Partager sur :

المحاكمة العادلة في المغرب : كيف يوازن القاضي بين سرعة البتّ وجودة الحكم؟

📍جنيف سويسرا 

القاضي بين ضغط الملفات ومتطلبات المحاكمة العادلة… معادلة صعبة في سياق العدالة المغربية

في ظل الوتيرة المتسارعة لتنامي القضايا المعروضة على المحاكم، يطرح واقع العدالة المغربية تساؤلات موضوعية حول قدرة القاضي، في ظل الإكراهات اليومية، على التفرغ الكافي لكل ملف بما يتيحه من حيثيات دقيقة وأدلة متشعبة وحجج متعارضة.

إذ لا يخفى أن بعض الملفات قد تتجاوز مئات الصفحات، مما يتطلب وقتاً هادئاً وتأملاً قانونياً معمقاً، ضماناً لمبادئ المحاكمة العادلة، التي تعد من ركائز العدالة الحديثة، خاصة فيما يتعلق بحق القاضي في الاطلاع الكافي والوافي على تفاصيل الملف والتحقق من صحة المستندات والمعطيات المقدمة.

غير أن ضغوط العمل التي يعيشها الجسم القضائي اليوم، قد تُفضي في بعض الحالات إلى ما يمكن وصفه بعدالة تحت الإكراه؛ حيث يجد القاضي نفسه أمام معادلة صعبة: بين حرصه على احترام الآجال القانونية وتفادي تراكم الملفات من جهة، وبين ضرورة إعمال التروي والتبصر في إصدار الأحكام من جهة أخرى.

وفي مثل هذا السياق، يصبح الخطر قائماً على جوهر العدالة، إذ أن الحكم القضائي، في نهاية المطاف، ليس إجراء شكلياً أو وثيقة إدارية، بل مسؤولية قانونية وأخلاقية بالغة الأهمية، تمس حياة الأفراد وتؤثر في مصائرهم، وتبقى شاهدة أمام الله والقانون والمجتمع.

لذلك، تبدو الحاجة ماسة اليوم إلى مقاربات جديدة تُعيد التوازن بين متطلبات النجاعة القضائية وضمانات جودة الأحكام، بما يساهم في صون ثقة المواطن في العدالة، ويدعم السلم الاجتماعي، ويعزز من مكانة القضاء كسلطة مستقلة قائمة على مبادئ الدقة والعدل والإنصاف.

تبقى هناك أسئلة عالقة حو  التحديات والضغوط تستوقف كل متأمل في واقع العدالة، لاسيما في السياق المغربي، حيث تتزايد الضغوط وتعقيد الملفات القضائية من أبرزها 
. كيف يؤثر ارتفاع عدد القضايا وتشعبها على قدرة القضاة على دراسة كل ملف بما يكفي من العناية؟ 
. ما هي أبرز مظاهرما يمكن تسميته بـ "العدالة تحت الإكراه" التي قد تنشأ نتيجة لضغوط العمل على القضاة في السياق المغربي؟
. إلى أي مدى يمكن أن يؤثر ضغط احترام الآجال القانونية وتفادي تراكم الملفات على جودة الأحكام الصادرة؟

وفي خضم هذه الأسئلة، يبرز سؤال محوري عميق الأثر، يُعد جوهريًا وعميق الأثر في سياق مناقشة التحديات التي تعترض طريق العدالة، لاسيما في ظل الضغوط المتنامية وتزايد الأعباء على المنظومة القضائية. فهو لا يلامس فقط جوهر عمل القاضي، بل ينفذ إلى لبّ علاقته بمبدأ المحاكمة العادلة وضماناتها الأساسية.

فكيف يمكن للقاضي، وهو يواجه ضغوط العمل اليومية وتراكم الملفات وتعقيد القضايا، أن يوفّق بين هذه التحديات وبين واجبه الجوهري في التمحيص الدقيق للأدلة، وقراءتها بفهم عميق، والتثبت من صحتها ومشروعيتها؟ وكيف يمكنه، وسط كل ذلك، أن يظل ضامنًا فعليًا لحقوق الأطراف، وحاميًا لمبادئ العدالة، وراعيًا لمتطلبات المحاكمة العادلة في أسمى تجلياتها و بكل أبعادها القانونية والإنسانية ؟

 في ختام هذا التحليل، يظل السؤال قائماً بإلحاح ينبع من ضمير العدالة: إلى أي حد يمكن لشجرة العدالة أن تثمر عدلاً كاملاً إن كانت جذورها غارقة في فيضان القضايا المتراكمة؟ وهل تظل عين القاضي قادرة على التبصر بالحقيقة وسط غبار الضغوط المتسارعة؟

{ الجزء التاني : يتبع }

 

للاطلاع على المزيد، يُرجى زيارة الرابط التالي : 

https://maglor.fr/arabe/raht-alqady-dmant-ldalt-almwatn


 

Partager sur :