Partager sur :

سياحة : درعة-تافيلالت تراجع مقلق رغم المؤهلات الطبيعية والتاريخية

ليلة رأس السنة 2025، وفي الوقت الذي كانت فيه المدن السياحية الكبرى مثل مراكش تعيش على إيقاع الاكتظاظ والاحتفالات، بدت جهة درعة-تافيلالت وكأنها في سبات عميق، حيث سجلت فنادق المنطقة، لا سيما تلك الواقعة في مضايق تودغى وواحات قلعة مكونة ودوار تزكي، صفر سائح. هذه الأزمة التي تخيم على القطاع السياحي في المنطقة منذ سنوات تثير العديد من التساؤلات حول الأسباب التي أوصلت هذا القطاع إلى حافة الانهيار، خاصة في منطقة تتمتع بمؤهلات طبيعية وسياحية فريدة.

 

التحقيقات الصحفية التي أجرتها “Maglor” كشفت عن عدة عوامل ساهمت في هذا التراجع المقلق. ولعل أبرزها سلسلة الإضرابات التي شهدتها المنطقة خلال السنوات الماضية، خاصة في مدينة ورزازات التي تُعد إحدى الركائز السياحية للجهة. هذه الإضرابات، التي وُصفت بالمدمرة، جاءت نتيجة لتحريض جهات مجهولة ضد مالكي الفنادق والمستثمرين، ما أدى إلى تعطيل حركة السياحة بشكل كبير ودفع السياح والمستثمرين للبحث عن وجهات بديلة أكثر استقرارًا.

 

من جهة أخرى، تُلقي الأنشطة الترويجية الضعيفة بظلالها على واقع السياحة في المنطقة. ففي الوقت الذي تنظم فيه مدن مثل مراكش وأكادير فعاليات كبرى لجذب الزوار، تفتقر درعة-تافيلالت إلى أنشطة ترويجية قادرة على استقطاب السياح وإبراز ما تزخر به من جمال طبيعي وتاريخ غني.

 

المفارقة الكبرى تكمن في الدور الذي تلعبه الجهات السياحية الكبرى مثل مراكش وأكادير في تعزيز هذا التراجع. فبفضل البنية التحتية المتطورة وخطط التسويق القوية، باتت هاتان الوجهتان تستقطبان النسبة الأكبر من السياح الوافدين إلى المغرب، مع إعادة توجيههم بعيدًا عن المناطق الداخلية مثل درعة-تافيلالت.

 

رغم أن المسافة الزمنية بين مراكش وورزازات تقل عن أربع ساعات، إلا أن الكثير من السياح يفضلون البقاء في مراكش، حيث يتمكنون من الوصول بسهولة إلى خدمات سياحية متنوعة. هذا التوجه يحرم درعة-تافيلالت من الاستفادة من التدفقات السياحية الضخمة التي تعرفها مراكش.

التراجع الحاد في أعداد السياح انعكس بشكل مباشر على الاقتصاد المحلي. فقد أغلقت العديد من الفنادق الصغيرة أبوابها، وعانى العاملون في القطاع من انخفاض حاد في الدخل، ما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة. بالإضافة إلى ذلك، تفاقمت معاناة السكان المحليين الذين يعتمدون على السياحة كمصدر أساسي للرزق، سواء من خلال تقديم خدمات الإرشاد السياحي أو بيع المنتجات التقليدية.

 

أمام هذا الوضع، تبدو الحاجة ملحة إلى إعادة النظر في استراتيجيات تطوير القطاع السياحي في درعة-تافيلالت. أولى الخطوات يجب أن تكون تعزيز الترويج للمنطقة على الصعيدين الوطني والدولي. فمن خلال حملات تسويقية مدروسة وإطلاق مهرجانات سياحية سنوية، يمكن للجهة أن تستعيد مكانتها كوجهة مفضلة للسياح.

تحقيق م. النوري : كما يتعين تحسين البنية التحتية، مثل الطرق والمواصلات، وربط المنطقة بشكل أفضل بالمراكز السياحية الكبرى. إضافة إلى ذلك، فإن تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص يمكن أن يساهم في جذب الاستثمارات وخلق فرص عمل جديدة.

 

درعة-تافيلالت، التي كانت في يوم من الأيام تعج بالسياح من مختلف أنحاء العالم، أصبحت اليوم تعاني من الإهمال والتراجع. ورغم ذلك، ما زالت الفرصة سانحة لإنقاذ القطاع السياحي في المنطقة وإعادته إلى مساره الصحيح. بتضافر الجهود وتوجيه الاستثمارات نحو هذه الجهة، يمكن أن تستعيد المنطقة مجدها وتصبح منارة سياحية تسهم في تحقيق التنمية المستدامة.

Langue
Arabe
Région
Drâa - Tafilalt
Partager sur :