Partager sur :

العمامرة" و خبطاته العشوائية المثيرة للأسف و السخرية. بقلم : زكية بوقديد

تظل قضية توتر العلاقات بين المغرب و الجزائر تتصدر اهتمامات القنوات الإعلامية و الرأي العام ، و خصوصا حين يتعلق الأمر بخرجات تصريحية من مسؤولين ديبلوماسيين يفترض فيهم الرزانة و الحكمة . فالمغالطات التاريخية التي اعتمدها وزير الخارجية رمطان العمامرة لتبرير بيان إعلان قطع العلاقات مع المغرب في غشت 2021  تجعلنا من باب حسن الجوار أن نذكره إن نسي التاريخ . تذكر أيها الدبلوماسي أن منذ استقلال المغرب سنة 1956 و هو وفي لمبادئ الجوار حين وفر كل شروط نجاح المقاومة الجزائرية ضد المستعمر الفرنسي ، فجعل من وجدة و بركان و الناظور و فكيك قواعد خلفية يلجأ إليها الثوار الجزائريون ، ناهيك عن الامدادات و المعونات التي قدمت للثوار ، بل أكثر من هذا توفير محطة إذاعية على تراب المغرب موجهة للجزائريين، و ظل مساندا رسميا إلى أن حصلت الجزائر على استقلالها سنة 1962م ، و هنا نطرح سؤالا استنكاريا : كيف لدولة قدمت الدعم الكامل لاستقلال جارتها ستتحول بين عشية و ضحاها إلى خائنة للسيادة الجزائرية  كما ذهب ادعائكم عن حرب الرمال 1963؟؟! و في هذا أهم ما لفت انتباهي هو الرد الدقيق للمؤرخ المغربي الدكتور عبد الله بوصوف في مقاله " ما وراء القطيعة الجزائرية " و هو يخاطب العمامرة ( كيف يقبل على نفسه و هو الذي احترف الدبلوماسية أكثر من 45 سنة بتقديم قراءة خاطئة عن مرحلة تاريخية عاشها الجميع ؟ فحرب الرمال لسنة 1963 مثلا كان المغرب يدافع فيها عن حدوده التاريخية بعد هجومات و تحرشات حدودية من طرف الجيش الجزائري الذي كان مدعوما بليبيا القذافي و جمال عبد الناصر ....).
ما يثير الحسرة و الأسف هو الاعتراف الصريح على لسان وزير الخارجية " العمامرة " أن قطع العلاقات سنة 1976 جاء عقب اعتراف الجزائر بشرذمة من الخونة سموا أنفسهم البوليساريو ، و لعل تساؤل الدكتور عبد الله بوصوف في مقاله المشار إليه أعلاه يجلي مدى ضحالة مثل هذه التصريحات : ( يصرح بدون خجل أن الجزائر قامت باتخاذ قرار سيادي باعترافها بشرذمة البوليساريو سنة 1976 ! و ماذا عن هزيمتها في معارك " أمغالا " الأولى و الثانية من أجل تثبيت المرتزقة فوق الصحراء المغربية ) مشيرا الدكتور أن إعادة العلاقات بين البلدين التي تمت 1969 ( لم يكن ثمرة مجهودات جزائرية بل كانت جهود دول عربية إسلامية بمناسبة القمة الإسلامية 1969 ).  و هذا لم يتعارض مع موقف المغرب الثابت في كل المحافل و المؤتمرات العربية و الإفريقية و الدولية حول تشبته بقضية مغربية الصحراء التي لا يقبل التنازل عنها. في المقابل يشهد التاريخ أن الجزائر لم تحترم مبادئ حسن الجوار و كرست جهودها في الضرب في وحدة المغرب الترابية بتمويل الجسم الذخيل ، و لم تلتزم بمقتضيات البيان المشترك الذي تم بوساطة الملك الراحل فهد بن عبد العزيز سنة 1988 ، و لم أجد أدق وصف لهذه الخيانة من تلك التي عبر بها الدكتور عبد الله بوصوف : ( الوقائع أثبتت أن الجزائر لم تحترم اتفاقياتها أو حسن الجوار ، بل ضخت المزيد من الأموال في بطون المرتزقة و في جيوب أبواق الأطروحة الانفصالية ...).
إن تشبت المغرب باستكمال وحدته الترابية كانت أولى أولويات السيادة المغربية منذ الاستقلال ، ترجمت على أرض الواقع بدءا من المسيرة الخضراء سنة 1975 مع صانعها الراحل الملك الحسن الثاني ، مرورا بمبادرته التي أطلقها بتنظيم  استفتاء تقرير مصير الصحراء لتأكيد مغربية الصحراء ، و بمبادرة " الحكم الذاتي في الصحراء المغربية " مع المنصور بالله الملك محمد السادس ، وصولا إلى كسب اعتراف معظم دول العالم بمغربية الصحراء . اعتراف يعكس نجاح الدبلوماسية الخارجية للمغرب في قضية الصحراء الأمر الذي يقض مضجع الجنرالات الجزائرية يدفعها إلى اتخاذ مواقف و قرارات غير متوازنة منها ما يثير السخرية  يمكن أن نجملها في : 
1* الموقف الازدواجي بين اعتراضهم على تصريح مبعوث المغرب في أحقية القبايل في تقرير مصيرها في المقابل دعمهم المتواصل لشردمة البوليساريو
2* تآمر المغرب مع إسرائيل ضد الجزائر ، على حد قول المؤرخ عبد الله بوصوف( المثير للسخرية أن العمامرة يسقط من عل بقوله أن وزير الخارجية المغربي هو المحرض الأساسي لتصريحات نظيره الإسرائيلي خلال زيارته للمغرب في شهر غشت الماضي ، إذ تصريحات الوزير بالحذر من التقارب الجزائري / الإيراني تلزمه شخصيا و تلزم حكومته ، إذ لم يتعود المغرب التدخل في تصريحات ضيوفه ، ربما يقع هذا في الجزائر ، لكن في المغرب لا ).
3* اتهام المغرب أنه كان وراء اندلاع الحرائق بالجزائر ، كما سوق و طبل له الإعلام الجزائري.
و كل هذا إن دل على شيء فإنه يدل على العدمية الفكرية و السياسية التي تنطلق منها القرارات الجزائرية البعيدة عن مبادئ حسن الجوار و ما تحكمها من قيم و أخلاق و تاريخ كفاح مشترك .

Arabe
Partager sur :