السيدة ليلى الزعروري خبيرة في مجال الطيران، وباحثة متخصصة في الأدلة الجنائية الفضائية، ومهتمة بالشؤون القانونية و الإصلاح القضائي.
“الأقمار الصناعية بين خدمة العدالة وصون الخصوصية:تحليل تجربة شخصية في توظيف صور الأقمار الصناعية كأدلة جنائية مع الحفاظ على الخصوصية”
في منشور سابق على حسابي الشخصي على فيسبوك، قدمت لمحة حول كيفية استخراج الأدلة الجنائية باستخدام تقنيات الأقمار الصناعية. كجزء من هذا العرض، قمت بمشاركة صور تتعلق بالأراضي الفلاحية الخاصة بوالدي، بعد الحصول على إذن مسبق منه، بهدف شرح طريقة حساب المسافة بين نقطتين جغرافيتين مختلفتين. أرفقت الصور بملاحظات نصية لتوضيح الخطوات العملية وإبراز أهمية هذه التقنيات في المجال الجنائي.
التجربة الشخصية والنتائج
إن توضيحي بشأن الحصول على إذن مسبق من والدي يهدف إلى التأكيد على التزامي بالمبادئ القانونية والقيم الأخلاقية التي تقتضي احترام حقوق الأفراد وحمايتها، لا سيما فيما يتعلق بضمان الحق في الخصوصية وتجنب أي انتهاك له. يأتي ذلك تطبيقًا للقواعد القانونية التي تنظم جمع البيانات الشخصية واستخدامها، مع الالتزام بالإجراءات السليمة التي تعزز الثقة وتحترم الإرادة الحرة للأطراف المعنية.
من خلال هذه التجربة الشخصية، سعيت إلى الإجابة عن تساؤل جوهري، بهدف إيضاح الرؤية العلمية والقانونية بشكل أكثر دقة.
هل يمكن استخدام تقنيات الأقمار الصناعية لاستخراج أدلة جنائية دون انتهاك حق الأفراد في الخصوصية؟
لقد أسقطت خبرتي على المتلقي الذي قمت بتحديده بعناية، لضمان تنظيم عملية مشاركة المعلومات بدقة وفعالية. كما حرصت على تحديد نطاق الجمهور المخوّل بالاطلاع على هذه المعلومات، مع اتخاذ كافة التدابير اللازمة لحماية أسماء المواقع والمناطق الجغرافية الواردة في الصور، بما يتوافق مع الالتزامات القانونية المتعلقة بحماية البيانات الحساسة، وضمان عدم استخدامها بطريقة قد تسفر عن الكشف غير المصرح به لهوية الأفراد أو انتهاك خصوصيتهم.
أثبتت التجربة التي أجريتها إمكانية استخدام الأقمار الصناعية في استخراج الأدلة الجنائية، مع ضمان احترام خصوصية الأفراد من خلال تبني تشريعات صارمة تُنظم هذا الاستخدام. كما أن أي انتهاك للخصوصية، إذا تم تقنينه ضمن إطار قانوني يوازن بين الضرورات الجنائية وحماية الحقوق الشخصية، يمكن أن يسهم في صون البيانات الشخصية وتعزيز حماية خصوصية الأفراد بشكل فعال.
لضمان احترام الخصوصية، اتخذت التدابير التالية:
• حصلت على إذن مسبق من والدي، تأكيدًا على التزامي بالمبادئ القانونية والأخلاقية.
• قمت بحجب أسماء المواقع والمناطق الجغرافية عن الصور لتجنب الكشف غير المصرح به عن أي معلومات حساسة.
• حرصت على تحديد نطاق الجمهور المخوّل بمشاهدة هذه البيانات، لضمان حماية الخصوصية والالتزام بالقواعد القانونية.
النتيجة:
أثبتت التجربة إمكانية استخدام الأقمار الصناعية في استخراج الأدلة الجنائية بطريقة تحترم الخصوصية، إذا ما تم وضع ضوابط صارمة تنظم جمع البيانات واستخدامها. كما بينت أن التزام التشريعات يوفر توازنًا بين تحقيق العدالة الجنائية وحماية الحقوق الفردية.
الإشكاليات القانونية والأخلاقية
إثارة هذه التجربة للتساؤلات لم تكن مصادفة؛ فالتطورات التقنية الكبيرة، مثل استخدام الأقمار الصناعية، تفرض إعادة النظر في الإطار القانوني الحالي لضمان حماية الحقوق الأساسية. ومن أبرز الإشكاليات التي تطرحها هذه التقنيات:
1 : المراقبة المستمرة:
تمتلك بعض الأقمار الصناعية كاميرات عالية الدقة قادرة على التقاط صور تفصيلية لأي مكان تقريبًا، مما قد يهدد الخصوصية بشكل غير مسبوق.
2 : جمع البيانات الشخصية:
يمكن لهذه التقنيات تتبع أنشطة الأفراد، مثل تحركاتهم اليومية، مما يثير تساؤلات حول إمكانية إساءة استخدام هذه المعلومات.
3 : التجسس:
قد تُستخدم الأقمار الصناعية لمراقبة الأنشطة السياسية أو العسكرية، مما يشكل انتهاكًا لسيادة الدول وخصوصية مواطنيها.
التحديات والتوازن المطلوب:
بينما تمثل تقنيات الأقمار الصناعية وسيلة فعالة لتحقيق العدالة، فإنها تثير تساؤلات قانونية محورية:
• هل تُعد هذه التقنيات انتهاكًا لحق الأفراد في الخصوصية؟
• كيف يمكن تحقيق توازن بين الاستفادة من الأدلة الجنائية المستمدة منها وحماية الحقوق الأساسية؟
• هل يجب أن يمتد حق الخصوصية ليشمل البيانات الرقمية التي يتم جمعها بواسطة هذه الوسائل؟
الرؤية المستقبلية:
لقد أبرزت التجربة أن الحل يكمن في صياغة إطار قانوني واضح وصارم يُراعي التطورات التقنية من جهة، ويحمي الحقوق الفردية من جهة أخرى. يمكن لهذا الإطار أن يتضمن:
• تحديد ضوابط واضحة لاستخدام الأقمار الصناعية في الأغراض الجنائية.
• تعزيز الشفافية في جمع البيانات ومعالجتها.
• ضمان حماية البيانات الحساسة من الاستخدام غير المشروع.
الاستنتاج العلمي التطبيقي :
“تعد الأقمار الصناعية أداة قوية في تحليل الأدلة الجنائية وتعزيز العدالة، غير أنها تثير تحديات كبيرة في حماية حقوق الأفراد، خاصة في مجالات الخصوصية وحماية البيانات. لذلك، من الضروري أن يتم استخدام هذه التقنيات ضمن إطار قانوني وتنظيمي محكم يضمن حماية حقوق الأفراد ويمنع استغلالها أو التعدي عليها. كما يجب أن تخضع هذه التقنيات لرقابة دقيقة لضمان عدم الإضرار بالخصوصية أو انتهاك البيانات الشخصية. إذا ما تم إرساء ضوابط تنظيمية صارمة، يمكن للأقمار الصناعية أن تصبح أداة فعالة في خدمة العدالة دون المساس بحقوق الأفراد.”
للاطلاع أكثر :
https://maglor.fr/arabe/mn-alfda-aly-almhkmt-alqymt-alqanwnyt-lswr-alaqmar-alsnayt-fy-alathbat-aljnayy
{يتبع}