مهرجان موسم التمور بتغجيجت: إشعاع ثقافي وتنموي للواحات المغربية
كلمة السيد رئيس جمعية موسم التمور: بوبكر شركاوي
إسهاما منها في الديناميات الاقتصادية والثقافية والمسارات التنموية التي تعرفها المجالات الواحاتية في الجنوب المغربي وتخليدا للذكرى التاسعة والأربعين للمسيرة الخضراء المظفرة، تنظم جمعية موسم التمور والجماعة الترابية لتغجيجت وبدعم من مجموعة من الشركاء الرسميين تنظيم الدورة التاسعة عشرة من مهرجان موسم التمور الذي يعد علامة مضيئة في مسار الفعل المدني ووشما في ذاكرة المشهد الثقافي والاقتصادي والفلاحي والسياحي في الجنوب المغربي، والذي استطاع أن يديم وجوده كحدث ثقافي بأبعاد سوسيومجالية أثرى الساحة الثقافية واستطاع أن يؤثر في دينامية الواحات، عبر منحها إشعاعا محليا وجهويا ووطنيا وتسويق مؤهلاتها ومقوماتها الثقافية والتاريخية والاقتصادية والفلاحية والسياحية وخلق الدافعية وتحفيز العنصر البشري للانخراط في الفعل التنموي والإسهام في تحسين شروط العيش ودينامية الاقتصاد المحلي والتشبيك الموضوعاتي بين مختلف الفاعلين في المجال الترابي وتأهيل الفضاء الواحي للاضطلاع بأدوار كبرى في تاريخ المغرب المعاصر، وهو ما تحقق بتضحيات جمة ومجهودات أسدت خدمة جليلة للفرد والمجتمع على السواء. مهرجان موسم التمور الذي استعاد وهجه بعد زمن الجائحة في سياق عالمي يعرف أفول اليقينيات وانبثاق مجتمع المخاطر بسبب التغيرات المناخية، إنها استعادة لحضور حي وتفاعل خلاق بين جمهور المهرجان وأنشطته المتعلقة بالتسويق الترابي والاقتصادي والفلاحي للمنتجات المادية والرمزية بواحتنا والمتعلقة بمختلف اللقاءات الفنية التي تسمو بالوجدان ومختلف اللقاءات العلمية التي تروم تطوير الخطاب المعرفي حول الواحة وتحدياتها وتطلعاتها ومعارض المنتوجات المجالية المنعشة للاقتصاد الواحي. لقد اخترنا الاشتغال في الدورة الجديدة للمهرجان على موضوع بأبعاد مختلفة، يتعلق الأمر بموضوع التوازن الإيكولوجي والحفاظ على نظم العيش الواحية، لينعقد المهرجان بشعار " استثمار الطاقات المتجددة للحفاظ على النظام الايكولوجي بالواحات " شعار يختصر طموحنا في الإسهام في التنمية، وذلك عبر العمل وفتح أوراش التفكير في سبل عصرنة منتوج التمور وما يتصل به من خبرات ثقافية تقليدية لتثمينه ومنحه المكانة اللائقة به في الأسواق الوطنية والدولية عبر الرفع من الإنتاج الإيكولوجي واعتماد الطاقات المتجددة والبديلة الصديقة للبيئة، وهو ما يمكن أن ينعكس إيجابا على الوضعية الاقتصادية للساكنة بوجه عام والفلاحين ومنتجي التمور بوجه خاص، عبر خلق فرص جديدة للشغل ورسملة الخبرات المحلية والمعارف التقليدية الحية وإنعاش المنطقة اقتصاديا وثقافيا، والحفاظ على الرهان البيئي لتحقيق تنمية إيكولوجية مستدامة، ولتحقيق هذه الرهانات والغايات الكبرى اقتضى منا التفكير في برنامج غني وتنويع عتباته الثقافية ومواده واحتضان ذاكرة الواحة وفنونها وتجاربها الشبابية وإقامة معارض للمنتوجات الفلاحية، وتنظيم أمسيات شعرية وسهرات فنية تحتفي بالتنوع الثقافي والتعدد اللغوي ومكونات الثقافة الوطنية وإعداد ندوات فكرية ومعرفية إيمانا منا بقدرة المعرفة وإمكاناتها في خلق مساحات للتفكير العلمي في سبل التقدم والازدهار وتبادل وجهات النظر ومدارسة إشكاليات لها صلة وثيقة براهن الواحة ومستقبلها فيما يتعلق بالثقافة والفنون والاقتصاد الواحي، كما ارتأينا تنظيم ورشات حول الفلاحة في الواحة والخبرات التقليدية والإيكولوجية التي تعد دعامة أساسية في خلق تنمية مستدامة وإرثا جماعيا أسهم في حفظ الموارد. إن تأجيل انعقاد موسم التمور كان واجبا إنسانيا وتأدبا في حضرة الجراح التي خلفتها الفيضانات. والتي عبر فيها أهل الواحة عن إيمانهم بقيمة تيويزي متضامنين ومتضامنات مع المنكوبين مسهمين في ملحمة إنسانية مغربية فريدة.
إننا نعتبر مهرجان موسم التمور ذاكرة مشتركة لجميع التغجيجتيين والتغجيجتيات، وإذ نعي حجم التحديات المطروحة علينا لتطوير عرضنا الثقافي والفني والعلمي وتجديد ممارساتنا الثقافية في زمن يعيش تحولات متسارعة وتجديد أشكال عرض المنتوجات المجالية في المجال الفلاحي؛ فإننا نعتز بالمواكبة التي تقوم بها الساكنة وتعبر بها عن طموحاتها ورؤيتها إلى الفعل التنموي في الواحة ونعتبرها مرآة عاكسة لغيرة الساكنة جميعها على واحة تغجيجت، كما نهيب بمختلف الفاعلين والفاعلات الانخراط لاستدامة ذاكراة هذا المهرجان الذي يعد لحظة تنموية ليضاهي في شموخه شموخ النخلة التي نستقي منها هويتنا وكينونتنا الرمزية.
كما نشكر كل الشركاء والجهات الداعمة ماديا ورمزيا. ونرحب بجميع الزوار وبجميع الهيئات التي تلبي نداء جمعية موسم التمور والجماعة الترابية تغجيجت وتتكبد عناء زيارة واحة تغجيجت في موسمها الفلاحي والثقافي.