محمد عواج على رأس أكاديمية الرباط-سلا-القنيطرة: مسؤولية كبرى في ظرفية دقيقة

هشام التواتي : في سياق الجهود الوطنية الرامية إلى الارتقاء بمنظومة التربية والتكوين، جاء تعيين السيد محمد عواج مديرًا للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الرباط-سلا-القنيطرة ليعكس الثقة التي وضعتها فيه السلطات التربوية، بالنظر إلى مساره الحافل وخبرته العميقة في تدبير الشأن التعليمي. هذا التعيين، الذي صادق عليه مجلس الحكومة وفقًا للفصل 92 من الدستور، يندرج ضمن استراتيجية تهدف إلى تعزيز الحكامة الجيدة في المؤسسات التعليمية الجهوية، وضمان قيادة قوية قادرة على مواجهة التحديات المطروحة.
لقد راكم السيد محمد عواج خبرة واسعة في مجال التربية والتكوين، بفضل المناصب التي تقلدها طيلة مسيرته المهنية، والتي شكلت فرصًا لصقل مهاراته في التخطيط التربوي والتدبير الإداري. فمنذ انطلاق مشواره كمفتش رئيس في التخطيط التربوي، استطاع أن يبرهن على قدرته في إدارة المشاريع التربوية الكبرى، مما أهله لشغل مناصب قيادية هامة. تولى إدارة الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة تازة-الحسيمة-تاونات، حيث لعب دورًا محوريًا في تطوير البرامج التعليمية وتحسين جودة التعلمات. كما تولى مهام نائب وزارة التربية الوطنية بإقليم شفشاون، حيث كان مسؤولًا عن تنزيل السياسات التربوية على المستوى المحلي، قبل أن يشغل منصب مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة، وهي المرحلة التي أثبت فيها كفاءة عالية في تسيير الشأن التربوي، من خلال تطوير البنيات التحتية التعليمية، وتعزيز الشراكات مع المؤسسات الوطنية والدولية، وقيادة برامج تهدف إلى الرفع من أداء المنظومة التربوية.
يأتي هذا التعيين في ظرفية حساسة تتسم بتحولات كبرى تعرفها المنظومة التربوية بالمغرب، حيث يتعين على الأكاديميات الجهوية الاضطلاع بدور أكثر ديناميكية في تنزيل البرنامج الحكومي الخاص بإصلاح التعليم، وفق خارطة الطريق 2022-2026 ويواجه السيد محمد عواج في منصبه الجديد تحديات كبرى، أبرزها تحسين جودة التعليم وضمان تكافؤ الفرص بين مختلف الفئات الاجتماعية، خصوصًا في ظل الفجوات التعليمية التي أفرزتها الظروف الاستثنائية خلال السنوات الأخيرة. كما أن رهانات تعزيز الحكامة، وتحسين البنية التحتية للمؤسسات التعليمية تبقى من الأولويات التي تستدعي حلولًا مبتكرة وتدبيرًا ناجعًا للموارد المتاحة.
من بين المهام التي تنتظر السيد عواج، تأتي مسألة تطوير التكوين المستمر للأطر التربوية، حيث أصبح من الضروري اعتماد استراتيجيات جديدة لتأهيل المدرسين بما يتلاءم مع متطلبات العصر، خصوصًا في ظل التحولات الرقمية التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من العملية التعليمية. كما يُرتقب أن يواصل العمل على توسيع نطاق التعليم الأولي باعتباره أحد المحاور الأساسية التي تراهن عليها الدولة لتحقيق إصلاح تعليمي شامل.
إلى جانب ذلك، يبرز التحدي المتعلق بتعزيز الشراكات مع الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، من أجل توفير تكوينات مهنية تستجيب لحاجيات سوق الشغل، وتضمن إدماجًا أفضل للخريجين في النسيج الاقتصادي. فجهة الرباط-سلا-القنيطرة، بحكم موقعها الاستراتيجي، تحتضن عددًا من المقاولات الكبرى والقطاعات الاقتصادية الواعدة، مما يفتح آفاقًا واسعة لتطوير نموذج تعليمي حديث، يقوم على الملاءمة بين التكوين وحاجيات الاقتصاد الجهوي.
في ظل هذه التحديات، يُنتظر أن يشكل تعيين السيد محمد عواج قيمة مضافة للمنظومة التربوية الجهوية، بالنظر إلى ما راكمه من تجربة ميدانية وخبرة استراتيجية في تدبير الشأن التعليمي. ولا شك أن نجاحه في هذا المنصب رهين بقدرته على تعبئة جميع الفاعلين التربويين، وتعزيز التنسيق بين مختلف المتدخلين، وخلق دينامية جديدة قادرة على رفع التحديات المطروحة. إن المرحلة القادمة تستدعي مقاربة شمولية قائمة على الاستباقية والابتكار، من أجل جعل التعليم رافعة حقيقية للتنمية، وتقديم نموذج تربوي يواكب تطلعات الأجيال القادمة، ويعزز مكانة الجهة كمركز للتميز التربوي على الصعيد الوطني.