- ملزمة باتخاذ الإجراءات الوقائية والتدابير الزجرية التي يفرضها القانون اتجاه كل إخلال بالقواعد المنظمة للعملية الانتخابية من بدايتها إلى نهايتها ولم يقف عند هذا الحد بل أوكل للقضاء مهمة الرقابة على العمليات الانتخابية لتجرى في إطار المشروعية وفي احترام تام لمبادئ النزاهة والمساواة، سواء أثناء سير مراحلها أو بمناسبة النظر في الجرائم  أو الطعون والمنازعات التي تثار بخصوصها.

وبما أن الاستحقاقات الانتخابية تتأسس في جانب كبير منها، على التنافس الذي قد يصل إلى مستوى الصراع بين أطراف العملية الانتخابية من أشخاص وهيئات بدافع المصالح أحيانا وبسبب اختيارات ايديولوجية وغيرها أحيانا أخرى، فإنها، يضيف الباحث، تفرز بعض الممارسات المخلة والماسة بالقواعد والضوابط المنظمة للعملية الانتخابية. 

وانطلاقا من الإيمان بحتمية التدخل التشريعي لفرض احترام هذه الضوابط والإجراءات، فقد وجد المشرع الانتخابي المغربي نفسه - على غرار باقي التشريعات المقارنة - ملزما بتحديد الجرائم والعقوبات الماسة بسلامة العملية الانتخابية حتى تمر في جو تطبعه النزاهة والمساواة والحرية، وفي احترام تام لإرادة الناخبين وقواعد المنافسة الشريفة.

ومن هذا المنطلق، أشار الباحث إلى أن الممارسة الديمقراطية تقتضي تبني سياسة جنائية ناجعة تقي من الجريمة وتكافحها، بما يضمن إجراء انتخابات سليمة وفي احترام تام للضوابط التي  تنظمها، وذلك لن يتأتى إلا من خلال قيام المشرع الجنائي بجرد الأفعال الضارة بالعمليات الانتخابية وإضفاء صبغة التجريم عليها، وإقرار عقوبات لها حماية للحق في الانتخاب.

ليستنتج الباحث بأن السياسة الجنائية المتبناة من طرف المشرع المغربي تضمن الحماية اللازمة لكافة مراحل العملية الانتخابية والتي تبدأ بتحديد موعد الانتخابات وتنتهي بإعلان النتائج، فامتد نطاق هذه الحماية ليشمل اللوائح الانتخابية لمواجهة كافة أشكال الغش والتحايل والتدليس التي قد تمس عملية التسجيل فيها  أو الشطب منها، لكونها تعتبر منطلق العمليات الانتخابية فأي خلل يعتري اللوائح الانتخابية سيكون له التأثير البالغ على باقي مراحل العملية الانتخابية، وهذه الحماية الزجرية تمتد أيضا حسب الباحث لتشمل  عملية تقديم الترشيحات لمختلف الاستحقاقات الانتخابية سواء كانت انتخابات برلمانية أو جهوية أو إقليمية أو جماعية أو مهنية، لمواجهة كافة أشكال الجرائم الانتخابية الماسة بهذه المرحلة الحساسة من العملية الانتخابية.

كما أشار الباحث إلى أن هذه الحماية الجنائية لم تستثني مرحلة الدعاية الانتخابية أيضا، باعتبارها مرحلة التنافس بين مختلف المترشحين لمواجهة كافة الأفعال والسلوكيات المخالفة للقانون، كما يعقب انتهاء هذه المرحلة ابتداء مرحلة حاسمة هي مرحلة التصويت أو الاقتراع والتي شملتها الحماية الزجرية أيضا لفرض احترام انتظام اجراءاتها من جهة، ولحماية إرادة الناخب من جهة ثانية لمواجهة كل الأفعال المخلة التي تهدد حرية الاختيار الانتخابي سواء باعتماد أساليب الإغراء أو التدليس أو أساليب الترغيب والترهيب، حتى تكون النتائج الانتخابية معبرة بصدق عن الإرادة الحقيقية للناخبين، وبما يضمن قواعد النزاهة والمساواة بين المترشحين المتنافسين.

كما أكد أيضا على أن هذه الحماية الزجرية  تمتد لتشمل المرحلة النهائية في العملية الانتخابية وهي مرحة الفرز وإعلان النتائج، باعتبارها مرحلة دقيقة لتحصيل النتائج التي نالها كل مترشح أو كل لائحة ترشيح، لأن أي إخلال بالضوابط القانونية المنظمة لهذه المرحلة حتما ستترتب عنه آثارا بالغة الضرر على نتائج العملية الانتخابية.

وقد أشار الباحث إلى أن المشرع تبنى القواعد الحديثة للسياسة الجنائية التي لا تنبني فقط على الزجر والعقاب، بل تقوم أيضا على الوقاية، ويتضح ذلك دائما حسب الباحث من خلال عدم إغفال المشرع لنهج سياسة التجريم الوقائي، بتحديد التدابير الواجب إتباعها لمواجهة الخطورة الاجتماعية للمجرم الانتخابي من أجل منعه من ارتكاب الجريمة.

كما تناول الباحث الأحكام الموضوعية والشكلية للمسؤولية الجنائية عن الجرائم الانتخابية، لإبراز أحكام المسؤولية الجنائية عن الجرائم الانتخابية وتحديد طبيعتها القانونية وخصوصياتها، وآثار هذه الخصوصية على أحكام المسؤولية الجنائية الناشئة  عنها، فضلا عن دراسة الخصوصيات المسطرية التي تميز هذا النوع من الجرائم، و دور القضاء في تفعيل الحماية الجنائية للعملية الانتخابية، مع التركيز على تقديم تقييم للسياسة الجنائية المتبعة، سواء على مستوى قواعد الموضوع أو قواعد المسطرة ومقارنة كل صغيرة وكبيرة في النظام الانتخابية المغربي مع قوانين أخرى خاصة القانون الفرنسي والمصري والجزائري.

وأضاف الباحث  بأن الممارسة العملية للانتخابات، تعكس خلال كل محطة انتخابية ظهور أشكال  جديدة من المخالفات الانتخابية وبعض التجاوزات، وهي التي دعت المشرع مؤخرا للتدخل لمواجهتا، سواء من خلال تعديل النصوص الحالية أو سن نصوص حمائية جديدة، لجعل القوانين الانتخابية قادرة على مواكبة واقع الممارسة العملية التي تثبت كل مرة نشوء أنماط جديدة من الإجرام الانتخابي - الذي يطور نفسه في كل الدول- مستغلا تارة تطور الوسائل المستحدثة في ارتكاب الجرائم، خاصة الوسائل التكنولوجية منها، وتارة أخرى يستغل غياب نصوص التجريم وأحيانا هفوات بعضها أو ضعف العقوبات المنصوص عليها.

  وفي الختام سجل الباحث بارتياح كبير، بأن المشرع المغربي وفق في سن نصوص زجرية حمائية هامة لمختلف مراحل العملية الانتخابية، وهي نصوص لا تختلف كثيرا عن تلك الواردة في القانون الفرنسي، بل تعتبر متقدمة إذا ما قورنت ببعض التشريعات العربية كالتشريع المصري أو الجزائري، الأمر الذي يسمح بالقول بنجاح السياسة الجنائية التي تبناها المغرب في مواجهة الجرائم الانتخابية، مستشهدا بواقع الممارسة الانتخابية ببلادنا، الذي يعكس اختفاء بعض الانتهاكات التي كانت لصيقة ببعض الاستحقاقات الانتخابية، وما يدل على ذلك حسب الباحث هي الإشادة الكبيرة التي  تحظى بها كل الاستحقاقات الانتخابية ببلادنا سواء على المستوى الوطني أو الدولي. 

Langue
Arabe
Région
Fez - Meknès
Partager sur :