Partager sur :

من الفضاء إلى المحكمة : القيمة القانونية لصور الأقمار الصناعية في الاثبات الجنائي


 

تتمة البحث العلمي { الصور}

السيدة ليلى الزعروري خبيرة في مجال الطيران،وباحثة متخصصة في الأدلة الجنائية الفضائية،مهتمة بالشؤون القانونية والإصلاح القضائي جنيف سويسرا

📍جنيف سويسرا 

التكنولوجيا الحديثة في خدمة العدالة – الأقمار الصناعية ودورها في التحقيقات الجنائية 

 

أهمية التكنولوجيا في العدالة الجنائي

في عصر التكنولوجيا المتقدمة والأقمار الصناعية، بات من الضروري إدماج هذه التقنيات في منظومة العدالة الجنائية.فمع التطور الكبير الذي يشهده العالم في مختلف المجالات، أصبح استخدام الأدوات التكنولوجية وسيلة لا غنى عنها لتعزيز العدالة، سواء في الكشف عن الجرائم أو تقديم الأدلة القانونية الداعمة.

تتمثل ميزة الأقمار الصناعية في أنها لا تخضع للترهيب أو التهديد، كما أن الصور التي تلتقطها تشكل سجلاً رقمياً موثوقاً يتيح للمحققين تحليل الأحداث بدقة بأثر رجعي.

الأقمار الصناعية ودورها في العدالة الجنائية

    1. تحديد التموقع الجغرافي


تتيح الأقمار الصناعية إمكانية تحديد التموقع الجغرافي بدقة عالية، مما يسهم في كشف مواقع الجريمة. من خلال رسم خرائط دقيقة للمباني والطرق والمناطق المختلفة، يمكن لرجال الشرطة والجهات القضائية تتبع الأحداث وجمع معلومات حاسمة عن مكان وقوع الجريمة وزمنها.

    2 . تحليل البيانات المكانية

تحليل البيانات المكانية، وخاصة تلك المستمدة من الأقمار الصناعية، يعد من الأدوات الفعّالة في دراسة الأنماط الجغرافية المتعلقة بالجرائم وسلوكيات الجناة.حيث تعتمد هذه التحليلات على دمج الصور الفضائية مع نظم المعلومات الجغرافية (GIS) لتوفير رؤى شاملة حول العلاقات بين الموقع الجغرافي، البنية التحتية، وأنماط السلوك الإجرامي.

3 . فوائد تحليل البيانات المكانية في مكافحة الجرائم


- تحديد النقاط الساخنة للجريمة و فهم سيكولوجية الجناة

يكشف التحليل الدقيق للتوزيع الجغرافي للأنشطة الإجرامية عن مناطق محددة تشهد ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات الجريمة، مما يوفر خارطة طريق واضحة للجهات الأمنية لتوجيه جهودها بشكل أكثر استهدافاً في تلك المناطق الحيوية. وتتيح البيانات المكانية استكشاف الأنماط السلوكية للجناة، وكشف الدوافع والأماكن التي بفضلونها لارتكاب جرائمهم، مما يساعد في رسم صورة أوضح لأساليبهم الإجرامية.

ان تحليل البيانات المكانية يفتح آفاقاً واسعة لتحسين الأمن وتطوير المجتمعات بشكل مستدام، مما يعزز من كفاءة العمليات الأمنية والتخطيط المدني.

4 . توثيق الصور الجوية

تساهم الأقمار الصناعية في تقديم أدلة قوية في التحقيقات الجنائية من خلال توفير صور جوية عالية الدقة. هذه الصور تساعد في تحديد مواقع الجرائم بدقة وتتبع تحركات الأفراد المرتبطين بها بشكل آني، مما يسهل على المحققين جمع الأدلة وتأكيد الروايات المختلفة.على سبيل المثال، يمكن استخدام هذه الصور لتأكيد وجود أفراد محددين، كالجناة أو الشهود، في مكان الجريمة في الوقت الذي وقع فيه الحادث، وذلك من خلال التقاط صور حية تفصيلية للموقع.

5 . التحديث الزمني

الصور الملتقطة بفواصل زمنية متقاربة تمكّن من دراسة التغيرات في المناطق المستهدفة واتخاذ إجراءات فورية عند الحاجة.

6 . توثيق حالة الجريمة

توفر الصور تسجيلاً دقيقًا لحالة الجريمة، قبل أي تغيير فيها، مما يساعد في إعادة بناء الأحداث.

7 . الكشف عن الأدلة المادية

يمكن للأقمار الصناعية أن تلعب دورًا هامًا في الكشف عن أماكن إخفاء وسائل الجريمة

تكشف الصور الملتقطة عن طريق الأقمار الصناعية عن أدلة مادية جد مهمة : آداة الجريمة و مكان اختفائها { الجثث ، الأسلحة ، المخدرات ، تتبع حركات الأشخاص ….الخ}

8 . تقديم أدلة قانونية موثوقة


تساهم الأقمار الصناعية في تقديم بيانات وصور دقيقة تشكل أدلة رسمية يمكن الاعتماد عليها قانونياً لإثبات المخالفات والجرائم،هذه الأدلة تضيف مصداقية للتحقيقات وتسهم في تحقيق العدالة بكفاءة.

تتيح تقنيات التصوير عبر الأقمار الصناعية التقاط صور فائقة الدقة تصل فيها درجة الوضوح إلى نطاق يتراوح بين 30 و50 سنتيمترًا. هذه الدقة العالية تمكّن من رؤية تفاصيل دقيقة للغاية على سطح الأرض، حيث يمكن تمييز أشياء صغيرة مثل السيارات أو ممرات المشاة.

ومع التقدم المستمر في هذا المجال، أصبحت الصور ذات الوضوح الذي يصل إلى 30 سنتيمترًا تُستخدم على نطاق واسع في مجالات عدة، مثل مراقبة البنية التحتية، والزراعة الدقيقة، وإدارة الكوارث، وحتى في التخطيط العمراني. هذا التطور التقني جعل من الممكن رؤية تفاصيل دقيقة من الفضاء، مما يعزز قدرات المراقبة والتحليل بشكل غير مسبوق.

9 . “ضوابط قبول الصور الفضائية كأدلة جنائية أمام القضاء”

“يتعين على الشركات المتخصصة في استخدام الصور الملتقطة عبر الأقمار الصناعية في التحقيقات الجنائية تقديم تبرير واضح ومُفصَّل للمحكمة حول أسباب اعتمادها كدليل. ويشمل ذلك إثبات صحتها وموثوقيتها عبر التأكيد على حفظها وفق بروتوكولات صارمة تمنع التلاعب أو التحوير، إلى جانب تقديم أدلة تقنية تثبت أصالتها، مثل البيانات الوصفية (Metadata) التي توضح توقيت وموقع التقاط الصورة، مع التأكد من خلوها من أي تعديلات بعد تسجيلها. علاوة على ذلك، يجب على هذه الشركات الاستعانة بخبراء متخصصين لتوضيح منهجية معالجة الصور وتحليلها، وضمان امتثال الإجراءات المتبعة للمعايير القانونية والفنية المعترف بها دولياً، مثل تلك الصادرة عن الجمعية الدولية للاستشعار عن بُعد (ISPRS). يضمن هذا النهج قبول الصور كدليل موثوق أمام القضاء، ويعزز مصداقية الأدلة المقدمة في القضايا الجنائية.”

 

الدول الصاعدة في سباق الفضاء: منافسة متزايدة تعيد تشكيل المشهد الفضائي العالمي { الصين ، الهند ، الامارات}

مع التوسع المتسارع في إطلاق الأقمار الصناعية المخصصة للتصوير، لا سيما من قبل الدول الصاعدة في مجال الفضاء مثل : 
- الصين : ظهرت الصين كأقوى دولة صاعدة في مجال الفضاء، حيث أصبحت منافسًا رئيسيًا للولايات المتحدة وروسيا. 
- الهند : تُعتبر أيضًا دولة صاعدة، حيث نجحت في إرسال مركبة إلى القمر (مهمة تشاندرايان-3) والمريخ بتكلفة منخفضة، لكن برنامجها لا يزال محدودًا مقارنة بالصين 
- الإمارات العربية المتحدة : كأول دولة عربية تدخل بقوة مجال استكشاف الفضاء، حققت الإمارات إنجازات بارزة، مثل إرسال مسبار “الأمل” إلى المريخ، لتصبح أول دولة عربية وإسلامية تصل إلى الكوكب الأحمر. كما أطلقت برنامجًا طموحًا لإرسال رواد فضاء إماراتيين، مما يعكس رؤيتها الريادية وطموحها في أن تكون لاعبًا أساسيًا في سباق الفضاء العالمي.

 

يمكن استخدام صور الأقمار الصناعية في التحقيقات الجنائية والكشف عن الجرائم. 

هناك العديد من الأمثلة التي توضح كيف يمكن استخدام صور الأقمار الصناعية في التحقيقات الجنائية والكشف عن الجرائم. على سبيل المثال،

استخدمت الجهات الأمنية صور الأقمار الصناعية في الكشف عن عمليات التعدين غير القانوني، وتهريب المخدرات، والاتجار بالبشر، حيث توفر هذه الصور أدلة موثوقة يمكن استخدامها في المحاكم.

 

صور الأقمار الصناعية في التحقيق بجرائم الحرب في أوكرانيا:

في أكتوبر 2024، تم استخدام صور الأقمار الصناعية كأدلة في التحقيقات المتعلقة بجرائم الحرب في أوكرانيا. ساعدت هذه الصور الفرق القانونية في تحليل المواقع المتضررة وتوثيق الأحداث بدقة.

مثال عملي:

في عام 2019، استخدمت وكالات إنفاذ القانون صور الأقمار الصناعية لتحديد مواقع مزارع الكوكايين غير القانونية في أمريكا الجنوبية، حيث مكّنت تقنيات التصوير الطيفي والراداري من كشف مناطق الزراعة المخفية تحت الغابات الكثيفة. كما ساعدت صور الأقمار الصناعية في تتبع تحركات السفن المستخدمة في تهريب المخدرات عبر المحيطات، وذلك من خلال تحليل أنماط الإبحار والحمولات المشبوهة.

المراجع والمصادر:


    •    وكالة الفضاء الأوروبية (ESA): لديها برامج بحثية حول استخدام تقنيات الرادار في التحليل الجنائي والكشف عن النشاطات غير القانونية.
    •    الإنتربول: يستخدم البيانات الفضائية في التعاون الدولي لمكافحة الجريمة المنظمة.
    •    تقارير الأمم المتحدة حول دور تقنيات الاستشعار عن بعد في مراقبة الأنشطة غير القانونية حول العالم.
    •    شركات مثل DigitalGlobe وPlanet Labs تقدم صورًا ذات دقة عالية تُستخدم في التحقيقات الأمنية

دور الصور الملتقطة عن طريق الأقمار الصناعية :

بفضل قدرة الأقمار الصناعية على التقاط صور متتابعة عبر فترات زمنية مختلفة، تصبح هذه الصور دليلاً حاسماً في العديد من الحالات، بما يعزز من قناعة القاضي الجنائي بالقضية المطروحة. وتتضاعف فعالية هذا النوع من الأدلة عندما يكون المحقق الخاص متمرساً كمحامٍ في الأمور المتعلقة بالفضاء ولديه خبرة كافية في تحديد الصور التي يمكن قبولها كأدلة قانونية.

لقد أصبحت منظمات حقوق الإنسان تعتمد بشكل متزايد على صور الأقمار الصناعية كأداة حيوية للتحقق من صحة الادعاءات المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان، خاصة في الحالات التي يصعب التثبت منها بوسائل تقليدية. توفر هذه الصور بُعدًا إضافيًا من الأدلة التي يمكن أن تكون فورية أو طويلة الأجل، مثل تتبع آثار الدمار الناتج عن النزاعات المسلحة أو توثيق عمليات التهجير القسري. علاوة على ذلك، قد تكشف هذه الصور عن معلومات غير متوقعة، مما يعزز من قدرة المنظمات على توثيق الانتهاكات والتحقق من الحقائق بدقة وموضوعية.

الاستنتاج العلمي :

يمكن الاستنتاج أن الصور الملتقطة بواسطة الأقمار الصناعية تُعد أداة قوية وفعالة في إثبات الحقائق و تسوية القضايا الجنائية والمنازعات المدنية. وتبرز أهميتها في معالجة مجموعة من القضايا المعقدة التي قد يصعب حلها بطرق أخرى، مما يجعلها دعامة أساسية لتعزيز الدقة والشفافية في الإجراءات القانونية.

استنادا إلى تجربة وكالة الأدلة الهوائية و الفضائية يتضح  أهمية استخدام الإثبات الجنائي بواسطة الأقمار الصناعية ضرورة ملحّة لتحقيق العدالة و النهوض بها ، مع ضرورة التأكيد على الالتزام بالمبادئ الأخلاقية والقانونية لضمان الحفاظ على حقوق الأفراد وحمايتها.ما 

 

صور الأقمار الصناعية: عين العدالة الثاقبة على الجريمة.

 

للاطلاع على دور الصور الفضائية في الإثبات الجنائي يرجى زيارة :

https://maglor.fr/arabe/dwr-alaqmar-alsnayt-fy-kshf-shhwd-alzwr-w-thqyq-aldalt-aljnayyt

{ يتبع }

Partager sur :