Partager sur :

الرحامنة :مدينة ابن جرير حاضرة الفوسفاط مشتل حقيقي للإبداع

إقليم الرحامنة :مدينة ابن جرير حاضرة الفوسفاط مشتل حقيقي للإبداع.

بقلم المبدع والروائي والقاص مصطفى لغتيري

رغم ان " ابن جرير" عرفت بين الناس بكونها مدينة عبور، أهلها لذلك موقعها المتميز ، يتقاطع فيها سير المسافرين شرقا وغربا شمالا وجنوبا، يحتمي بها المسافر من تعب السفر، يحط بها الرحال للحظات معدودة، كافية لتمنح الجسد فرصة لالتقاط أنفاسه،  من أجل استئناف رحلته نحو وجهته المرغوبة، فتكون تلك اللحظات فرصة سانحة لتجعله يتذكر المقامة البغدادية لبديع الزمان الهمذاني في شقها المتعلق بالشواء ولذته، التي تبيح لمن اشتهاه أن يطرق جميع السبل من أجل الظفر بذاك الشواء الذي " يتقاطر عرقا، وتتسايل جذابته مرقا"، حتى وإن ركب مطية التحايل.
 رغم هذه الصفة اللازمة التي التصقت بالمدينة زمانا طويلا، إلا أنها حافظت على أبنائها البررة مقيمين بين جدرانها الحمراء، تحيطهم بعطفها وحنانها، فيحتمون بذلك من قسوة القيظ، ونكران الزمان أحيانا، متكاثفين فيما بينهم، من أجل السير قدما بهذه الحاضرة الواعدة، التي ما فتئت تنمو وتعلن عن نفسها كمدينة قامة بثبات نحو المستقبل.
إنها حاضرة الرحامنة، التي ما أن يحبك اهلها حتى يمحضوك بحب لا مثيل له، وقد ربطت علاقة معها منذ زمن طويل، وكان ومايزال عراب هذه المحبة الأديب عبد الغفور خوى، الذي رغم تعاقب الزمان وتغير الأحوال ظل على العهد وفيا، وللصداقة والصدق حافظا ومحافظا، وما بدل تبديلا. قد أغيب عنه شهورا وسنين، لكن ما أن نلتقي حتى أشعر وكأن التواصل بيننا لم تنقطع عراه ابدا، وأنى لها أن تنقطع، ونحن دائما الإطمئنان على بعض، رغم بعد المسافة بيننا، التي لم  تستطع ابدا أن تبعد القلوب عن بعض.
حين اتصل بي العزيز عبد الغفور خوى مقترحا علي أن أكتب تقديما لكتاب، جمع بين دفتيه إبداعات التلاميذ، اسعدني أن أكون جزءا من هذا المشروع التربوي الواعد والهادف، وانا ذلك الشخص الذي آمن دوما بقدرة الشباب على أن يبلغوا في كل الميادين شأوا كبيرا إن وجدوا العون متاحا، واليد الحنون التي تربت بلطف على أكتافهم، والأصبع الذي يشير لهم نحو الوجهة الصحيحة، التي يمكنهم ان يولوا وجوههم قبلها. 
بكثير من الحرص والحب ،قرأت تلك النصوص ونقبت بين طياتها على مكان الجمال وابرزته واحتفيت به، وغضضت الطرف عن بعض العيوب، التي لا يخلو منها عمل مهما كانت قوته، هدفي من ذلك ان يشعر هؤلاء المبدعون الواعدون ان الطريق سالك لهم من أجل أن  يمضوا في طريق الإبداع، الذي رغم صعوبة الخوض فيه يستحق المجازفة وبذل الجهد، لتحقيق ما تصبو إليه النفوس وتهفو إليه الأفئدة.
حدسي لم يخب، فقد بدأ في عيون أولئك الشباب ذلك البريق، الذي يؤججه الزهو بما حققته الذات من نجاح، ظهر ذلك واضحا على سحناتهم، كانوا في حركاتهم وسكاناتهم أبطالا حقيقيين، يجودون بابتسامة الظفر، ويبنون في الخفاء أحلاما لما سيحققونه مستقبلا من إنجازات، تجعلهم يفخرون بأنفسهم وتفخر بهم مدينته، أمهم الرؤوم التي احتضنتهم في هذه اللمة البديعة، التي أطرتها مؤسسة تربوية يسيرها رجل نشيط، يؤمن بأن العمل الجاد لا بد ان يعطي أكله، ويتعلق الأمر بالأستاذ اسليماني مدير ثانوية الشهيد صالح السرغيني، يسانده في ذلك لفيف من جمعيات المجتمع المدني ومن بينها جمعية جذور برئاسة الأستاذ عياش.
وما أن انتهى الحفل حتى كانت شجرة المحبة قد امتدت فروعها لتظللنا بظلها الوارف،  ضيوفا ومقيمين، وتزرع في قلوبنا المزيد من الحب والتقدير لهذه الحاضرة التي اختارت ان تظل وفية لأصدقائها ولأبنانها البررة ولمبدعيها الناشئين

Partager sur :